صح النوم؛ يا عرب

 تجمع عدد كبير من أفراد حارة (كل مين إيده إله) في فندق صح النوم، الذي تملكه الخانوم فطوم حيص بيص، للإتفاق على حل مشكلة المقالب التي يتعرض لها أفراد الحارة من غوار الطوشة، وبعد حوار مستفيض طرح من خلاله (أبو رياح) خال فطوم بأن يقوم هو بضرب غوار وإدخاله المستشفى، وتطوع أبو قاسم؛ صاحب عرباية الخيار (أصابيع البوبو) بأن يقوم بالتصدي له لأن غوار كان السبب في إلقاء (جرن الكبة) على الخيار مما أدى الى دخوله المستشفى، (وتفعيس الخيارات)، وقيام (أبو كلبشة) بإيداع أغلب رجال الحارة في النظارة لأنهم كانوا جميعاً يتحملون وزر سقوط (الجرن) محدثاً خسائر في الأرواح والمعدات! وفي مشهد آخر؛ يسقط (حسني البورزان) على أبو قاسم فيحطمه ويحطم (العرباية).

العمل تافه ولا يرتقي الى الأعمال الكوميدية الحقيقية؛ إلا أن هناك بعض العبر يمكن أن نستفيد منها في القرن الواحد والعشرين. من هذه العبر؛ إتفاق الجميع على الخروج في مظاهرة ضد غوار ومقالبه المتكررة، والتي يخسرون أموالهم بسببها، ولا يستطيع البورزان الزواج من فطوم لوجود عائق يتمثل في وجود غوار الطوشة ومقالبه المزعجة، كما أن حسني الذي يمثل دور صحفي في مجلة محلية؛ لا يمكنه طوال المسلسل أن ينهي المقال المطلوب منه، وكان المقال يتحدث عن البرازيل، ولتفاهة الحوار؛ ظل البورزان يردد جملة واحدة: إذا أردنا أن نعرف ماذا في البرازيل علينا أن نعرف ماذا في إيطاليا، أما إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا، علينا أن نعرف ماذا في البرازيل.. ومع سيمفونية أنطق أيها الحجر، (وبصبصة) حسني على زوجة (أبو عنتر)، ووضع الحمار في غرفة البورزان؛ تاه المواطن العربي في بحر من الإسقاطات الكوميدية التي لن تستطيع تبريد الواقع العربي المستند على الإنقلابات الدموية، وبرك الدماء التي كانت تتجمع أمام رئاسة الجمهورية السورية، وحالة اليأس التي يعيشها المواطن في كل البلدان العربية..

ظهور مسلسل بهذه البساطة هدفه تنويم العرب مغناطيسياً، بل إجبارهم على نسيان الأحوال المتردية، وإيصال رسائل مهمة جداً تشير الى أن المسلسل سمح بالمظاهرات بالرغم من أن الحكومات العربية كانت تعالج المظاهرات؛ بالعنف، والإعتقالات، والقتل، لكن مظاهرة حارة (كل مين إيده إله) جاءت على النحو التالي: بعد إتفاق الجميع في فندق صح النوم على ضرب غوار، او طرده من الحارة، وفشل كل الإقتراحات؛ اقترح البورزان أن تخرج الحارة عن بكرة أبيها في مظاهرة عارمة للوقوف بوجه غوار، ووافق الجميع على أن تكون المظاهرة سلمية خوفاً من تدخل أبو كلبشة ومنعهم من الخروج باعتبار أن المظاهرات العربية يجب ان تحصل على موافقات أمنية، وتحديداً من المحافظ أو وزير الداخلية.

المهم؛ خرجت المظاهرة التي تضم كل من؛ حارة (كل مين إيده إله)، وحارة (الحوافي) مع وجود مصور يتيم يحمل كاميرا معطلة؛ لزوم المشهد، وكان يمثل الصحافة السورية، والعربية، ليقنع المشاهد العربي بأن الصحافة كان لها دور لكنه غير مؤثر على الإطلاق.. لزوم الديكورات فقط. وحملوا يافطات تطالب بوضع حد لغوار الطوشة، وعندما تدخل الأمن بقيادة أبو كلبشة نصحهم بإنهاء المظاهرة بعد عدة دقائق، وقد أخبرهم بأن المظاهرة أدت الغرض الذي خرجت من أجله، وغادر الجميع وهم مسرورين فرحين بالإنجاز الذي تحقق، وعاد الجميع؛ كل الى عمله، ومما أضحكني عبارة قالها حسني البورزان لصاحبة الفندق فطوم حيص بيص؛ كلما أخطأ غوار سنخرج مظاهرة ضده حتى يتأدب...؟!

صار الجميع يهدد بالخروج في مظاهرات ضد غوار، مقابل المقالب والقفشات المتكررة التي كان يصنعها، والضربات الكوميدية التي كان يوجهها لهم، فعلاً ما أشبه اليوم بالبارحة... وصح النوم على الجميع...؟!

ملاحظات لمن لا يعرف؟

- الممثلة نجاح حفيظ، قامت بدور فطوم حَيْصَ بَيْصْ. ولمن لا يعرف معنى أو اسم حيص بيص؛ نورد التالي: الشاعر أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي الملقب شهاب الدين المعروف بحيص بيص هو شاعر مشهور؛ كان فقيها شافعي المذهب، تفقه بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان، وتكلم في مسائل الخلاف، إلا أنه غلب عليه الأدب ونظم الشعر، وأجاد فيه مع جزالة لفظه، وله رسائل فصيحة بليغة. كان من أخبر الناس بأشعار العرب واختلاف لغاتهم. كان لا يخاطب أحداً إلا بالكلام العربي وكان يلبس زي العرب ويتقلد سيفا.

سمي حيص بيص لأنه رأى الناس يوماً في حركة مزعجة وأمر شديد فقال: «ما للناس في حيص بيص»، فبقي عليه هذا اللقب، ومعنى هاتين الكلمتين الشدة والاختلاط، تقول العرب: وقع الناس في حيص بيص، أي في شدة واختلاط.

كان إذا سئل عن عمره يقول: أنا أعيش في الدنيا مجازفة، لأنه كان لا يحفظ مولده، وكان يزعم أنه من ولد أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب. ولم يترك أبو الفوارس عقبا. ومن أبياته الشهيرة:

ملكنا فكان العفو منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحللتم قتل الأسارى وطالما غدونا عن الأسرى نعف ونصفح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح

- الممثل محمد الشماط مثل دور أبو رياح، ومثل في باب الحارة بدور أبو مرزوق، بائع الخضار..

- الممثل المرحوم عبد اللطيف فتحي، قام بدور أبو كلبشة الذي دوخ موسوليني حاكم إيطاليا!

- الممثل المرحوم نهاد قلعي، قام بدور حسني البورزان. وكان هو ودريد لحام يشكلان ثنائياً مهماً في مسيرة الكوميديا السورية، مثل لوريل وهاردي، وبود سبنسر وتيرنس هيل في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

- الممثل المرحوم ناجي جبر، أدى دور أبو عنتر، وظل متمسكاً بدور أبو عنتر في أغلب الأعمال الكوميدية التي أداها مع دريد لحام، وغيره من الممثلين السوريين، وناجي جبر من عائلة فنية إذ عمل شقيقه محمود جبر في المسرح، وابنته مرح جبر ممثلة معروفة في سوريا، وشقيقه الآخر هيثم جبر مثل في باب الحارة في دكانة أبو النار.