قراءات في عمل الاحزاب الاردنيه

قد تكون من نافلة القول ان الحراك السياسي الحزبي التي بدأت تطفو على السطح منذ سنوات لها ما يبررها فهذه التداعيات وهذه الافرازات تعبر بالضرورة عن حالة نضوج سياسي ووعي حزبي فقد شهد الاردن خلال الاعوام الماضية حالات اندماج حزبية وقومية ووسطية اي احزاب الوسط حيث بات الشارع الحزبي يطلق على تلك الاعوام تسمية " مواسم الوحدة " والصراعات الحزبية.
وينظر حزبيون الى ما بحري على الساحة الحزبية بانه خير دليل على الاستجابة لحجم التغيرات التي حصلت على الساحة المحلية اولا والاقليمية ثانيا والدولية اخيرا في الاونة الاخيرة رصدت " الحياة " هذه التحركات وخرجت بهذا التغيير.

الحزب الوطني الدستوري


جاء الحزب الوطني الدستوري في اطار اندماج احزاب وسطية حيث يعتبر هذا الاندماج هو الاول من نوعه في تاريخ الحياة الحزبية الاردنية نظرا لعدد الاحزاب المندمجة التي صدرت عام2007, ويعرف الحزب نفسه بانه حزب سياسي اصلاحي اردني ينطلق من ثوابت سياسية ابرزها التمسك بالهوية الوطنية والايمان الراسخ بالمصير الوحدوي لابناء الامة العربية واعتبار الاسلام والعروبة هما كيان الامة وهويتها.
فالقضايا العاطفية ( مفهوم القومية القطرية ) التي ركز عليها الحزب الدستوري لم تعد ملائمة لهذه المرحلة فهذه المفردات هي جزء من مفردات المرحلة السابقة ( الحرب الباردة ) ولم تعد بالضرورة مناسبة مع دخولنا القرن الحادي والعشرين الذي يحكمه مفهوم العمل السياسي على قاعدة الليبرالية فهي لغة العصر الى جانب الديمقراطية التي هي مفهوم مهم واساسي واحد اوجه الليبرالية فالديمقراطية هي التعبير الاجتماعي لليبرالية الى جانب العولمة التي هي التعبير الاقتصادي وجوهر الليبرالية كما انه ومن الواضح ان الحزب لم يدرك مسألة غاية في الاهمية وهي ادوات العولمة ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ) والتي تفرض نفسها تحديدا في البلدان النامية التي تحدد المسار الاقتصادي لتلك الدول ( الاردن جزء منها ) في اطار برامج التصحيح الاقتصادي.
ومن الواضح ان الحزب لم يدفع باتجاه التغيرات المطلوبة التي من المفترض ان تأخذ انماطا انسانية ومصلحية بحتة من الوقت نفسه وبقي متمركزا في اطار الوجدانيات والمحاكمات العاطفية ( الوحدة القومية ) وحسب الاستاذ احمد جابر الانصاري الذي قال ان اللغة مفردة من مفردات الارث التاريخي لم تعد تتجاوزه لكنها اي اللغة ليست عاملا مهما للوحدة.

فالعالم اليوم تحكمه المصالح في ظل انهيار شعار الجغرافيا السياسية وتنامي عوامل بناء شعار الجغرافيا الاقتصادية التي اصبحت تحكم العالم فالجغرافيا السياسية اصبحت تمثل مرحلة تاريخية مضت وكان من المفترض ان يتم الحديث والتركيز على العلاقات المصلحية فهي لغة العالم والعصر اضافة الى ان اجتماعا واحدا او اثنين او اكثر لا يعني بالضرورة ان يتم انجاز مشروع سياسي يتضمن ابجديات العمل السياسي المنطلق بايجاد بيانه والقضية الاخرى التي من المفيد عرضها هي الهوية الوطنية والتي تناولها الحزب الى حد ما وهي حسب اعتقادي تأتي في سياق المساومات بين القيادات الحزبية المكونة للحزب الدستوري في الوقت الذي يرى الحزبيون ان موضوع الهوية الوطنية جاء انسجاما مع ما يطرحه بعض قياديي هذه الاحزاب وبالمقابل جاء التركيز والطرح الذي يطرحه القسم الاخر من قياديي دستوري فيما يتعلق بالوجدانيات العاطفية القومية والوحدة ومفاهيمها وادواتها ولكن من الواضح ان هذا الموضوع ( الهوية الوطنية ) جاءت معالجته قصرية ولا تنسجم مع ما هو مطلوب فالاشكالية واضحة وبارزة ليس على قاعدة الطرح الاقليمي بقدر ما تعاني من اشكال حول موضوع بلورتها واخذ بعدها المستقبلي فالهوية الوطنية تفرض حضورها ونحن معنيون بالتأكيد على حضورها من اجل بلورتها للخروج من منظور من يقول ان اشكالية الاردن بهويته وشخصيته فالاردن له شخصيته التي تفرض نفسها على الساحة السياسية وتأخذ خصوصيتها.

وازاء هذا كله فانه لابد من وجود نقاط ضعف ونقاط قوة في البرنامج السياسي ولكن ما يدعونا للحديث ليس النقد من اجل النقد وانما هي وجهة نظر نطرحها لعلها تكون مفيدة لصالح الحزب لقناعتنا بان البرنامج السياسي يلقي باستمرار لغة نظرية اهميته تكمن باسقاطه على ارض الواقع ويبقى السؤال الى من تسند زعامة الحزب وهل ستتطور الامور بين قيادات الصف الاول ? خصوصا وان هناك معلومات يجري تداولها في الاوساط الحزبية بان هناك شبه خلافات بينهم وفيما يخص احزاب اليسار فان هاجس الوحدة او الاندماج كان ولا يزال الشغل الشاغل لهم وتبقى هذه المسألة على رأس اجندة هذه الاحزاب وفي هذا الاطار فقد عملت " الحياة " ان عدة اجتماعات قد حضره شخصيات يسارية عقد في احدى المنتديات بهدف تشكيل منبر الماركسين لكن وحدة اليسار تصدرت الاجتماع انطلاقا من ضرورتها الموضوعية حيث تم التحاور والتشاور في هذه المسألة والان الموضوع لا يمكن انجازه في جلسة واحدة فقد اتفق المجتمعون على ان يتم عقد لقاء اخر في خضم ما يجري على الساحة خصوصا مع تكاثر الاحزاب تبعا للقوانين الجديدة التي صدرت قبل اعوام وبحضور عدد اكبر من الشخصيات والقيادات الحزبية واليسارية اضافة الى المستقلين من خارج الاحزاب التقليدية.
وحسب ما رشح من معلومات فانه من المتوقع ان يتم مناقشة فكرة وحدة اليسار والتي كانت محل اجتماع الحضور في اجتماعات ماضية وحاضرة حيث ابدى الحضور رغبتهم في الوحدة وعلى ذات الصعيد اوضحت مصادر حزبية ل¯ " الحياة " ان اللقاءات بين احزاب اليسار ليست جديدة وهي مستمرة منذ سنوات لبحث هذه المسألة حيث يتم التداول فيها بشكل يأخذ طابع السرية في هذه المرحلة بالذات وذكرت ذات المصادر ان احزاب اليسار الان تسعى مرحليا لتشكيل قائمة متنوعة لمواجهة الانتخابات النيابية فقط وموضوع حزب اليسار الواحد سيكون موضوع نقاش واسع خلال الفترة القادمة وفي هذا الاتجاه اعرب حزبيون عن عدم تفاؤلهم لفكرة وحدة اليسار مشيرين الى قياديي احزاب اليسار لا يدعون انهم يسعون في الوحدة وانما بهدف تشكيل جبهة وحدة.

ويرى مراقب حزبي ان العمل السياسي ليس موسميا كما انه ليس ردود افعال فاذا اندمجت احزاب الوسط لا يعني بالضرورة ان يصبح هذا الاندماج هو صرعة المرحلة حتى يزاود كل تيار حزبي على الاخر واضاف ان لكل شيء خصوصية فاليسار له خصوصية والوسط له خصوصيته والقوى الاسلامية والقومية كذلك ومن المتوقع ان تخرج الاحزاب القومية بصيغتها النهائية في اطار الجبهة القومية الديمقراطية خلال شهر من الان وينضوي تحت لواء الجبهة كل من احزاب البعث الاشتراكي والبعث التقدمي والارض العربية والعمل القومي وهي انتاج لسلسة من الحوارات واللقاءات ادركت الحاجة الموضوعية لمثل هذه الخطوة.
وقد حصلت على معلومات مهمة للجبهة قديمة وجديدة والذي توضح ان وحدة القوميين ضرورية لحشد قوي الوحدة في مواجهة قوى التجزئة والتبعية ولتوفير المشروع الحضاري العربي وتقسم الجبهة المهمات القومية الى قسمين الاول المهمات العامة حين ترى ان توجه الوحدة القومية هي التي لا تحقق تنمية ولا حرية ولا كرامة دونها لان الضعفاء الذين لا يستطيعون حماية سيادتهم لا يستطيعون بناء نظام ديمقراطي والجياع الذين يمدون ايديهم لحكومات الدول المانحة لا يستطيعون صيانة حريتهم ولان عوامل قوة الامة لا تكتمل دون حريتها.
اما القسم الثاني فهو ما يتعلق بالمهمات القومية في الاردن فان اسقاط المعاهدة ووقف التطبيع بكل اشكاله واعداد الشعب للمواجهة القومية اول مهمات هذه المرحلة وتضمن البرنامج العديد من المهمات التي ترى الجبهة ان لها مهمات مبدئية لا يمكن تجاوزها للوصول الى الهدف وهو الوحدة الا ان البعض عارض ذلك مبينا انه قد يكون لعملية السلام منافع عديدة منها التشديد علي اقامة الدولتين في الضفة الغربية والقطاع والتأكيد على مبدأ صيانة الحريات العامة وخصوصا ما يتعلق بالشعب الفلسطيني الذي عانى وعاش مأساة طويلة كلفته جهدا كبيرا في سبيل العيش الكريم.