اتركوا الطبقة الوسطى بحالها
لم تتأثر الحكومةبكل ما قيل، وما سيقال، عن الضرر الذييوقعه مشروعقانون الضريبةالجديد بالطبقةالوسطى؛ فهي ماضية في تقديم المشروعإلى مجلسالنواب، بالصيغةالتي أوصىبها صندوقالنقد الدوليتماماً.الخطر الأكبر والأهمفي مشروعالقانون، هو تخفيض قيمةالإعفاءات الممنوحةللأفراد والأسر،وزيادة نسبةالضريبة عليهمفي آن. ما يعنيتوجيه ضربةقوية للأسرذات المداخيلالمتوسطة، قد تنزلق نتيجةلها إلى ما دون الطبقة الوسطى،ولتفقد هذه الأخيرة جزءاًغير يسيرمن مكوناتها.الظاهر أن الحكومة لا تفكر إلى أبعد من أنفها، وجل طموحها جني 200 مليون دينارإيرادات جديدةمن ضريبةالدخل، تنفيذالاشتراطات "الصندوق".الحكومة حسمتالخيارات، ولم تلتفت للطبقةالوسطى التيتمطرنا الحكومةكل يوم بالحديث عن حمايتها؛ وفي هذا تطبيقللمثل الشعبي: "أسمع كلامكأصدقك.. أشوف أمورك استعجب". الحكومة رفعتيديها مستسلمة،اعترافا بعجزهاعن ابتكاروسائل تحاصرالتهرب الضريبيمن دون المس بالطبقةالوسطى؛ ما دفعها إلى الاستقواء أكثرعلى من يطبق القانون. فالانسحاب من معركة التهربالضريبي وتركالساحة للمتهربين،كان القرار،وكأن السلطةالتنفيذية تقسوعلى من يحترم القانونمن جديد،وتعفو عمن يخالف!القضية سياسية بامتياز،جوهرها تنازلمعلن عن شعار استعادةهيبة الدولةالذي رفعتهالحكومة الحالية؛فعن أي هيبة يتم الحديث وثمةآلاف يتهربونمن تسديدالضريبة ويخالفونالقانون، أمامنظر الحكومةالعاجزة إزاءذلك، أو هكذا تبدو؟!يا سادة! سيادة القانونوالهيبة في موضوع الضريبة،لا تقل أهمية عن محاربة سرقةالمياه والكهرباءوالسيارات؛ فالضررالواقع من التهرب الضريبي،ليس أقل من كل الانتهاكات الأخرى،وهو نموذجقوي يؤكدالاستقواء على القانون، وعلىالسلطة التنفيذيةبعجزها عن محاصرة المتهربينمن الضريبة،بمبالغ تقدربحوالي 800 مليون دينار، تشكلأربعة أضعافما تطمحالحكومة إلى تحصيله عبر لجوئها إلى تعديل القانون.الإصرار الحكوميعلى سن تشريع جديدللضريبة غير مبرر، اللهمإلا بتحقيقرغبات صندوقالنقد الدوليالذي يتوفرلديه فهم خاطئ حول العبء الضريبيعلى الفردالأردني. إذ يظن "الصندوق" أن الشرائحالمعفاة من ضريبة الدخلواسعة، وهذاصحيح؛ وأن المعايير العالميةتقضي بأن تتقلص نسبةالإعفاء. لكن ذلك يتم مع عدم اكتراث المؤسسةالدولية بكل الدراسات التيتؤكد أن إجمالي العبءالضريبي على الفرد الأردني،من مختلفالضرائب والرسوم،يفوق كل المعايير الدولية،وأن المواطن،ولله الحمد،يدفع ضرائبأعلى بكثيرمن قدراته.لم يبقَبعد أن صمّت الحكومةأذنيها، سوى التوجه إلى ممثلي الشعب،النواب خصوصاً،لحماية قواعدهمالانتخابية من القانون الجديد؛بالإبقاء على الوضع القائمفي موضوعالإعفاءات ونسبالضريبة، وتشديدالعقوبات على المتهربين، والطلبمن الحكومةوضع تصورواقعي لتحقيقهذه الغاية.الكرة اليومتحت قبة البرلمان؛ فإماأن يقف ممثلو الشعبمع الطبقةالوسطى، ويحمواما تبقىمنها، أو أن يكونوافي جبهةالحكومة، فيوجهواالطلقة الأخيرةلهذه الشريحة. قانون الضريبةهو معركةالطبقة الوسطىالتي يلزمأن تخرجعن صمتها،لتقول بالصوتالعالي: لا لقانون الضريبةالجديد، ولا لفرض مزيدمن الضرائب. اتركوا الطبقةالوسطى بحالها،فما حل بها يكفيها. والقضية لم تعد جني إيرادات، بل استقرار المجتمع.فالضريبة لم تعد قضيةمالية، بل هي سياسيةبامتياز. وفي الدول الديمقراطية،يُحسم مصيرقادة ورؤساءتبعا للسياسةالضريبية التييقدمونها.يا حكومة، كفى تنكيلا بالطبقةالوسطى!jumana.ghunaimat@alghad.joJumanaghunaimat@