القريه


مهما ملكت المدينة من مقومات الحياة ومباهجها ، ومهما كثرت فيها المولات والمخابز الآلية فلن تستطيع أن تنافس أي قرية بالجمال والعفوية والروعة ، لا أقول هذا الكلام لأنني ابن قرية ، بل لأن الحقيقة تقول ذلك ، وهذا الكلام ينطبق على جميع مدن وقرى العالم ، فالريف مكان للاستجمام وراحة البال .
اليوم أنا أشكو إليكم القرية ، فقد بدأت تخسر شيئاً من جمالها وعفويتها وروعتها ، لقد غزتها حضارة الإسمنت والحجر ، غزتها عادات وتقاليد المدينة السلبية ، وأكثر من ذلك فهي تسعى إلى أن تصبح مدينة كاملة المواصفات ، إننا ما زلنا مع هذا التغير التكنولوجي في حيرة ، هل نسعى إلى تمدين الريف أم إلى تريف المدينة .
أنا بالتأكيد لست ضد التغير التكنولوجي ، ولست ضد التطور في كل مناحي الحياة ، ولكن رفقاً بنا ، يجب علينا أن نحافظ على ما تبقى من ملامح إنسانية يتمتع بها ابن القرية ، علينا أن لا نفقد إنسانيتنا أمام التكنولوجيا ، بل هي لا تطالبنا بهذا ولكننا نسعى إليه ، فلو زرت قرية صغيرة من قرانا الجميلة ليلاً فقد تجد عرس هنا ، وتعليلة هناك ، و" بيت أجر " أي بيت عزاء للذي لا يعرف المعنى ، هذه الصورة لم نكن نعرفها ، ولم تخطر لنا على بال ، فكيف تجرأنا باسم التكنولوجيا والرغبة في المدنية أن نفعل ذلك ؟؟ ألستم معي أن الأمر غريب ، وهذه صورة واحدة من الصور التي شوهت القرية
أذكر هنا حواراً بين أردني ولبنانية عندما وصلوا قرية أردنية سألت اللبنانية : هل هذه ضيعة ؟ " وضيعة في لهجتها بمعنى قرية ، فأجابها : لا هذه ضايعة
هل حقيقة سوف ننتظر ضياع قريتنا