أقسم بالله انني لا أعرف ماذا أكتب لكم

ها أنا أبكي.. بل أضحك.. بل أبكي وأضحك.. بل أنا واقف بكامل قامتي وأؤدي التحيّة لكل الشهداء أولاً ولكل مصر كما فعل ذلك اللواء المصري حين أعلن البيان رقم (3) فاقشعرت الأبدان.

 

أقسم بالله انني لا أعرف ماذا أكتب لكم.. فقد ضاع كل الكلام.. فمن أوّل خطاب لحسني مبارك وأنا أنتظر الخطاب الثالث وكنت أدعوالله أن يكون يوم خميس.. وأن يكون فيه تنازلات كبيرة.. فهكذا فعل (زين الهاربين إلى جدة) ألقى خطابه الثالث يوم خميس وهرب يوم الجمعة.

 

يتساءل كثيرون: كيف قبل أن يتنحّى مبارك..؟ الإجابة عندي بسيطة.. كان قبلاً ، يتفرج على التلفزيون المصري فقط وكان مقتنعا أن المتظاهرين عشرات ، تحولوا إلى مئات.. وصلوا إلى أكمن ألف فقط.. وحين ركب طائرته وأسرع إلى شرم الشيخ نظر من فوق إلى الأرض فرأى الملايين في الشوارع.. فصرخ في وجه ابنه جمال قائلاً: يا لهوي دول مش عشرات.. دول أكتر من النمل وهيكلونا ، البلد دلوقتي مش بلدنا.. أنا متأكد إنه نظر هذه المرّة.. بعد كان لا ينظر إلاّ لصورته ولا يسمع إلا من يُثني عليه.

 

الله يا مصر.. ارتاحت الاعصاب الآن.. ارتاحت قليلاً.. لأن أعصابنا تستعد لأحداث أخرى.. فبعد أن سقط نظام حسني مبارك وبعد لحظات الغناء والبكاء والفرح في بيتي والتي انخرط فيها كل أولادي وأنا أضحك وأبكي.. بعد ذلك كله.. سمعتُ زوجتي أم وطن تحكي بالتلفون مع كل قريباتها وتقول لهن: انتهت حالة الطوارئ في بيتنا.. الحمد لله سقط حسني حتى نعرف نعيش من جديد.. ضحكتُ ضحكة مدوية وضرختُ عليها: بكرا رايحة تولّع في الجزائر وفيه أحداث كبيرة باليمن.. قالت:

 

يــيــيـــيـــيـــيــــه علينا.

 

ولا أنسى أن أقدّم اعتذاري لكل واحد اتصل بي خلال اليومين الماضيين ولم أردّ عليه.. لم أكن في حالة تسمح لي بالرد.. صوتي كان فيه من حشرجة البكاء أكثر من قهر انتهى ، مما لا أستطيع أن أُخرج الحروف من فمي بشكل يليق بمصر وثورة مصر.

 

مبروك يا مصر.. مبروك علينا كلنا.. وشهداؤكم أحياء عند ربهم.. وبانتظار ثورة أخرى في بقعة عربية أخرى.