عمر عياصرة يكتب : بيانات متطايرة.. حلُّها الإصلاح

أخبار البلد - حين يهز بيان ما مجتمع، فذلك دليل واضح على نقص كبير في مدنيّة هذا المجتمع وقدرته على الحوار واستجابته للملمة المبعثر من آرائه في وعاء وطني ديمقراطي آمن وأصيل.

 

هذه الملاحظة الاعتراضية التي أوردتها، يعيشها مشهدنا السياسي والاجتماعي بوضوح، فنحن نقف الآن أمام مهاترة سجالية لفظية عنوانها (البيان والبيان المقابل).

 

فالمضاربة على أشدها، هذا يصدر بيانا وذاك يرد بسيف العائلة ويهدد ويتوعد؛ كأننا نقف على مرحلة ما قبل الدولة والمؤسسات.

 

هذا الحوار الفج لا يمكن السكوت عنه او معالجته بالأطر التقليدية التي كانت في السابق، أي لا يمكننا أن نلجأ اليوم إلى تجييش قوى وأبواق على قوى وأبواق أخرى.

 

الوسائل القديمة باتت معروفة ولن تنجح إلا باستحضار المزيد من الأزمة العامة التي نعاين منها اليوم منسوبا غير مسبوق، فلغة الاصطفاف على قاعدة الولاء لم تعد هي الحل الأنجع، حيث إن الجميع مجمعون على شرعية النظام ويحق لهم الاختلاف على إدارته.

 

هذه الترهات التي تنطلق من ومن هناك لا حل لها إلا بالشروع السريع في مشروع الإصلاح الجاد والحقيقي والقادر على فتح أبواب المشاركة أمام الجميع من خلال قنوات مؤسساتية تشكل بديلا عن القنوات الجانبية المتوترة التي نراها اليوم.

 

ما يجب أن يدركه صنّاع القرار في الوطن أننا بصدد مرحلة جديدة ومختلفة وحساسة، تحتاج إلى أدوات قادرة على مواكبتها.

 

فليس من المقبول أو من الحكمة، ترك القوى كافة على اختلاف تنوعاتها ومستوى اعتدالها، مبعثرة هنا وهناك، بينما يجلس في المؤسسات من هم مكتفون بمراقبة المشهد وانتظار الأوامر.

 

الحل الذي لا حيدة عنه ولا مفر، وهو الحامي الأصيل للوطن، وهو قاعدة الدعم الأصيلة المستقبلية لتماسك المجتمع والنظام، هذا الحل هو المشاركة والحرية والديمقراطية، فهي السبيل كي تعرف كل جهة قوتها ومكمن نفوذها فلا تستعرض بمجرد بيان او تهديد لا عمق له.

 

بياناتنا المتطايرة، السياسية منها والعشائرية، كلها عَرَض للازمة المجتمعية التي خلفها غياب الإصلاح والديمقراطية، فلنتق الله في الوطن ولنعلن بيان الإصلاح الأول.