مـهــربــات بـــدون جـــمـــرك

بإمكان الجمارك رفع شعبيتها بطريقة عجائبية إذا ما أقدمت على توزيع كمية الفياغرا التي صادرتها مؤخرا على المواطن دون جمرك وفقا لبيانات طبية أو عن طريق مراكز وزارة الصحة , فحسب تصريحات سابقة للدكتور كامل العجلوني يعاني نصف الأردنيين من خلل في حياته الجنسية والكمية المُصادرة تكفي لتنشيط حياة 75 الف اسرة وهذا رقم كبير بكل المقاييس ويكفي لمرور شهر من الاسترخاء اذا ما تم استخدام الحبة الزرقاء على دفعتين.
مضبوطات الحبة الزرقاء ورغم طرافتها تفتح الباب لأسئلة مشروعة عن شكل تعاطي دائرة الجمارك وباقي المؤسسات مع المضبوطات أو المهرّبات التي تأتي عبر المنافذ الحدودية وامكانية الاستفادة منها للاسر الفقيرة او فروع المؤسسات الاستهلاكية او الجهات الخيرية التي تشتري من الاسواق لصالح الفقراء , فحجم المضبوطات كبير ومعظمها اجهزة كهربائية وسجائر والبسة , ويمكن توفير مبالغ طائلة من استثمار هذه المواد المُصادرة لصالح الفقراء .
في الظروف الصعبة تلجأ الدول الى ابتكار موارد جديدة كي تحقق من خلالها عنصر التوازن الاجتماعي وتوفير نافذة للامان الاجتماعي تسهم بتحقيق عدالة اجتماعية بدل اعادة بيع المُهربات بأسعار بخسة لتجار يعيدون تدويرها في الاسواق بأسعار تجارية , فثمة بضائع كثيرة تُباع بدل ارضيات الجمرك او الغرامات المترتبة على البضائع المُهربة او غرامات التأخير .
التهريب ليس صفة اردنية او سلوك تجاري عام بل هو استثناء في الاسواق المحلية وبالتالي يجب التعاطي معه بطريقة استثنائية بحيث يستفيد المواطن البسيط من هذه البضائع اما بتحويل اموالها الى صندوق المعونة او الجمعيات الخيرية او بيعها لمؤسسات خيرية تقوم بتوزيعها على الفقراء حتى يشعر المواطن بضرورة دخوله في الحرب على التهرييب الذي يستنزف موارد اقتصادية مهمة ويقلل الدخل العام للخزينة لأن عائدات مضبوطات التهريب تصبح له وللفقراء والبسطاء , ويصبح طرفا رابحا في الحرب على التهريب بدل الصمت السلبي الذي نمارسه جميعا حيال البضائع المهربة .
نعيش اللحظة الحرجة في الاقتصاد وهي النقطة التي اما ينطلق منها الاقتصاد الى الأعلى ونستفيد جميعا واما ننزلق الى الركود والخراب -لا سمح الله - واحد اخطر الظواهر السلبية على الاقتصاد الكُلي هو الاقتصاد الموازي " تهريب بائعون جائلون بسطات وما شابه " وهذه لها نسبة يعرفها خبراء الاقتصاد في كل دول العالم وظن الاردن قد تجاوز هذه النسبة بأضعاف مضاعفة نتيجة اقبال المواطن على توفير دراهم قليلة في السعر مقابل ضياع الآلاف على الخزينة العامة موازنات البلديات والامانة .
الفياغرا وطرافة توزيعها مُدخل الى اقتراح آلية لعوائد البضائع المُهربة بخاصة أن الخزينة بالعادة تقوم بتحصيل غرامات من الذي قام بتهريب البضاعة ولا ضير بأن تتحول البضاعة الى منافذ البيع المُباشر عبر المؤسسات المدنية والعسكرية او ان تُباع لصالح الفقراء ومؤسسات الخدمة الاجتماعية والجمعيات الخيرية فثمة فقراء كُثر ينتظرون مساعدة في ظل اجواء اقتصادية صعبية واحوال جوية سيئة.
تحويل عوائد ضبط المهربات الى المواطن على شكل بضاعة قليلة السعر او لصالح اعمال الخير سيسهم في تعزيز ثقة المواطن بالدولة وسيجعل المواطن حارسا أمينا على مصادر الدخل القومي وسيكون العِون الاكبر للجهات التي تطارد التهريب والمهربات على كل اشكاله سواء البضائع او المهربات الخطرة من اسلحة ومخدرات ونحن بأمس الحاجة الى عين المواطن في ضبط الحدود وضبط الأسواق وكل نقطة في الوطن .
omarkallab@yahoo.com