وزير التربية .. قرع الطبول .. دون حلول

تحتكم هذه السياسات الى تحقيق هدف مشترك فيما بينها وهذا الهدف يتصف بالتشعب لأنه مرتبط بعدة عناصر ( الطالب ، المعلم ، المنهاج ) ولكن لضمان جودتها لابد أن تدخل في طور التشكيل وليس باب الاستقرار الدائم ، فطالما سمعنا أن السياسات التربوية بحاجة الى تطوير وكانت محل الجدل دائماً ..
باعتقادي أن سياساتنا بحاجة الى مفهوم اسبق وهو ( التعديل ) قبل عملية ( التطوير ) لأنها مرتبطة بعوامل النمو المستمر ، فمسوغات العملية التربوية متأصلة بجذورها تمتد هنا وهناك ولكنها فقدت وزنها لأنها باتت معيار لأخذ القرار فقط كمرجع له ، جميعنا انفعلنا من تصريح وزير التربية والتعليم ليس انكاراً للقرار وإنما لواقع مؤلم فعلاً لأجيال سنبني عليه ما فقدناه سابقاً ، انفعالنا اتى من وازع حرصنا واهتمامنا بغض النظر عن الامور المتعلقة بهذا الموضوع ..

من المؤلم جداً عندما نسمع تعليقات على بعض الشاشات والمحطات تعرض اسباب هذه المشكلة فنجد أن هنالك عدم وعي بجوانب تلك المشكلة فمن الصعب جداً أن نلقي عبء هذا التصريح على كاهل المعلم بشكل منفرد وجعله الشماعة التي تعلق عليها أخطاء البعض فمن باب الحكمة أن نبحث عن اصل المشكلة ليتم اقتلاعها من جذورها وقس عليها ايضاً المنهاج الدراسي والمجتمع المحلي ايضاً ، فالتكامل موجود وكذلك مجريات استنباط الحلول فأي خلل فيها ستغرق معها كافة الحلول السابقة ومن هنا علينا أن نركز في حديثنا عن خطط التطوير التي جعلت الادراج بيوتها حبر على ورق دون التفكير في آلية تطبيقها بشكل واقعي ، ولعل الناظر في طرحي سيجد ذلك من البيئة المادية للمدارس الحكومية تحديداً فالكثير منها مازالت مستأجرة وغرفها الصفية التي لا تتجاوز مساحتها 16م2 تختزن ما يقارب 50 عقلاً ، مجتمعة بالفروق الفردية خاصتها والتي تحتكم الى مناهج تربوية مرتبطة بتقويم زمني لابد من الالتزام به على مدار العام الدراسي فمعنى ذلك أننا ننساق وراء الكم وليس نوعية المادة الدراسية ولابد أن نعرج على أمر بغاية الخطورة وهو بناء تلك المناهج فهذه المناهج تأتينا من عقول لا تعيش واقع تعليمنا ولا تدرك مدى المشكلات التي تعانيها العملية التربوية لأننا وعلى مدار اعوام وأعوام نجمل بهذا الواقع المؤلم تحت ستار غاب عن ذاكرة الجميع وهو ( برنامج تطوير المدرسة ) فهذا البرنامج كان وسيلة لاهتمام الكثيرين بالنواحي الجمالية والعمل على تفعيل نشاطاتها تحت مسمى مدير المدرسة فقد أفرز هذا البرنامج الأمية المقنعة التي اختبأت خلف الصور التي تعرض على شبكات التواصل الاجتماعي ببريق الوانها وتقليد أفكارها ، إن النشاط الذي يطغى على نتاج العملية التعليمية سيفقد قيمته المعنوية وسيصبح منافسة جمالية لواقع نحن في نفور منه ..

أما الاسرة وهي نواة هذا المجتمع فهي مهمشة تماماً فهي تقارن تعليم اليوم بالكتاتيب سابقاً تريد المعلم الملقن للمعلومة الجاهزة دون تعب أو عناء ، فجميع استراتيجيات التدريس اليوم تعتمد على الطالب بالشكل الأكبر فهي تريد ذلك الطالب الذي يبحث ويفسر ويستنتج ويبدع ويسأل ليس ذلك الطالب الخامل الذي ينتظر معلقة المعلم ليتناولها دون معرفه مصدرها ودعوني هنا احاكيكم عن واقع لتجربة لي :

في بداية العام الدراسي نقوم بعمل اختبار تشخيصي لمادتي اللغة العربية والرياضيات تحديداً ونقوم بتحليل نتائج الاختبار لمعرفة نقاط القوة والضعف لأهم المهارات الاساسية التي من المفروض اكتسابها في العام السابق ، فوجدت أن هنالك طالب ضعيف في مادة اللغة العربية فباشرت باستدعاء ولي الامر وقد حضر وقمت بشرح نقاط الضعف لدية وتم الاتفاق على اعداد برنامج خاص به للتقوية ، وفي الاسبوع الأول انتظم الطالب بمساعدة اسرته في ذلك ولكن في مطلع الاسبوع الثاني اتى الطالب بدفتر جديد فقال لي أن الدفتر قد مزق من قبل اخيه الصغير ، فتجاهلت السبب وتم اعادة الكتابة على الدفتر الجديد وبعد ثلاثة ايام اتى بدفتر جديد ايضاً وقال لي نفس السبب السابق ..
سؤالي هنا ( ما معنى هذا السلوك ؟؟ )

ومن هنا ادعوكم ايها الزملاء الاعزاء الى تقديم الافضل والأجود لأنكم قادرين على ذلك وقادرين على عزف اجمل لحن يحاكي الارادة والقيادة هكذا عهدي بكم فأنتم نبراس العمل الراقي المتزن ومصنع للعقول بأشكالها استثمر طاقتك في استخدام الموارد المتاحة دع التذمر جانباً لن يغني أو يسمن ، احتفظ بلقبك ( معلم ) ..
الميم ( مصنع العقول )
العين ( عز وكرامة )
اللام ( لبيب من الاشارة يفهمُ )
الميم ( موهوب دائماً )
اجعلها شعارك .. وسر بدربك .. واجعل مخافة الله ميزانك .. ولا تترك حقك .. وارفع هامتك
وكثف طاقتك .. وحافظ على لقبك دائماً ولا تجعله آيلاً للسقوط بين افواه لا تقدر معناها !!!!
بقلم الاستاذ ثائر العلي