الدكتور حسين العموش يكتب :الفوتيك والقايش يحسم معركة الثلجة عندما "يسيح"المكياج ويتعثر "الصغار"


د.حسين العموش

مذ قال الصديق الشاعر المرحوم سليمان عويس يوما : "حبيب الجيش لبنسي شعار الجيش ولو مرة وخذ عمري " .. مذ ذلك التاريخ وأنا اسأل نفسي "ما كل هذا الحب؟ " .

ومذ خلع ابي رحمة الله بدلة الفوتيك وعلقها خلف الباب وظل يتفقد هندامها يوميا والسؤال يلح علي : "ما كل هذا الحب ؟ " .
ومذ يسجل ابي رقمه العسكري "17074 " مرارا على "باكيت دخان الكمال " والسؤال يلح ايضا : " ما كل هذا الحب؟ " .
الآن : بعد أربعين عاما وجدت الاجابة : ذلك ان الجيش هو الجيش وأن الجيش الذي أمسك بالبلاد في ظروف "راحت" بها الاردن الى الهاوية .. هو ذات الجيش الذي يتدخل الآن في عاصفة ثلجية "دوخت بلتاجي وربعه " ، وجعلت منهم نموذجا كيف "يغرق" الانسان بشبر ميه .

الفوتيك ، القايش ، اليطق ، التكميل ، البورش، الشعار .. كلمات وصلت قدسيتها عند ابي الى حد الانبياء .. أما الرقم العسكري الذي ظل يسجله فقد سجل به ابطال الجيش في اليومين الماضيين سجلا خالدا لا تمحه الايام بثلوجها وعواصفها ورياحها وجرافاتها .
وحين يريد ابي الجندي أول ان نصدقة فإنه يحلف يمينا لا يمين بعده نرى صدقه في عينه الوحيده . كان يقول : " وشرفي العسكري " .
وحين بلغت السابعة لم يجد ابي افضل من قماش "الترلين" الاخضر ليصنع لي منها بدلة "سفاري" .. ظلت ترافقني في الصف الثاني حتى نهاية العام .الآن أدركت دفئها ومحبتها وحنيني اليها .
ولأن الكبار لا يتدخلون الا عندما يهم الصغار بالسقوط .. فالمراقب للمشهد العام لما جرى في الثلجة يعرف ان الاقنعة سقطت .. والمكياج "ساح" والربع "فلسو" .. وآلياتهم "بنشرت" .
فكان الجيش .. الجيش .. تدخلت الياته .. وأنقذت السيارات العالقة .. وأحضرت الخبز للعوائل .. وقدمت البطانيات للبردانين .. كل ذلك بدون كاميرات ولا ما يحزنون .
في الجيش رجال – مثل ابي – يرفعون فوق رؤوسهم "شعار الجيش" .. الوطن قبلتهم .. الاردن حسبتهم التي لا تقبل القسمة على اثنين .. في الجيش رجال لديهم مثل ابي "رقم عسكري " ربما تعدى ال "250" الف .. لكنهم هم هم الجنود والضباط ،وضباط الصف .. كلهم عسكر الاردن .. اذا احتاجهم الوطن في محنة .
حمى الله الوطن .. وحمى الجيش .. ورجاله المخلصين المخلصين .. ورحم الله صاحب الرقم العسكري "17074" واسكنه فسيح جنانه .. وأردد عبارة قالتها جدتي يوما : "عساكم بعدهم " .