الموازنة بين أيدي النواب
أغلب الظن أن مجلس النواب لن يفرغ من دراسة الموازنة العامة قبل نهاية هذا الشهر، وبذلك ندخل السنة الجديدة بدون موازنة، اعتماداً على ما سمح به الدستور وهو إنفاق (1) على (12) من موازنة السـنة السابقة خلال كانون الثاني القادم.
إذا حدث هذا فإن النفقات الجارية ستظل جارية كالمعتاد، ولكن المشاريع الرأسمالية تتعطل بالرغم من الرغبة الشديدة في سرعة إنجاز المشاريع الممولة من المنحة الخليجية، والتي لا يحتاج مجلس النواب لإضاعة الوقت في دراستها، فقد تم الاتفاق عليها مع الجهات المانحة.
إلى حد بعيد فإن رسم الموازنة العامة وتقييمها عملية فنية يقوم بها الخبراء والمتخصصون وتصادق الجهات الدستورية على توجهاتها العامة وليس على تفاصيلها. ومع أن اللجنة المالية في مجلس النواب تسـتمع إلى شهادات الخبراء، إلا أنهم يقدمون لها اقتراحات مختلفة وأحياناً متناقضة، أو يشيرون إلى العيوب وليس الحلول.
إن أسهل وأسوأ ما يمكن أن يفعله النواب هو الطلب من وزارة المالية أن تخفـّض النفقات الجارية بنسبة ما، فالوزارة لا تستطيع أن تخفـّض نفقات مثل الرواتب والإيجارات والفوائد والكهرباء والماء والقرطاسية والصيانة ومخصصات الدعم المقرر إلى آخره.
مجلس النواب يستطيع أن يخفـّض النفقات وبالتالي العجز عن طريق شطب مؤسسات وأبواب يمكن الاستغناء عنها، وحتى في هذا الحال لا يفيد أن يقال أن إلغاء مؤسسة ما لن يؤثر على العاملين فيها، فلا بد من استيعابهم في أماكن أخرى لتجنب الاحتجاجات والاعتصامات التي لا تطيقها أعصاب البعض.
من المعتاد في حالة عدم توفر المال أن يتم إلغاء وتأجيل نفقات رأسمالية. وفي الحالة الأردنية فإن نصف الموازنة الرأسمالية ممول من المنحة الخليجية ولا داعي للمساس به، أما النصف الثاني فيمكن تقليصه إلى أقل من النصف عن طريق تأجيل مشاريع أقل أولوية، وقد حضرت ولم يحضر تمويلها.
في الأصل أن تكون الموازنة مرنة وقابلة للتشكيل بحيث تعكس سياسة الحكومة لمدة سنة. أما في الحالة الأردنية فلا تتمتع الموازنة بأي قدر من المرونة، وهي تفرض نفسها على وزارة المالية، ولا تشـكل استجابه لسياسات معينة بل مجرد مواجـهة التزامات لا مفر منها، أي أن الجزء الاكبر منها يقـع في باب تحصيل حاصل.