ألف بيضة وبيض


 

«أمر الله» ألا يكون سعر النفط بأيدينا ، وبالتالي رغماً عنّا نرضى بالعرض والطلب العالمي وجنيّات «برنت» وزناخة «أوبك»، ورغماً عنا نرضى كذلك بــ «ذمّة» الحكومة الواسعة في التسعير والتعسير على الشعب الراجف برداً من باب حكم القوي على الضعيف، لكن أن يصل الأمر أن نفقد السيطرة على أرضنا وسوقنا ومزارعنا ،ونترك المواطن يصارع «لقمة العيش» عارياً جائعاً ونصفق لابتزازه ،بدلاً من أن تقف الحكومة إلى جانبه وتقوم بكتابة سطر واحد فقط ، يفتح فيه الاستيراد أو يغلق فيه التصدير.
تخيّلوا أن يصل سعر كرتونة البيض هذا الأسبوع إلى أربعة دنانير وربع. يعني البيضة الواحدة صارت بـ»15» قرشا ما يعادل ثمن طلقة «كلاشنكوف» قبل االثورة السورية..
أنا فقط أريد أن أفهم هل يفطر الديك – ملعون الحرسي- على «كاجو» ويتعشّى على «جوز المكاديميا» حتى يرتفع سعر البيض الى هذا الحدّ. ثم ما الذي يرفع سعر هذا المنتج الى أكثر من 30% في غضون أيام فقط ..بينما بالمقابل ينخفض سعر غرام الذهب 30% ايضاَ...هل ستفكّر الحكومة قريباً بربط سعر الدينار بالبيض بدلاً من الدولار لأنه أضمن وأثبت لها؟!.
قد يبرر البعض الارتفاع إلى قلة الإنتاج بسبب فصل الشتاء وانخفاض الحرارة..وهذا قد يبدو صحيحاً لكنه ليس السبب الوحيد، ففي الصيف - موسم «البيض» - حيث تصل درجة الحرارة 40الى درجة مئوية لم ينزل سعر الكرتونة عن الثلاثة دنانير ونصف..من جانب آخر في كل مزرعة دواجن هناك على الأقل 10 اسطوانات غاز تشتغل 24 ساعة لتدفئة «الهوانم»...بينما أنا الكاتب صاحب الوظيفة «الميري» ليس عندي سوى جرة واحدة للمطبخ وأخرى لصوبة الأولاد!.ومع ذلك أنتج كل يوم مقالاً و»كرتونة» بوستات على الفيسبوك وبــ»صفارين»!!.
سقا الله أيام زمان..قبل ربع قرن كانت أمي تملك أسطولاً من الدجاج البلدي،بحيث لم نكن نعرف «بيض المزارع ولا حتى دجاجه»..وأذكر أول مرة شاهدت فيها كرتونة بيض فارغة في الشارع اعتقدت أنها «باكيت سولفانة»!!..
فالدجاجات العتيقات كن يتمتّعن بخصوبة عالية..حيث ينتجن يومياً ضعف حاجتنا، الأمر الذي كان يحفز أمي أن تقوم بإرسال الفائض الى «نفساوات» الحارة و الحارات المجاورة، وما من طفل كسرت يده أو فكّت قدمه ، او ختيارة أو ختيار أجرى عملية «ميه زرقا» إلا و»شلخ» الأخ 10 بيضات بلديات!..
قبل عامين حاولنا تجديد أسطول الوالدة، رغبة منا في إكمال المسيرة والوصول الى الاكتفاء الذاتي، فأحضرنا من سوق الحرامية خمس دجاجات وديك، الإحصائيات المنزلية تقول أن الفاضلات استهلكن منذ «احترافهن» لدينا ستة أكياس شعير وأنتجن أربع بيضات فقط..أما الديك فيذكّرني بــ»عدلي منصور» لم اسمع صوته الا مرتين ، الأولى عندما «فطّ قدامه جردون» والثانية عندما تناولته بحجر لأنه قام بفعل مشين أمام الأولاد..
الخلاصة: المشكلة تكمن بالجيل ككل!!.
*كرمة العلي..سكّري ع الجاجات وخبّريهن:
« من بكرة اللي ما بتبيض بمصع رقبتها..أو بحولها ع ديوان المحاسبة»!!