المديونية: كرة الثلج تتضخم!
الظاهرأن الحكومةلم تعد قادرة على كبح جماحمؤشر الدينالعام؛ فما تكشفه الأرقاميؤكد أن المديونية مستمرةفي تحليقهاإلى مستوىتتعاظم معه المخاطر.رئيسة بعثة صندوقالنقد الدوليإلى الأردنكريستينا كوستيال،لم تقدّررقما مطلقاًللدَّين، بيد أنها كشفتعن أنه سيرتفع ليبلغ 90 % من الناتجالمحلي الإجماليخلال العامالمقبل. وهذا تقدير جديد،يتجاوز كل التقديرات المحليةوالخارجية السابقة،ويقترب بالبلدأكثر فأكثرمن نقطةالخطر.المشكلة هي أن الحكومة لا تملك خطة لضبط إيقاعهذا المؤشر،ولم تُعلمناكيف ستتمكنمن توفيردفعات هذا الدين لاحقاً؛وكأنها تجازفبمستقبل الأجيالالحالية والمستقبلية.في العام 2008، أي منذ سنوات ليستببعيدة، كنا ننتقد الحكوماتلأنها عطّلتقانون الدينالعام، الذييقضي بأن لا تزيدنسبة هذا الدين على 60 % من الناتجالمحلي الإجمالي. لكن مع الأرقام الجديدةالمتوقعة، فإننالا ندريما هي اللغة التييمكن أن نتحدث بها مع الحكومةالحالية؟!المبررات الرسمية لارتفاعالدين معروفة،سمعناها أكثرمن مرة،وتتمثل أساساًفي مديونيةشركة الكهرباءالوطنية. وهي مبررات صحيحةجزئيا. لكن ما تصمتالحكومة عن قوله يتعلقبكونها تقترضلتغطية نفقاتجارية، على شاكلة رواتبومعاشات تقاعدوغيرها.حدة المخاوف كانتستخف لو تمّ، مثلاً،توجيه الاقتراضنحو إنفاقرأسمالي يساعدعلى إحداثالنمو المطلوب،والذي لن يتجاوز في أحسن الأحوالنسبة 3 %. لكن ذلك لا يحدث؛ فمعظمهذا النوعمن الإنفاقيأتي من خلال منح خارجية لا يعلم أحد متى تأتي،ومتى تتوقف! وهنا مكمنالخطر.ثم إن الارتفاعغير المدروسفي الإنفاقالجاري يزيدالهواجس والقلقمن العجزمستقبلا عن سداد الدينوربما الإنفاقالجاري نفسه،خصوصا أن نمو النفقاتالجارية لا ينسجم أبدامع حجم الإيرادات المحليةونموها، والتيبالكاد تكفيلتغطية الإنفاقعلى الرواتبوالتقاعد، فكيفالحال مع إضافة أقساطالدين وفوائده،وغيرها من أوجه الإنفاق "الخبيث"؟!كذلك، على البنكالمركزي الضغطبكل الوسائلللتنبيه لهذهالمشكلة، خصوصاأن النتائجالكارثية للسياسةالمالية في حال عجزتعن السداد،ستصيب السياسةالنقدية في مقتل، وتقضيعلى القيمةالمضافة التيحققتها هذه الأخيرة، لاسيماما يتعلقمنها بزيادةاحتياطي العملاتالصعبة، وتحقيقالاستقرار النقدي.ما يعقّدالقصة أكثر،طريقة هندسةموازنة العام 2014، والتشكيك، حتى من قبل صندوق النقدالدولي، في قدرة وزارةالمالية على تحقيق الإيراداتالمدرجة. وهو ما سيقودبالنتيجة إلى زيادة حجم الدين، بشقيهالداخلي والخارجي؛إذ ستضطرالحكومة للاقتراضلتغطية مبالغتهافي تقديرالإيرادات! إلا إذا فكرتفي جني الإيرادات كيفمااتفق، ومن دون أخذ بعين الاعتبارللمزاج الغاضبالذي يرفضأن يكونالحل على حساب الناسوجيوبهم.كُلف الدين، في ظل تراجعتصنيف المؤشراتالمالية، ترتفع. كما أن القدرة على الاقتراض تتأثرسلبيا. والحق يقال، إنه لولا الدعمالأميركي بضمانالقروض الخارجية،والتي تصل خلال العامين 2013 و2014 نحو 3.1 مليار دولار،لما تمكنتالحكومة من الحصول على الاقتراض الخارجيالمطلوب لتمويلعجز الموازنة.أحد وزراءالمالية السابقينوصف الدينالعام يوماًبأنه قنبلةموقوتة، ولم يكن وضع المؤشر حينهايقارن بما يجري اليوم. الأمر الذييجعلنا نخشىمن انفجارهذهالقنبلة، في حال لم تستيقظ الحكومةوتضع خطة لوقف تناميهذا المؤشر.والحل بالمناسبةلا يقتصرفقط على زيادة تعرفةالكهرباء؛ فالأسبابتتجاوز هذه الأخيرة لتشملعوامل أخرى،ترتبط بالأخطاءالتي ترتكبفي ملف المالية العامة،المسؤولة عنه وزارة المالية.وزير الماليةالحالي د. أمية طوقان،وصف الوضعالاقتصادي في مطلع العام 2012 بـ"الخطير"، وأن كارثةمالية ستصيبالمملكة إذا لم تُتخذخطوات وإجراءاتتصحيحية، وأكدوجود خطة لإعادة الثقةووقف الانفلاتفي الإنفاق. ولا ندريما إذا كان الوزيرما يزالمدركا لتلكالمخاطر، وما هي تفسيراتهلفشل سياسةوقف الانفلاتفي الإنفاق؟