أين الأردن من غامض المفاوضات؟!

بقلم - ماهر ابو طير - غادر جون كيري وزير الخارجية الأمريكي المنطقة قبل أيام فقط، وهو يصرح قائلا: إن الفلسطينيين والإسرائيليين أقرب ما يكونوا إلى السلام في هذه المرحلة، تاركا غامض الكلام للتأويلات، وهو كلام لا يجوز أن يمر دون استبصار لمعناه.
التساؤلات كثيرة: هل ستعلن دولة فلسطينية كاملة عاصمتها القدس، أم سنرى عاصمة أخرى لهذه الدولة فيما تخضع القدس لرعاية دينية باعتبارها حيا دينيا فقط؟!.
ما مآلات ملفات النازحين الى الاردن عام سبعة وستين، وملفات اللاجئين عام ثمانية واربعين الى الاردن ودول عربية اخرى، العودة والتعويض؟!.
ما شكل العلاقة التي ستقوم جغرافيا بين الاردن والضفة الغربية، مع المعلومات التي تتسرب حول إصرار اسرائيل على البقاء في غور الاردن، وعدم منحه للفلسطينيين؟!.
هناك اسرار غامضة وراء تصريحات وزير الخارجية الامريكية، والمعلومات تقول ان التسارع نحو حل القضية الفلسطينية عبر اقامة شكل من اشكال الدولة الفلسطينية سيكون مدخلا لتطبيق المبادرة العربية التي تضمنت منح اسرائيل علاقات دبلوماسية مع اكثر من خمسين دولة عربية واسلامية.
النتيجة ستكون تأسيس محور كبير عربي اسرائيلي ممتد في وجه محور الهلال الشيعي، طلبا للحماية، من جهة، ولتثبيت اسرائيل في المنطقة، وهو امر تسعى اليه اطراف عربية ودولية نافذة، خصوصا، بعد اختلال معادلات المنطقة، وانقسامها على اساس هلالين، شيعي وإسرائيلي وتوابعه، وخروج الاسلام السياسي السني من اللعبة.
هذا يعني في المحصلة ان حل القضية الفلسطينية سيؤدي ضمنيا لترتيب معسكر اقليمي كبير تتزعمه اسرائيل، التي ستحل كقوة عسكرية وسياسية، مكان القوة الامريكية المنسحبة الى اسيا، من جهة، والتي اعادت تموضعها في المنطقة مؤخرا، على اساس مبدأ «الإخلاء والإحلال» إخلاء وجودها، وإحلال اسرائيل مكانها، وهذا الإحلال لا يكون ممكنا إلا بحل القضية الفلسطينية، توطئة لقبض ثمن المبادرة العربية.
هذا أمر له مكاسبه النفطية والمالية، ولن يتبلور إلا بحل المشكلة الفلسطينية، التي باتت عقبة في وجه زعامة اسرائيل للمنطقة باعتبارها دولة عظمى مقبلة على الطريق.
هذه سيناريوهات محتملة إذا توصلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الى نتيجة نهائية، غير ان التساؤلات تثار من جهة اخرى حول مدى اطلاع الأردن على ما يجري خلال هذه المفاوضات، ومدى تأثره ايضا بالنتائج، على الصعيد الجغرافي والديموغرافي والاقتصادي، والشكل السياسي المتوقع إذا نشأت رابطة وحدوية بين الأردن والدولة الفلسطينية والتساؤلات مفتوحة هنا، وتصل حد استبصار كل مآلات الكيانية السياسية.
نؤشر على أن هناك بنودا محددة في اتفاقية وادي عربة تمنح الاردن دورا في الحل النهائي، ازاء ملفات القدس واللاجئين وغير ذلك، ولا أحد يعرف إذا ما كان الاردن يتم وضعه في صورة التفاصيل، أم أنه قد يباغت ببعض النتائج على طريقة اتفاقية اوسلو؟!.
هناك شيء ما يتم الإعداد له في غامض الغيب، على صعيد القضية الفلسطينية، ونتائج ما يجري ستمتد اقليميا ودوليا، هذه المرة، وربما سر التسارع الذي ألمح اليه كيري، يعود الى الضغط على كل الحلفاء التقليديين في المنطقة الذين كانوا يتكاسلون امام القضية الفلسطينية، لكنهم تحت وطأة اعادة ترسيم المنطقة قرروا حل عقدها، توطئة لإشهار معسكر جديد ممتد، له مهماته المحددة، في المنطق.
الطرف الوحيد الذي سيدفع ثمن تعميد الاسرائيليين، وتحوّلهم الى شرطي الحماية في المنطقة، في وجه الهلال الشيعي، سيكون الشعب الفلسطيني، وهذا ليس غريبا، فهو يدفع الثمن دوما، في الحرب والسلام.
المنطقة تدفع ثمن التحولات دوما، وتتقلب من حضن الى حضن، فلا استقلال ولا حرية!