قناة البحرين؛ فكرة جهنمية قدمها خبير بريطاني لمؤسس الحركة الصهيونية

كتب تحسين التل:- آمنت الحركة الصهيونية بأن توفير المياه، وتوليد الطاقة تعد من أهم ركائز الاستيطان، وكانت من الأهداف المبكرة لفكرة الإستيلاء على فلسطين، ففي عام 1902 أشار تيودور هيرتزل إلى مشروع قناة تربط بين البحر المتوسط والميت في كتابه: الأرض القديمة الجديدة. وتضيف هذه النقطة بعدا تاريخيا له أهميته بالنسبة للإسرائيليين، مع التأكيد على أن قناة البحرين هي جزء من رسالة تيودور هيرتزل التي قرأ فيها المستقبل، وبالتالي فهي جزء من المشروع الصهيوني الكبير.

جمعت إسرائيل حوالي مائة مليون دولار من أجل تنفيذ مخططها الرامي الى فتح قناة تصل الى البحر الميت عبر البحر المتوسط، وبدأ العمل عام 1981 وكانت القناة الإسرائيلية ستمر من صحراء النقب، ووضعت خطط جذب الإستثمارات، والمشاريع السياحية والإقتصادية على الورق إلا أن المشروع توقف بسبب التمويل.

عام 1977 شكلت الحكومة الإسرائيلية لجنة لدراسة العروض التالية:

العرض الأول: خط يربط بين البحر المتوسط والبحر الميت..

العرض الثاني: خط يربط بين البحر الأحمر والبحر الميت عبر إيلات..

وعرض ثالث لتوصيل البحر الميت بقطاع غزة له جدوى اقتصادية لكن الخوف من سيطرة التيارات الإسلامية على القطاع جعل من تنفيذ الخطة دون فائدة تذكر للجانب الإسرائيلي، إلا إذا قامت باحتلال الأجزاء التي تمر في غزة لتأمين الخط، وهذا الأمر يبدو في غاية الحمق. ومعلوم أن إسرائيل لا تساوم على الأراضي التي تقع تحت سيطرتها باعتبارها أراض تابعة للدولة الإسرائيلية، وتفضل دائما الإعتماد على أراضي الغير بما يعود بالفائدة على الدولة الإسرائيلية، فالمشروع الذي ستكون إسرائيل طرفاً فيه؛ سيجلب عليها المنافع أكثر من الدول التي سينشأ في أراضيها.

أهداف المشروع الذي بدأت الدولة العبرية العمل فيه عام 1981 وكانت كما يلي:

أولاً: توليد ثلاثة آلاف ميجا واط من الطاقة الكهربائية سنوياً، عن طريق؛ محطات التوليد، والطاقة الشمسية، والمفاعلات النووية، وهذا يؤكد على أن إسرائيل ستستثمر المشروع لبناء عدد من المفاعلات النووية في منطقة خط القناة المقترح.

ثانياً: إقامة مجمعات زراعية، وسياحية، واستثمارية على جوانب المشروع تعود بالفائدة على دولة إسرائيل وحدها دون غيرها. إنشاء بحيرات اصطناعية لغايات السياحة وتربية الأسماك.

ثالثاً: تجهيز البنية التحتية لإنشاء المستوطنات، وذلك بتحلية مياه القناة القادمة من البحر المتوسط، بتمويل من أمريكا وأوروبا.

كانت إسرائيل جمعت حوالي مائة مليون دولار لغايات المشروع، لكنها فشلت في جمع بقية المبلغ والذي يتراوح بين مليار ونصف المليار الى ملياري دولار فتوقف المشروع نهائياً.

التوقعات كانت تشير الى عودة مياه البحر الميت الى سابق عهدها قبل مئات السنين، وتغمر الأجزاء التي انحسرت بفعل التبخر العالي، ونسبة الملوحة، وقلة المياه الداخلة إليه من نهر الأردن.

(ملاحظة): البحر الميت يأخذ من نهر الأردن حوالي مائة مليون متر مكعب سنوياً، مع أنه يحتاج الى 2 مليار متر مكعب سنوياً ليعود كما كان في سابق عهده.

.. مشروع ناقل البحرين بين البحر المتوسط والبحر الميت فكر فيه لأول مرة مهندس إنجليزي يدعى ويليام عام 1855 وعرض الفكرة على مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتسل، كبديل عن قناة السويس في مصر التي كانت تخضع للحكم الفرنسي، فاقتنع هيرتسل بالفكرة وأرسل أحد المهندسين اليهود الى المنطقة لدراسة جدوى المشروع، وقد أوصى المهندس اليهودي بالموافقة على الفكرة، وجعل مدينة أريحا منطقة سياحية، ولأن أريحا منطقة ملعونة عند أحبار اليهود؛ تم إفشال المشروع، وتكررت المحاولات في بداية القرن العشرين، ونشرت عدة دراسات كان أهمها دراسات في عام 1947 وعام 1977 وعام 1981 إلا أنها فشلت جميعها بسبب عدم وجود تمويل كافٍ لمشروع بهذا الحجم.

بعد فشل كل الدراسات، والخطط، والمشاريع الإسرائيلية والبريطانية في إقامة مشروع يلبي طموح الحركة الصهيونية، ودولة إسرائيل، وقعت الأردن وإسرائيل وفلسطين اتفاقية لمد خط بين البحر الأحمر والبحر الميت ضمن الأراضي الأردنية وبطول 180 كلم، وإنشاء محطة تحلية ضخمة لتزويد إسرائيل، والمناطق الشمالية من الأردن بالمياه الصالحة للشرب.

إذن المشروع سينفذ على حساب الأراضي الأردنية دون المساس بقطعة أرض تابعة لدولة إسرائيل، ومع أننا نعلم أن المشروع سيخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، ونحتفظ برأينا، إلا أننا لسنا ضد المشروع الذي سيخدم الأردن وفلسطين إن تم بالشكل الصحيح دون أن يتعدى طرف على حساب الطرف الآخر..