مبالغة في الإنفاق الرأسمالي

أخبار البلد - د. فهد الفانك

 
 
 
من المعتاد أن ينظر الاقتصاديون إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي باعتباره خطوة إيجابية من شأنها تحفيز الاقتصاد الوطني وتحقيق نسبة أعلى من النمو.

هذا الإدعاء صحيح لو كانت زيادة النفقات الرأسمالية تتم على حساب النفقات الجارية، أما إذا كان النوعان من النفقات في حالة ارتفاع كما هو الحال، وإذا كان تمويل جانب كبير من النفقات يتم عن طريق القروض وتراكم الدين العام، فإنه يصبح من الواجب محاولة تخفيض كل أنواع الإنفاق دون استثناء النفقات الرأسمالية.
لا فائدة من زيادة التفقات العامة إذا كانت ممولة بالعجز، فإذا كان الإنفاق يشكل إضافة إيجابية للناتج المحلي الإجمالي فإن العجز يمثل تخفيضاً سلبياً له.
في الحالة الأردنية يمكن تخفيض النفقات الرأسمالية إلى النصف تقريباً عن طريق الاكتفاء بالمشاريع الممولة من المنحة الخليجية، لأن ما زاد عن ذلك سيكون ممولاً من الديون التي تضخمت لدرجة تهدد الاستقرار الاقتصادي.
أغلب الظن أن الجزء الأكبر مما يسمى نفقات رأسمالية غير ممولة بالمنحة الخليجية هو في الواقع نفقات متكررة، ويجب أن تعاد إلى مكانها الصحيح ضمن النفقات المتكررة التي تفاقمت لدرجة غير مقبولة.
نقطة الضعف وموطن الخطر في الاقتصاد الأردني كانت وما زالت تكمن في المالية العامة، أي الموازنة العاجزة والمديونية المتزايدة. وهذا وضع غير قابل للاستمرار.
اعتقدنا أن برنامج التصحيح الاقتصادي الذي وضعته الحكومة السابقة وقبله صندوق النقد الدولي، سوف يعالج الاوضاع المالية الشاذة، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث هذه السنة ولا يبدو أنه سيحدث في السنة لاقادمة.
لو كان الإنفاق الرأسمالي للحكومة مجدياً ومحركأ فعالاً للنمو الاقتصادي، فإن إنفاق 3ر1 مليار دينار سنوياً في هذا الباب يجب أن ينتج قيمة مضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 450 مليون دينار، تشكل حوالي 7ر1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي دفعة إلى الأمام تضاف إلى عوامل النمو الأخرى التي تولدها القطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصة قطاع الخدمات.
يذكر أن بند الأجور والرواتب المدنية والعسكرية، العادية منها والتقاعدية والمدرجة ضمن النفقات الجارية، سوف يتجاوز هذه السنة 6ر4 مليار دينار، يشكل إضافة (إحصائية) للناتج المحلي الإجمالي تزيد عن الخمس ولكنه يحقق نموأً يقل عن 5ر1% بالأسعار الثابتة أو 3ر0% من النمو الكلي.
لو صدقت هذه الحسابات، فإن الإنفاق العام، بجناحيه الجاري والرأسمالي، يحقق نموأً في حدود 2ر3%، وهي نتيجة تفترض أن جميع القطاعات الأخرى لا تحقق نموأً. وبما أن القطاعات الأخرى تحقق نمواً، فإن جدوى الإنفاق الرأسمالي وحصته من النمو يجب أن تكون أقل مما ذكرناه أعلاه.