دوافع مبادرة كيري وتحركاته
حماده فراعنه
حققت إدارة الرئيس باراك أوباما نجاحين في منطقتنا العربية والإسلامية، هما أولاً: وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، وثانياً: تسليم الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها. وقد وصف أوباما ذلك، على أنه إنجاز للولايات المتحدة وخدمة لمصالحها القومية، مثلما اعتبره حماية لإسرائيل وأمنها.
إنجازات واشنطن مع طهران ودمشق لم تتحقق على خلفية هزيمة النظامين، الإيراني والسوري، بل تم ذلك على أرضية التوافق والتسوية والتفاهم الأميركي الروسي، والتوصل إلى حلول وسط، فالولايات المتحدة لا ترغب بالتورط بأي عمل عسكري مع إيران وسورية حتى لا يتكرر لها ما حصل في أفغانستان والعراق، حيث سمحت لها قدراتها العسكرية وتفوقها بإسقاط نظامي البلدين، ولكنها فشلت في إيجاد البديل، وهرولت بالانسحاب أمام شدة الضربات التي تلقتها، وعدد الجنود الذين تساقطوا تباعاً، في كلا البلدين.
وإيران رضخت للتسوية بسبب ضيق ذات اليد والأزمة المالية والحصار الاقتصادي الخانق الذي فاقم مشاكلها، بينما سورية رضخت للتسوية بعد الدمار الذي أصابها، وجيشها الذي صمد في وجه المعارضة المسلحة، ولكنه فشل في إنهائها والانتصار عليها، وبات في وضع صعب، أنقذته المبادرة السياسية، ورفعت من معنوياته، واتسع حجم إنجازه ميدانياً أمام تراجع المعارضة وتفسخها.
في ظل هذا الوضع، حقق الأميركيون إنجازات سياسية ودبلوماسية على الجبهتين الإيرانية والسورية، دون أن يدفعوا ثمناً سخياً مقابل ما حققوه.
الإنجاز الأميركي على الجبهتين الإيرانية والسورية، حفز الأميركيين للعمل على محاولة اختراق الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، مستثمرين حالة الفلتان والفوضى السياسية في العالم العربي، على إثر ثورة الربيع العربي، ومحاولين توظيف حالة الضعف العربي بسبب انشغال القاهرة ودمشق وبغداد بظروفهم الداخلية المدمرة، وضعف الحالة الفلسطينية وانقسامها، للتوصل إلى تسوية غير عادلة وغير واقعية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، آخذة بعين الاعتبار المصالح التفصيلية الإسرائيلية التي تخدم توجههم التوسعي الاستعماري، غير مكترثين بحقوق الفلسطينيين التاريخية وتنازلاتهم وتضحياتهم في سبيل الوصول إلى أعلى ما يستطيعون الوصول إليه، فقد تنازلوا كما يقول علي الجرباوي، في مقالته التي نشرتها الـ "نيويورك تايمز"، عن 78 بالمائة من مساحة وطنهم ليقبلوا فقط بـ 22 بالمائة، ليجدوا أن الإسرائيليين يعملون على تقاسمهم ما قبلوا به، وبأدنى من السيادة التي يستحقونها.
مشروع كيري بمجمله يقوم على توسيع ولاية السلطة الوطنية لتشمل 42% من مساحة الضفة الفلسطينية، بعد اقتطاع 1- القدس و2- الأراضي الواقعة غرب الجدار و3- الغور الفلسطيني منها، وتأجيل البت بها خلال المرحلة الانتقالية المؤقتة، ليتحول ما هو انتقالي إلى دائم، مع عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 48، التي طردوا منها وممتلكاتهم على أرضها.
جون كيري بعد إنجازيه في إيران وسورية يتطلع إلى المنافسة في الوصول إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة، وهذا سبب نشاطه الدؤوب، وإخلاصه في العمل، وتنقلاته المتتالية غير المترددة وتفانيه للوصول إلى حل، فهو يرى أن إنجازه في فلسطين سيمكنه من التنافس على منصب الرئاسة الأميركية، ولو تم ذلك على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه.
اليمين الإسرائيلي، لديه القابلية، لإعطاء الفلسطينيين دولة عظمى على ما تبقى لهم من الضفة الفلسطينية الواقعة بين الجدارين موصولة مع قطاع غزة المفتوح على البحر وعلى العالم، وهذا ما يفعله كيري وما يسعى إلى تسويقه، على شكل حل انتقالي وحدود مؤقتة، والباقي تفاصيل تجميلية لا تأثير لها على الحل النهائي:
دولة فلسطين العظمى بين الجدارين مع قطاع غزة.
h.faraneh@yahoo.com
حققت إدارة الرئيس باراك أوباما نجاحين في منطقتنا العربية والإسلامية، هما أولاً: وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، وثانياً: تسليم الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها. وقد وصف أوباما ذلك، على أنه إنجاز للولايات المتحدة وخدمة لمصالحها القومية، مثلما اعتبره حماية لإسرائيل وأمنها.
إنجازات واشنطن مع طهران ودمشق لم تتحقق على خلفية هزيمة النظامين، الإيراني والسوري، بل تم ذلك على أرضية التوافق والتسوية والتفاهم الأميركي الروسي، والتوصل إلى حلول وسط، فالولايات المتحدة لا ترغب بالتورط بأي عمل عسكري مع إيران وسورية حتى لا يتكرر لها ما حصل في أفغانستان والعراق، حيث سمحت لها قدراتها العسكرية وتفوقها بإسقاط نظامي البلدين، ولكنها فشلت في إيجاد البديل، وهرولت بالانسحاب أمام شدة الضربات التي تلقتها، وعدد الجنود الذين تساقطوا تباعاً، في كلا البلدين.
وإيران رضخت للتسوية بسبب ضيق ذات اليد والأزمة المالية والحصار الاقتصادي الخانق الذي فاقم مشاكلها، بينما سورية رضخت للتسوية بعد الدمار الذي أصابها، وجيشها الذي صمد في وجه المعارضة المسلحة، ولكنه فشل في إنهائها والانتصار عليها، وبات في وضع صعب، أنقذته المبادرة السياسية، ورفعت من معنوياته، واتسع حجم إنجازه ميدانياً أمام تراجع المعارضة وتفسخها.
في ظل هذا الوضع، حقق الأميركيون إنجازات سياسية ودبلوماسية على الجبهتين الإيرانية والسورية، دون أن يدفعوا ثمناً سخياً مقابل ما حققوه.
الإنجاز الأميركي على الجبهتين الإيرانية والسورية، حفز الأميركيين للعمل على محاولة اختراق الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، مستثمرين حالة الفلتان والفوضى السياسية في العالم العربي، على إثر ثورة الربيع العربي، ومحاولين توظيف حالة الضعف العربي بسبب انشغال القاهرة ودمشق وبغداد بظروفهم الداخلية المدمرة، وضعف الحالة الفلسطينية وانقسامها، للتوصل إلى تسوية غير عادلة وغير واقعية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، آخذة بعين الاعتبار المصالح التفصيلية الإسرائيلية التي تخدم توجههم التوسعي الاستعماري، غير مكترثين بحقوق الفلسطينيين التاريخية وتنازلاتهم وتضحياتهم في سبيل الوصول إلى أعلى ما يستطيعون الوصول إليه، فقد تنازلوا كما يقول علي الجرباوي، في مقالته التي نشرتها الـ "نيويورك تايمز"، عن 78 بالمائة من مساحة وطنهم ليقبلوا فقط بـ 22 بالمائة، ليجدوا أن الإسرائيليين يعملون على تقاسمهم ما قبلوا به، وبأدنى من السيادة التي يستحقونها.
مشروع كيري بمجمله يقوم على توسيع ولاية السلطة الوطنية لتشمل 42% من مساحة الضفة الفلسطينية، بعد اقتطاع 1- القدس و2- الأراضي الواقعة غرب الجدار و3- الغور الفلسطيني منها، وتأجيل البت بها خلال المرحلة الانتقالية المؤقتة، ليتحول ما هو انتقالي إلى دائم، مع عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 48، التي طردوا منها وممتلكاتهم على أرضها.
جون كيري بعد إنجازيه في إيران وسورية يتطلع إلى المنافسة في الوصول إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة، وهذا سبب نشاطه الدؤوب، وإخلاصه في العمل، وتنقلاته المتتالية غير المترددة وتفانيه للوصول إلى حل، فهو يرى أن إنجازه في فلسطين سيمكنه من التنافس على منصب الرئاسة الأميركية، ولو تم ذلك على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه.
اليمين الإسرائيلي، لديه القابلية، لإعطاء الفلسطينيين دولة عظمى على ما تبقى لهم من الضفة الفلسطينية الواقعة بين الجدارين موصولة مع قطاع غزة المفتوح على البحر وعلى العالم، وهذا ما يفعله كيري وما يسعى إلى تسويقه، على شكل حل انتقالي وحدود مؤقتة، والباقي تفاصيل تجميلية لا تأثير لها على الحل النهائي:
دولة فلسطين العظمى بين الجدارين مع قطاع غزة.
h.faraneh@yahoo.com