مقال / ليلى والذئب

ليلى والذئب

في الطفولة هلكونا بقصة ليلى والذئب ويبدو بأننا أيضا هلكنا أهالينا بتكرار سردها على مسامعنا كما يقال " عالرايحة والجايه".
ما زالت تلك الصورة التي صوروها لنا للذئب – إلى وقت قريب – في مخيلتي ، صورة الوحش اللئيم الأناني ذو القلب الخالي من الرأفة والرحمة والذي ينقض بكل سهولة على الجدة العاجزة ، ولا يكتفي إنما ينقض أيضا على ليلى المسكينة الوادعة.
في كل مرة كنت أسمع فيها هذه القصة كان حقدي يزداد على هذا الذئب وأحمل له رغبة في قتله والقضاء عليه ، وفي كل مرة أيضا أزداد تعاطفا – زيادة عن اللزوم – مع ليلى وجدتها.
لكني بصراحة عندما فكرت أكثر في القصة ونظرت إليها من زاوية أخرى غير تلك الزاوية المعتادة ، وجدت بأن الحق ليس على الذئب إنما على ليلى وجدتها وأن طوال هذه السنين حملنا الذئب حملا ثقيلا لا يستحقه ويبدو بأننا ظلمناه مع انه الأولى في تعاطفنا والأكثر مسكنة عمن سواه.
فالظروف التي عاشها الذئب والفرصة التي سنحت له بالتهام ليلى وجدتها ، فرصة لا يمكن تفويتها أو إضاعتها ، فالجدة ضعيفة عاجزة وقوتها عفا عليها الزمان وليلى ما زالت ساذجة ووادعة ، وهذه عادة الذئاب .
منذ سنوات ونحن ندعو لمحاربة الفساد والقضاء على الفاسدين وقوانيننا تشبه جدة ليلى العاجزة والضعيفة والتي عفا عليها الزمان ، منذ سنوات وليلى في كل تحركاتها ساذجة ووادعة وما زالت تظن أن الذئب المختبئ في الفراش هو جدتها.
على كلا .... ما كنت أريده من هذا المقال هو رجاء واحد وأخير ....
سامحنا أيها الذئب .... فلطالما ظلمناك .


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com