وزير الداخلية وقصة نور...؟


- بمنأى عن ملابسات مصرع الشهيدة نور ، وبضرور منح جهازي الأمن العام القضاء حقهما في التحقيق ، لتفنيد الواقعة عمليا وعلميا ، كجهتي إختصاص نعتز بهما ، وبمعرض عن موجة الغضب التي يتعرض لها رئيس الوزراء جراء التوقيت الشتوي ، الذي لا شك أنه أسهم لحدٍ ما في حدوث هذه الجريمة النكراء ، فإننا نرى أن هناك إجتهادات ، تهويلات ومغالطات ليست في صالح طرفي المعادلة "ذوي المجني عليها وذوي الجاني" ، خاصة في الإطار العشائري الذي ما يزال صاحب دور في مثل هذه الحالة ، وهو ما يدعونا إلى أهمية التوقف عن التخمينات حول الواقعة ، والتكهن حول أسبابها ونتائجها الكارثية على الشهيدة المجني عليها ، وعلى الجاني وما سيواجهه من عقوبة قد تصل إلى الحد الأقصى "الإعدام" .
- منذ تولى الباشا حسين هزاع المجالي حقيبة الداخلية ، حاولت مرارا الوصول إليه لإبداء رأي فيما يتعلق بالعنف ، الذي بات ظاهرة مؤسفة في وطن المحبة والتعايش بإحترام ، الذي تكفله الأجهزة الأمنية من جهة القانون ، والمنظومة العشائرية من جهة العُرف والعادة ، لكن المؤسف بالأمر في محاولاتي ، تلك المواقف اللامسؤولة لسكرتاريا الوزير وإدارة مكتبه ، التي طالما حجبت الوزير عني بحجج واهية ، وهكذا لم أفلح في الوصول إلى معاليه ، رُغم المرات العديدة التي طلبت خلالها موعدا مع معاليه ، علما أنني على معرفة ويقين أن الباشا ليس من نوعية المسؤولين الذين يتوارون عن المواطن .
- لا شك أن الأوضاع الإقتصادية ، تزايد غلاء المعيشة وحمى إرتفاع الأسعار ، إلى جانب ضآلة فرص العمل ، الفقر ، البطالة وما يشهده الإقليم من تداعيات ، هي عوامل تبعث على النزق ، ضيق الصدور، تنامي الجريمة ، إزدياد في ظاهرة العنف ومن ثم الإختلال الإجتماعي ، وهو ما يحتاج إلى معالجة مغايرة لما تقوم به الأجهزة الأمنية على ضرورة وأهمية دورها .
- وإذ ما أزال أبحث عن لقاء وزير الداخلية ، فإنني أعتقد أن ما نحتاجه لمعالجة العنف والحد من الجريمة ، هو معالجة ثقافية ببعدين آني تكتيكي والآخر إستراتيجي ، وفيما أعتقد أن الأول سيحد من ظاهرة العنف إلى حد ٍ ما ، وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية وتطبيق القانون، فيما الثاني يُمهد إلى تحجيم هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا إلى أقصى حد ، هذا المجتمع الذي طالما كان يسرح ويمرح تحت ظلال قانون المحبة ، الذي كان سائدا في العقود الماضية والذي ما يزال يُمكن إحيائه من جديد .
- الأردنيون بكل أطيافهم السياسية ، طبقاتهم الإجتماعية ، أصولهم ومنابتهم أقرب ما يكونوا للعائلة الواحدة ، فمهما تكن طبيعة الإختلاف بينهم كأفراد وحتى كجماعات فدائما هناك حلولا وتسويات وتراجع عن الأخطاء ، وذلك من منطلق الأصالة والطيب ومنهاجية الوسطية والإعتدال ، التي تُعتبر سمة متجذرة في المجتمع الأردني الذي لم يعرف يوما الإنقسام أو إتساع ظاهرة التناقضات الإجتماعية تحديدا .
- وفيما ندعو مع كل الحريصين والغيورين على هذا الوطن الأعز ، وعلى تمتين نسيجه الإجتماعي العروبي الإسلامي ، فإننا كذلك ندعو الذين يؤمنون بإحقاق الحق أن ينأوا بأنفسهم عن الإجتهاد مسبقا، فيما سيكون عليه حُكم القضاء المدني والعشائري ، في هذه الواقعة سيئة الذكر .