زيارة النسور لبغداد تدشن لمرحلة جديدة

 

أخبار البلد
بعثت زيارة رئيس الوزراء عبدالله النسور الأخيرة إلى بغداد، رسالة ترجح إقامة تحالفات جديدة، وتبشر بعلاقة ثنائية "دافئة"، قد تعود بالنفع على الدولتين، لناحية مصالحهما الاستراتيجية والاقتصادية، كما يرى مراقبون.
وفي المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وظروف العراق تحديدا، يرى مراقبون أن ثمة إيجابيات جمة في تطوير العلاقة بين البلدين، لا سيما وان الأردن من أكثر الدول تفهما لأوضاع العراق السياسية.
كما يرى خبراء أنه ومن الناحية الاقتصادية، ونظرا لغياب عنصر الحصار، الذي عاني منه العراق في فترات سابقة، فإن المنفعة المتبادلة مرشحة للتضاعف، وفقا لارتفاع أسعار النفط، والانفتاح الاقتصادي الكبير حاليا، وتطور الاقتصاد والصناعة الأردنية.
وفي هذا الشأن، يوضح السياسي العراقي المستقل الدكتور هاني عاشور، غداة زيارة النسور لبغداد الأربعاء الماضي، أن العلاقة الثنائية تبقى تكاملية، لأن البلدين يشكلان عمقا استراتيجيا لبعضهما، في مجالات عدة، منها سياسيا، الصراع العربي الإسرائيلي، وتوازن القوى العربي الإيراني.
أما اقتصاديا، فيرى عاشور أن الأردن سيبقى النافذة الأكبر "اتساعا وتفهما" لانطلاق العراق عربيا، معتبرا أن هذا الأمر واضح من خلال النمو الاقتصادي السريع في الأردن، وتزايد اكتشاف الثروات في العراق.
وعن هذه العلاقة التكاملية، قال إن العراق ومنذ الثمانينيات وحتى اليوم، وبسبب ظروفه الأمنية والسياسية، "كان الأردن بالنسبة له أهم وأكبر نوافذه الاقتصادية على العالم"، متابعا أن النشاط العراقي الاقتصادي في ميناء العقبة "ما يزال كبيرا".
ومقارنة بين مرحلتين من العلاقة بين الجانبين، يرى عاشور أنها حاليا أفضل من السابق، وأن الأردن من أكثر الدول تفهما لأوضاع العراق.
وقال عاشور إنه في الفترة السابقة، كان هناك حصار على العراق، أما الآن، وفي ظل انتهاء هذا الحصار، وارتفاع أسعار النفط، والانفتاح الاقتصادي الكبير وتطور الاقتصاد والصناعة الأردنيين، فإن العراق يستفيد بشكل أكبر من الأردن، ما يدر موارد مالية أكبر على الأخير، قائلا: "لو قارنا حركة الأموال العراقية في الخارج سنجد أن أكثرها يتحرك في الأردن، من القطاعين العام والخاص على السواء".
وعن الطلب الأردني لأسعار تفضيلية من حاجته من النفط العراقي، اعتبر عاشور أن "من الطبيعي ان يطلب الأردن ذلك".
وبالنسبة لمشروع الخط النفطي الذي سيمر في الأردن، رأى عاشور أنه إذا تم فستكون هناك حصة طبيعية للمملكة فيه، وسيتغير وضعها الاقتصادي، وتصبح ممرا وميناء نفطيا عالميا، ما قد ينشط الصناعات النفطية المحلية وحركة المصافي.
من جانب آخر، اعتبر عاشور أن الأردن يستطيع ان يقدم خطة أو مساعدة للعراق في مجال تطور النشاط المصرفي، لأنه من أكثر الدول العربية نشاطا في هذا المجال، معربا عن اعتقاده أن كردستان "تستفيد حاليا من هذا القطاع".
وكانت وسائل إعلام عربية وغربية اهتمت بزيارة النسور وتصريحاته في بغداد، والتي ذكر فيها الأخير أن الأردن "لا يصّدر الإرهاب، ولا يمرره، وأنه لم تسجل عليه حالة واحدة في هذا الصدد"، وكذلك تأكيده أن الأردن ضد الإرهاب، الذي هو "عدو مشترك للأردن والعراق، ولكل العرب والمسلمين وللعالم أجمع".
وفي الوقت الذي رحبت به أيضا الولايات المتحدة بهذا الزيارة، قال النسور في تصريحات صحفية من بغداد: "نحن في الأردن لا نرى أي أمر يدعنا نتردد في التعاون مع العراق في المجالات كافة".
وكان الجانب الأردني ممثلا برئيس الحكومة، وكل من وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، والداخلية حسين المجالي، والصناعة والتجارة والتموين حاتم الحلواني، والزراعة عاكف الزعبي، والتخطيط والتعاون الدولي إبراهيم سيف، والطاقة والثروة المعدنية محمد حامد، والأشغال العامة والإسكان سامي هلسة، والنقل ريما شبيب، بحث مع الجانب العراقي موضوعات رئيسية، إلى جانب امور اخرى.
فقد تم بحث انبوب النفط العراقي، الذي يمكن ان يمتد إلى البحر الأحمر وافريقيا، وكذلك مشروع السكك الحديدية، والطريق البري أيضا، الذي يشكل شريانا حيويا للبلدين.
وتعليقا على اهمية الزيارة، أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حازم قشوع، ان العلاقات الأردنية العراقية "تاريخية"، وان هذه الزيارة التي وصفها بـ"المقدرة"، تؤكد ان "العراق سيبقى في قلوب الأردنيين".
وأكد قشوع أهمية التفاهم على الأمور الثلاثة الرئيسية: انبوب النفط، والسكة الحديد والطريق البري، إلى جانب قضية السجناء الأردنيين، ووصف استجابة الحكومة العراقية لمطلب اطلاق سراح بعضهم، بـ"الخطوة المقدرة"، كما عبر عن أمله بأن يتم إطلاق بقية السجناء الأردنيين.
واعتبر قشوع في حديثه لـ"الغد"، أن هذه الزيارة تفتح آفاقا واسعة لمزيد من التقارب بين عمان وبغداد خدمة لمصالح الشعبين، وترسيخا لقواعد الأمن والسلم في المنطقة، مضيفا أن ما يحدث في العراق من حالة عدم استقرار لها انعكاس على المنطقة، "لذا نتطلع نحن في الأردن لأن يتمكن العراق الشقيق من ترسيخ قواعد الأمن والسلم الأهلي على قاعدة الحوار بين الفرقاء".
كما عبر عن تثمينه للزيارة التي قام بها النسور، والتي تسير في "الاتجاه الصحيح"، بحسبه، لما لها من أهمية ليس فقط على الصعيد الثنائي بل أيضا على الصعيد السياسي للمنطقة برمتها، خصوصا أن المنطقة مقبلة على حالة من التغيرات الجيوسياسية.