تجربة التوقيت الصيفي

أخيراً نزل رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور عند رغبة الكثيرين بالعودة إلى التوقيت الشتوي مما قد يصفه البعض بالرجوع إلى الحق وهو فضيلة.

يستطيع المعلقون أن يمضوا سنوات في الجدل حول أفضلية تغيير التوقيت حسب الفصول كما تفعل دول كثيرة وخاصة في أوروبا وأميركا، أو اتباع توقيت واحد على مدار السنة كما تفعل مصر ودول الخليج والعراق.
هناك مبررات قويـة لتطبيق نظام توقيت موحد في البلدان الأقرب إلى خط الاستواء، حيث الفرق بين النهار والليل صغير جدأً، وهناك مبررات قوية لتطبيق التوقيت الصيفي للاستفادة من ضوء الشمس المبكر في البلدان الشمالية.
في هذا المجال نجد أن الأردن يقع في موقع متوسط على خطـوط العرض، مما يفتح الباب للاجتهاد، ذلك أنه يستطيع التعايش مع كلا النظامين خاصة إذا صاحب ذلك تأخير ساعة بدء الدوام الصباحي في فصل الشتاء.
ليس المقصود بالتوقيت الصيفي توفير الكهرباء كما قد يخطر بالبال فهذه نتيجة ثانوية. المقصود هو زيادة الإنتاجية، فمن غير المعقول أن يظل العامل في الصيف في بيته ثلاث ساعات بعد طلوع الشمس قبل أن يبدأ العمل. وفي جميع الحالات فإن التوقيت الصيفي يشجع البدء بالعمل مبكراً والانتهاء منه مبكراً، ذلك أن الوقت الزائد في الصباح خلال فصل الصيف لا يستفاد منه مثل الوقت الزائد بعد الظهر.
الدكتور عبد الله النسور اجتهد وخاض تجربة صعبة، ومن المؤكد أن رئيساً قادمأً لن يحاول تكرار التجربة، وبالتالي فإن له أجراً واحدأً، وقد خدمت تجربته مبدأ تغيير التوقيت كالمعتاد.
أثبتت التجربة قوة الرأي العام الذي ضغط على السلطة ونجح في فرض ما يريد، ولا عجب، فالشعب مصدر السلطة. ويبقى السؤال: هل قبل الرئيس التصرف بعكس قناعاته أم أنه غيـّر هذه القناعات على ضوء النتائج السلبية للتجربة.
الساعة المستعملة في بلادنا هي حركة الشمس والقمر، وليس الساعة الدقيقة التي نضعها في معاصمنا، ففي مدينة شمالية كلندن مثلاً تشرق الشمس في الشتاء -إن أشرقت- حوالي الساعة العاشرة صباحاً وتغيب قبل الثالثة عصرأً، ولكن الشعب البريطاني مبرمج على الساعة ويذهب الموظفون والعمال إلى مكاتبهم ومصانعهم في الساعة الثامنة والنصف بصرف النظر عما إذا كان الجو مشرقاً أو معتمأً.