كعكــــة العيــــــد الصفــــراء !

يبدوا ان الحكومة الموقرة قد عقدت العزم على السير قدماً نحو الخيار النووي في توليد الطاقة الكهربائية ، نقرأ هذا التوجه بين السطور وبين ثنايا التصريحات الصادرة مؤخراً عن دولة رئيس الوزراء المحترم والذي اكّد للشعب انّ حجارة الاردن مهما تمخضت فلن تلد نفطاً ولن تضع زيتاً ... قالها دولة الرئيس- (على بلاطة) !- الاردن يخلوا من النفط ! .
على مشارف العام الجديد والقادم من الاعوام والعقود والقرون التي قد تشهد على ترسيخ مبدأ ... نحو غرب خالي من المفاعلات النووية السلمية المولدة للطاقة ... ونحو مبدأ انشاء المفاعلات النووية فوق صحارى العرب الحبلى بالنفط ... من الربع الخالي شرقا الى الصحراء العربية الكبرى غربا ، بلادٌ كتب عليها ان تحمل وزر تزويد العالم الغربي بالطاقة- مهما كلف الامر- منذٌ الثورة الصناعية وحتى ثورة المعلومات والاتصالات والعولمة !.
مندٌ اكتشاف النفط في امعاء الصحراء العربية تحملت منطقة الشرق الاوسط وبالاخص المنطقة العربية القسط الاكبر من التضحيات سواء من حيث عدم الاستقرار السياسي او من حيث القلاقل والحروب والازمات التي عانتها المنطقة بسكانها جرّاء تكالب وتنافس الامم للسيطرة على اكبر جزء من الكعكة النفطيّة التي سال لها لعابٌ الكثير من الدول الكبرى في الغرب وعلى راسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي البائد والتي ترجمت في غير مرة على شكل حروب ساخنة وفتن مفتعلة في المنطقة انطلقت من سياسة التمحور والقطبية التي امتاز بها عصر النفط في ذروته ابّان ما يسمى بالحرب الباردة بين كل من حلف الاطلسي بقيادة امريكا وحلف وارسوا بقيادة الاتحاد السوفياتي سابقاً تلك الحقبة السوداء التي تخللتها الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الاولى والثانية والتي تكللت باجتياح القوات الامريكية لبغداد المنصور والرشيد .
والسؤال الدي يطرح نفسه : هل الخيار النووي هو الخيار الافضل والوحيد والاكثر جدوى والاقل مخاطراً ؟! سواء بالنسبة لهذا الوطن الغالي بشكل خاص او للمنطقة العربية بشكل عام وهي جزء من ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وغالية على قلوبنا ايضا .
لعلّ من المفيد ان نعرف ان فاتورة الطّاقة لا تقتصر على الكلفة المادية فقط ولا يمكن قياسها -بكفاءة - فقط بالدولار او بالدينار وانما تشمل ايضاً الكلفة السياسية والاجتماعية والبيئية والصحية .. والاهم من ذلك كلّه ... الكلفة الامنيّة .
من السهل علينا تفهّم ان تتوجه دولة خالية من النفط مثل الاردن نحو الخيار النووي او اية خيارات اخرى ... ولكن ما يستعصي على الفهم ... هو توجه دول غنية بالنفط نحو الخيار النووي ! فهل نعتبر دلك ترفاً ؟ ام تحوطاً ؟ ام استشرافاً للمستقبل ؟ ... اذا قلّعنا اشجار النخيل والزيتون وزرعنا( مطابخ ) نووية للطاقة على طول البلاد وعرضها ماذا سيحصل؟ قد نقوم بتصدير الطاقة النووية النظيفة للغرب الذي سيخلوا من المفاعلات النووية ! فما حاجته للمفاعلات والمطابخ النووية ... ان كانت الكعكة الصفراء سيتم طبخها بعيدأ حتى تنضج وما عليه حينها الاّ ان يجني الثمار وان يتذوق تلك الكعكة التي ستصله (دايـــت !) نظيفة وخالية من الدّهون والاشعاعات الذريّة ! .
اذا ودّعنا عصر النفط وايام الآبار والحقول والمصافي واستقبلنا العصر النووي وايام المفاعلات والكعكة الصفراء ... فلا اعتقد اننا سنودع ما رافق عصر النفط من اطماع وتنافس وتكالب على تلك المنطقة ... بل ان ما يزيد الطين (بلّــــــةً) ان الشعوب العربية التي قد تجاور تلك المفاعلات ستدفع الثمن غالياً من امراض وتشوهات قد تنتقل عبر الاجيال مع الجينات الوراثية ! .
بلادُ رزقها الله بالزيت والزيتون والقمح والنخيل وحباها شمساً ساطعةً ورياحاً طيّبةً يجب ان تفكّر كثيراً قبل الانجراف نحو الخيار النووي.... نحو خيار ... الكعكة الصفــــراء .
صالح ابراهيم القلاب