من المسئول عن قتل نور في مجمع الباصات

 

كانت تمشي في الظلام الدامس ولا يوجد هنالك نور سوى اسمها، خرجت من بيتها لجامعتها لطلب العلم في الساعة 5.50 فجراً أي قبل شروق الشمس بساعة وأربعة وعشرون دقيقة ، فدخلت بالباص لأن الظلام حالك ، فنحن وكما أرادت حكومتنا لا زلنا ( توقيت صيفي ) وكانت الشمس تشرق وقت وقوع الجريمة 7.14 صباحاً.

وقبل أي أمر هل تعلمون أن نسبة التوفير وحسب أقوال خبراء الطاقة في الحكومة ( وزير الطاقة السابق ) هي خمسة ملايين دينار ، تخيلوا دولة تقوم بكركبة البلد كلها من أجل رقم مزعوم لا يؤثر على نادي كرة قدم في أوروبي أو حتى عربي ، بالله عليكم أيها الخبراء هل قمتم باحتساب أن المواطنين يقوموا بإنارة بيوتهم بساعة إضافية صباحاً وبالتالي إضافة استهلاك مادي يومي ، هل حسبتم المعاناة النفسية واليومية التي يعاني منها الأهل مع أبناءهم كل صباح، من أجل خمسة ملايين دينار في حين أن مجموع الرواتب للوزراء والنواب السابقين تبلغ 54 مليون دينار سنوياً، السلطة الفلسطينية تقوم بتعديل التوقيت فهل اقتصادها أقوى من اقتصادنا.

تعالوا نستعرض جميعاً الأمر لنعرف من المسئول عن مقتل نور ، فهي رحمها الله خرجت في الوقت الاعتيادي كما يخرج الغالبية العظمة من الطلاب لبلوغ باصات الجامعة، المجرم ومهما كانت دوافعه الدنيئة استغل عتمة الليل ( أو عتمة الصباح ) فلو كان الوقت مختلف أي ما في ( توقيت صيفي ) لكان النهار قد طلع، ومكان للمجرم أن يقدم على فعلته وبدمٍ بارد.

نور وحسب الإفادات وكما علمنا كانت تصرخ ( ومن البديهي أن تصرخ ) فهي تعرضت للطعن 9 مرات ، تخيلوا فتاة تصرخ في مجمع باصات الزرقاء ولا أحد يجيب ، فالظلام دامس جعل الكثير من الناس يخافون على أبناءهم فغيروا نمط خروجهم وخروج أبناءهم.

نور خرجت قبل ساعتين من موعد أول محاضرة لأن أول محاضرة ستكون الساعة 8 صباحاً وبالتالي هنالك ساعتين تحتاجها نور وغيرها من الزرقاء إلى المفرق التي تبعد قرابة 30 كيلومتر فقط ، فلو أن هنالك مواصلات أسهل لما خرجت نور مبكراً حتى تتجنب الزحمة وبالتالي تفوتها المحاضرات، كما لو أن هنالك نظام خاص بالطلاب مواصلات مختلفة أنظمة البطاقات وغيره لتجنب الكثير المعاناة بهذا الشكل.

أما القاتل ، فهو شاب عمره 21 كان يعمل كونترول باص، سبق له وقبل عام أساء لهذه الفتاة طالبة كلية الشريعة ، التي بصقت في وجهه لقلة أدبه وسوء سلوكه، فلم يرضى بذلك فبعد عام يتربص لها وينصب لها كمين ويقتلها داخل الباص، فلو أن هنالك أمن أو حراسة في مجمعات الباصات خصوصا قبل شروق الشمس ( لأن الحكومة مصرة على التوقيت الصيفي ) فإن وجود أمن سيعطي رادع، كذلك يجب أن تكون هنالك قوانين صارمة اتجاه عمل السائقين وكل شخص يعمل في هذا المجال ، لا أن تترك الأمور هكذا على الغارب ( معاك رخصة حسب الفئة كم الراتب وكم الضمان اليومي).

فوجود ما يسمى كونترول مع كل هذا التقدم شي غريب ، فإن وجود شاب عمره 20 سنة في مكان فيه طالبات تثير فيه الرغبة اتجاههن وتجعله يتمادى باتجاه رغباته، والغريب أنه لما الحاجة لكنترول باص، هل يحتاج الأمر لخبراء لمعاجلة هكذا مشكلة أقل ما تسمى بسيطة.

إن ما حصل مع نور قد يحصل لا قدر مع أي فتاة أو طفل في ظل وجود هؤلاء المرضى النفسيين والشواذ ، ويبقى السؤال هل الموضوع هو ذلك الشاب هو وحده القاتل ،أم أن الأخذ بالأسباب هو الأساس ، فلو تتم معاقبة مثل هذا الشاب على فعلته كما أمر رب العباد دون تجميل فعلته بأنها سرقة ( قتلها بدافع السرقة ) فأي عقل يصدق ذلك ، طالبة في طريقها للجامعة فهل ستحمل غير مصروفها، وأقصد هنا وبمعنى آخر ليكن العقاب على قدر الجريمة وليطبق العقاب والقانون على كل جريمة صغيرة أم كبيرة دون جاهات وفنجان قهوة.

فلو تتم محاسبة كل أطراف المشكلة والمسببين لها لكانت أمورنا بالتأكيد ستتغير ، ما حدث لنور رحمها الله ليست بفعل شخص واحد ، بل هنالك أسباب ومسببات علينا الأخذ بها ومحاسبتها.

د.خالد جبر الزبيدي

khaledjz@hotmail.com

8/12/2013