ربع مليون قنبلة كانت في طريقها إلى بيوتنا

أعلنت دائرة المواصفات والمقاييس عن رفضها لدخول 250 ألف سطوانة غاز غير مطابقة للمواصفات، ويثير هذا التصريح العديد من الأسئلة التي يجب أن يضعنا شخص مسؤول في صورة إجاباتها بكل صدق وشفافية.
وقبل أن نطرح الأسئلة، لا بد من القول أن دائرة المواصفات والمقاييس هي جهة الاختصاص وسنفترض أن مواصفاتها واجراءات الفحص لديها سليمة وصحيحة إلى أن يثبت عكس ذلك، والى أن يثبت عكس ذلك فهي (وإن كانت تقوم بواجبها) تستحق كل الشكر والتقدير على موقفها الصارم رغم الضغوط التي تعرضت لها (كما صرح بذلك مديرها العام) لإدخال هذه الشحنة.
بافتراض ما تقدم والتسليم بصحة اجراءات المواصفات والمقاييس، فإن الأمر يعني باختصار أن هناك ربع مليون قنبلة (أو مشروع انفجار أو حريق) كانت في طريقها إلى بيوتنا، فالأخطاء المصنعية باسطوانات الغاز ليست كالأخطاء المصنعية بأجهزة البلاي ستيشن، واحتمال وجودها ليس أمرا مقبولا على الإطلاق حتى لو كان هذا الاحتمال واحد بالمليون، فكيف الحال وتصريح المواصفات والمقاييس يشير إلى أن 12 اسطوانة (من أصل 13 اسطوانة تم فحصها) تبين وجود الخطأ المصنعي فيها؟ مما يعني إحصائيا أن كل الشحنة تحتوي على هذا الخطأ المصنعي.
إنطلاقا من ذلك، يحق لنا كأردنيين كنا سنستضيف هذه القنابل في بيوتنا أن نسأل الأسئلة التالية:
- من هو الشخص أو الأشخاص (داخل مصفاة البترول) الذين قاموا بشراء هذه الاسطوانات المعطوبة؟ وهل تضمن عقد الشراء شرطا يضمن للجهة المشترية حق إعادة الشحنة إذا لم تكن مطابقة للمواصفات الاردنية؟
- ألم تكن المواصفة الاردنية معروفة مسبقا بالنسبة للجهة التي قامت بالشراء؟ وبافتراض أنها كذلك (وهذا هو الأمر الطبيعي)، فكيف تصل شحنة بهذه الكمية الكبيرة دون أن تقوم الجهة المشترية باجراءات الفحص قبل أن تتفق مع البائع على توريد الشحنة؟
- في حال كانت اجراءات المشتري سليمة واتفق مع البائع على المواصفة الاردنية ولكن البائع خالف ذلك بارساله للشحنة، فهل هناك ما يضمن إلزام البائع باستعادة بضاعته الفاسدة وإعادة قيمتها للجهة المشترية مع تعويضها عن هذا الخطأ والوقت والجهد الذي أهدر في انتظار الشحنة؟
- إن كان هناك تقصير من الجهة المشترية ولم تتمكن من إعادة الشحنة واستعادة قيمتها فهل هناك أشخاص بعينهم سيتحملون مسؤولية هذا الخطأ وسنراهم يحاسبون عن هذه الكارثة الذي كان منوي ارتكابها بحق المواطنين نتيجة الاستهتار بأمنهم وسلامتهم إلى هذا الحد الفج والوقح؟
- يقول تصريح دائرة المواصفات أن هناك ضغوطا مورست لإدخال الشحنة رغم عدم مطابقتها للمواصفات، وهنا فإن من حقنا أن نسأل أيضا: من الذي قام بممارسة هذه الضغوط لتمرير الصفقة؟
- وأخيرا، كيف لنا أن نطمئن كمواطنين إلى أن هذه الشحنة لن يتم إدخالها إلى بيوتنا بطرق التفافية؟
إنها أسئلة مشروعة، ونرجو أن تبدي الحكومة بعض الاحترام والإهتمام للمواطن وتتفضل بإعطائه الأجوبة الصحيحة عليها.
د. عبد الرؤوف ربابعة
abdrf@yahoo.com