تحسين التل يكتب : من إنجازات حكومة الرفاعي؛ طيب الله ثراها؟! وقف المخصصات عن بيت وصفي التل

- لا بد وأن يكون لكل حكومة بعض الإنجازات خلال تقلدها لشؤون البلاد والعباد، فمثلاً؛ جاءت حكومات على الأردن بهدف تطوير العلاقات العربية العربية، وحكومات لرأب الصدع العربي، وتجسير الهوة بين الأشقاء، وحكومات لفك الإرتباط مع بغداد، وطرابلس، وغيرها سعت لإعادة اللحمة بين إخوة السلاح، وكانت هناك حكومات لافتعال الأزمات مع الجيران وفق سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في حربها الباردة مع الإتحاد السوفييتي، وكانت بعض الحكومات لا تعمر أكثر من ثلاثة عشر يوماً، إذ يدخل الوزير من الباب ليخرج ركلاً من الشباك.

حكايات وحكومات مرت على جلد المواطن الأردني حتى أصبح سميكاً، واستمرت التغييرات؛ وكنا ننافس إيطاليا؛ باعتبارها أكثر الدول الغربية في تبديل الحكومات، فقد بلغ عدد الوزارات التي تشكلت منذ قيام الإمارة ولغاية حكومة طاهر المصري: 44 وزارة، وتبعها أقل من 20 وزارة في نهايات عهد الحسين وصولاً الى وزارة الدكتور معروف البخيت.

أكثر ما يميز حكومات الأردن؛ ثلاث حكومات؛ الأولى: وزارة سمير الأولى، ووزارة زيد بن سمير، ووزارة سمير الثاني الأولى والثانية، ومما يدهش العقل في وزارات آل الرفاعي، القحط والجدب، وانهيار الدينار، وازدياد عدد الفقراء، والأيتام، والأرامل، والمطلقات، وأبناء السبيل، وطلاب الحاجات، حتى ضاقت  الأرض عليهم بما رحبت.  

في وزارة سمير الأولى؛ ازداد عدد المعتقلين والمنفيين، وفتحت السجون على مصاريعها، وبلغ اليأس بالمواطن الأردني حد الإنتحار، وفي وزارة زيد الأولى والثانية؛ انهار الدينار وأغلقت محلات الصيرفة والبنوك وشارفت البلاد على الإفلاس، وشعر المواطن بضيق العيش إلى أن استقال بسبب الأزمة المالية التي افتعلها لأغراض لا زلنا نجهلها لغاية الآن.

أما آخر الرفاعية؛ ونتمنى أن يكون آخرهم، فقد كانت إنجازاته: عصرية، وديمقراطية تواكب التقدم العلمي والعملي، وروح العصر، إذ بدأ عهداً ملؤه الحقد الأعمى على أبناء العشائر، من الشمال الى الجنوب، وراح هو وأعوانه: الكابيتاليزم، يغيرون ويبدلون في تركيبة الدولة القائمة على أركان أساسية مثل: الجيش ومعه المتقاعدين العسكريين، والعشائر، والإعلام الأردني.

بدأ يحيك خيوط المؤامرة هو ومن معه ضد المؤسسة العسكرية، فرد عليه رئيس هيئة الأركان المشتركة، وبعض كبار الضباط الأشاوس: (إطلع بره يا ولد؟) فخرج مهزوماً في أول لقاء مع نشامى الجيش العربي المصطفوي، إذ كان يعتقد (المسكين) أن وزارة الدفاع تتيح له نوعاً من السلطة على حامي الوطن والشعب والملك.

أشغل نفسه بالإعلام الأردني، لأنه وجد أن العبث مع مؤسسات بحجم الجيش هو ضرباً من الجنون، والحمق، والولدنة، فوجه أسلحته تجاه الإعلام الجديد: المواقع الإخبارية، وكان أول الإنجازات التي يعتد بها ويعتبرها وساماً على صدره، وكيف لا؛ وقد وفر 70 مليون دينار! بعد أن منع وحجب المواقع الإلكترونية عن الوزارات، وطارد كتابها وناشروها حتى صمم البعض وأنا منهم على الهروب الى بيروت أو قبرص لنتمتع بحرية سقفها السماء، ولولا وقوف سيد البلاد وإرساله بعض الإشارات لكي يفهم أنه بتعنته سيسبب أزمة دولية، والأردن وقتها؛ يكفيه ما يلاقيه من أزمات جراء سياسة الولدنة الرفاعية. وتم تجميد القانون العصري؛ الذي تفوق على قوانين سقراط، وأرسطو، وأرخميدس اليونانية في الفلسفة والطب  والكيمياء وغيرها من الفنون البشرية.

لقد شهد المواطن والوطن في العصر الرفاعي الأخير إنجازاً لا يمكننا إغفاله إطلاقاً؛ وهو إنجاز على مستوى أهم ثروات الوطن الطبيعية: حرق غابة الشهيد وصفي التل؛ ست مرات متتالية، في حادثة هي الأبشع في تاريخ الأردن، ولم تتم في أي حكومة سابقة أو لاحقة إلا في عهد سمير الثاني، يا سبحان الله؛ لم تتعرض الغابة للحرق إلا في عهده الميمون، فأي مفارقة، أو مصادفة تمر على الوطن، إلا إذا اعتبرنا أن استهداف الغابة كان بأوامر شخصية من بعض السحرة المحيطين بالرفاعي، لتغيير وجه الغابة من أجل بيعها بالتدريج، وضمن خطة خبيثة لاستملاك 7000 دونم وبيعها بتراب المصاري، ومن ثم إعادة بيعها بالملايين لإقامة مدينة للملاهي، واستراحات، ومطاعم وفنادق خمس نجوم، وربما كباريهات ومراقص ليلية، ومنتجعات سياحية، لكن هبة النشامى وفزعة أبا الحسين في عيد الشجرة جعلت من تحقيق المخطط الخبيث والخسيس وهماً من الأوهام.

أجل كان هناك مخطط لبيع غابة الشهيد وصفي التل وتحويلها الى ما أشرت إليه، لطمس معالم الوطن، وتراثه، وتاريخه الناصع الجميل.

أما الإنجاز الذي يلي الإنجاز في عهد الحكومة الرفاعية، فهو قطع المخصصات عن بيت الشهيد وصفي التل، حتى يتعرض للتآكل، والتدمير، والتخريب، وذلك بالإيعاز لوزارة الثقافة بأن تقطع المبلغ الذي رصدته الدولة من موازنتها السنوية، والبالغ مائة ألف دينار سنوياً للصيانة الدورية؛ لاحظوا تفاهة المبلغ مقارنة بما تم نهبه من ملايين في عهد الرفاعي، والمشاريع التي كلفت خزينة الدولة المليارات دون طائل، فالبيت وهو مملوك لوزارة الثقافة لا تتم صيانته بخمسة آلاف دينار سنوياً، وقد زرته اليوم أنا والناشط السياسي جمال الدويري واطلعنا على حجم الإنجازات العظيمة التي قامت بها وزارة الرفاعي خلال عام ونصف العام، فالبيت يحتاج الى دهان من الداخل، ويحتاج الى المحافظة على مقتنياته الثمينة والنادرة، والى تقوى الله أولاً وأخيراً بهذا العلم الذي لن تنجب النساء مثله ولو بعد ألف سنة.

وبهذه المناسبة نوجه نداءً الى معالي الكاتب طارق مصاروة بأن يعيد النظر بالميزانية التي أوقفت بأوامر من رئيس الحكومة السابق، وبناء قفص زجاجي لحماية سيارة الجاغوار بعد أن قامت الشركة بصيانتها وإعادتها الى سابق عهدها، خوفاً من أن تتعرض الى التلف مرة أخرى، ونداء آخر الى نشامى الوطن كل في موقعه، أن يهبوا هبة رجل واحد للضغط على الحكومة الحالية لكي تقوم بواجبها تجاه أحد رموز الدولة والوطن، لأن وصفي ضحى بدماءه من أجل الأردن وأمنه واستقراره.

البيت أو المتحف كما تطلق عليه وزارة الثقافة بحاجة الى صيانة من الداخل والخارج وكفانا استهتاراً وعبثاً ولولا ما تقدمه وزارة الزراعة من تسييج وتشجير، وصيانة وفق إمكاناتها لأصبح البيت والضريح في حال لا يسر الصديق والعدو، والمهندس محمد الشرمان وفقه الله ورعاه، لا يدخر جهداً إلا وقدمه للغابة، والضريح، والمتحف بجهود ذاتية وإمكانيات متواضعة، ومن موازنة مديرية الحراج وليس من موازنة الثقافة المقطوعة عن أهلها؟!

هذه الإنجازات الرفاعية لا يمكننا أن نغفلها وسنستمر في الكتابة عنها وربما في الأيام القادمة نعثر على مستندات ووثائق تفصل وتشرح الكثير من الخفايا والأسرار داخل حكومة سمير الثاني، فانتظرونا ... والله المستعان.