إدارة الأزمات.. قصور مؤسسيّ ونجاح أمنيّ !


أيام وتذوب ثلوج الخير وينتفض غبار التعب، والإرهاق عن بعض مسئولينا في القطاع الحكومي، وربما يخلدون في منازلهم، أو قصورهم لبرهة من الوقت للاستراحة من هول العاصفة الثلجية وتبعاتها الارتدادية، ولا نعلم قد يستعين البعض منهم بدفاتر مذكراتهم؛ ليدوّن أجمل اللحظات التي قضاها في الليالي الظلماء، التي غاب عنها بدر العمل والانجاز في بعض الأحيان، فخرج كالعادة مسرعاً إلى شوارع الوطن وساحته، باحثاً عن طريق، أو مسرب مغلق، أو إنقاذ مواطن من شبح الاختناق داخل سيارته ـ لا سمح الله ـ نظير بقائه لفترة طويلة من الزمن داخل حافلته، وربما يبدأ الجزء الآخر من المسئولين بإعداد قوائم المكافآت، والدروع، والأوسمة نظير الجهود الخارقة التي بذلوها في ظل الأجواء الجوية السائدة.

في كل دول العالم لا يمكن الاستعانة بالقوات المسلحة إلا ـ لا سمح الله ـ في حالات الكوارث الطبيعية الصعبة، والحروب للدفاع عن حدود الوطن وأمنه من العبث، والأعداء، أمّا الأزمات الموسمية الاعتيادية فعلى مؤسسات الدولة المدنية تقع المسؤولية في إدارة الأزمة، التي تتمتع بموازنات مالية مرضية، وموظفين يفوقون الحاجة المسموح بها في الأقسام والمدريات التابعة لها، فضلاً عن أقسام الطوارئ التي تؤسس أصلاً للتعامل مع الظروف الجوية، ويقدّم لها كل الدعم اللازم حتى أن بعض الرواتب لموظفيهم يفوق نظرائهم في المؤسسات الأخرى كشركة الكهرباء، وأمانة عمان مثلاً.

وبالفعل نجح جيشنا الباسل، وقواتنا الأمنية، والتي هي فخر واعتزاز كل الأردنيين كالعادة في معالجة القصور بسرعة قياسية، بعدما أغلقت الطرقات وخرجت الأمور عن السيطرة في بعض المحافظات باعتراف بعض رؤساء البلديات أنفسهم الذين لا ـ حول لها ولا قوة ـ سوى آليات لا تستطيع أن تلبيّ متطلبات المنخفضات الجوية الغير اعتيادية، فضلاً عن خزائنها الخاوية التي لا تستطيع أن تقدم الخدمة المثلى لكل مواطن يبحث عن الحاجة، أو تلبية نداء استغاثي ّسريع، وبخاصة مع هذه الظروف السائدة.

والعجيب أن الخطط، والاستراتيجيات معدّة منذ زمن وتصور تباعاً مع كل موسم شتويّ، وتوزع على كافة المديريات الفرعية في المحافظات ويصادق عليها المسئول ويقدم كتاب الشكر لمعدّيها، ومع ذلك تتكرر نفس الأخطاء، بدون أيّ تحسنّ ملموس سوى آليات تدخل الخدمة حديثاً، ويكون التبرير نفسه الذي يطالعنا به المسؤول في الفضائيات والإذاعات المحلية ألا وهو وجود خروج المواطنين في تلك الظروف ممّا يعيق العمل، وربما يكونوا محقين في ذلك، لكنه ليس سبباً رئيساً.

بالتأكيد هناك مؤسسات خدماتية قدّمت خدمات جليلة في تلك الظروف الصعبة، كالأشغال العامة وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، والهيئات الشبابية، وبعض البلديات، ولكن هناك مؤسسات لم تحقق النجاح المطلوب المؤمل بها، كشركة الكهرباء مثلا، والتي لا تعلم أن بعض محولاتنا وبخاصة في الجنوب قد عفا عليها الزمن، ولا يمكن لها أن تتحمل أعباء أكثر من طاقتها الاستيعابية.