البنك المركزي يصدر تقرير الاستقرار المالي لعام 2012

 

* الاردن يحقق معدلات نمو ايجابية ومستوى احتياطيات مرتفعا خلال العام الماضي
* الاستقرار المالي نتج عن تبني سياسة رقابية وتشريعية حصيفة على النظام المصرفي
* الاردن يتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة


أخبار البلد
كشف تقرير الاستقرار المالي لعام 2012 عن ان السياسة المالية المصاحبة للسياسة النقدية المنضبطة ساعدت في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي وحققت معدلات نمو موجبة ومستوى احتياطيات مرتفعا واستقرارا في مستويات الأسعار.
ويلقي التقرير الذي اصدره البنك المركزي امس الضوء على التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في الأردن، والجهود المبذولة لمواصلة الارتقاء به، فضلاً عن تقييم ادائه والوقوف على المخاطر التي قد تواجهه.
وبين التقرير ان الاستقرار المالي نتج عن تبني سياسة رقابية وتشريعية حصيفة على النظام المصرفي، بالإضافة إلى اتسام هذا النظام بالتحفظ، واحتفاظه بمستويات مرتفعة من رأس المال ومستويات مقبولة من السيولة وانخفاض تعرضه للسندات السيادية الأوروبية والأدوات الاستثمارية عالية المخاطر.
واشار التقرير الى ان هذا النجاح تحقق على الرغم من تعرض الأردن لصدمات حادة منذ خمس سنوات شملت الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي وما رافقه من انقطاع الغاز المصري والصراع في سورية والتدفق الكبير للاجئين السوريين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية والنقص في المنح والمساعدات.
وبين محافظ البنك المركزي د. زياد فريز في تقديمه للتقرير أن الاردن يتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة نتيجة تمتع البنوك بمستويات مرتفعة من رأس المال هي الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة الى تمتعها بمستويات مريحة من السيولة.
ويأتي إصدار تقرير الاستقرار المالي لعام 2012 كأول تقرير بعد أن تم تأسيس دائرة الاستقرار المالي في البنك المركزي في بداية عام 2013.
وفيما يلي النص الوافي للتقرير:

//الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه//.
شهد العالم تحسناً في الظروف المالية وحقق استقراراً مالياً غير مستدام منذ شهر تشرين الأول 2012، ونتج هذا التحسن عن تبني سياسات نقدية غير تقليدية وسياسات مالية متشددة (التقشف الحكومي)، الأمر الذي جعل من آفاق نمو الناتج محدودة جداً وأدى إلى حدوث تعاف ثلاثي الأبعاد (ثلاثي السرعة) كما أسماه صندوق النقد الدولي.
إلا أن هناك اقتصاديين آخرين يرون أن الاقتصادات الناشئة قد تعاني بعد فترة من تراجع النمو الاقتصادي مع تراجع الطلب في الاقتصادات المتقدمة وتراجع سياسات التحفيز النقدية غير التقليدية، ومع تراجع نمو الاقتصادات الناشئة، فإنه من المرجح أن يتأثر النمو في الدول المنتجة للمواد الخام بصورة سلبية.
وشهد الاقتصاد العالمي نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1ر3 % في عام 2012، ومن المتوقع أن يحافظ على نفس النسبة في عام 2013، أما في عام 2014، من المتوقع أن يصل النمو إلى 8ر3 % حسب تحديث صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي في تموز 2013 مع وجود اتجاهات متباينة بشكل واضح في النمو ما بين الاقتصادات المتقدمة .
وما زالت الاقتصادات النامية والأسواق الناشئة تنمو بقوة أكبر من تلك السائدة في الدول المتقدمة، إلا أن مؤشرات عام 2013 تشير إلى تراجع في معدلات النمو في هذه الدول.
وفي الدول المتقدمة، يبدو أن هناك انقساماً متنامياً بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة ومنطقة اليورو من جهة أخرى.
ويتنبأ صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو في الولايات المتحدة الأميركية 7ر1% و 7ر2% في عامي 2013 و2014 على التوالي مقابل6ر0% و 9ر0 % لنفس الفترة في منطقة اليورو، وعلى الرغم من أن معدل النمو المتوقع في الولايات المتحدة الأميركية يبدو مرتفعاً إلا أنه فعلياً لا يكفي لتحقيق تحول كبير في معدلات البطالة التي ما زالت مرتفعة.
وتعكس توقعات النمو السالبة في منطقة اليورو ليس فقط الضعف الذي تشهده الدول غير المحورية ولكن بعض الضعف في الدول المحورية، فعلى الرغم من ارتفاع معدل النمو في ألمانيا إلا أن من المتوقع أن يبقى دون 1 % في عام 2013، أما معدل النمو في فرنسا فيتوقع أن يكون سالباً الأمر الذي يعكس آثار ضبط المالية العامة والأداء الضعيف للصادرات والثقة المتدنية.
ويتوقع أن تشهد معظم الدول غير المحورية في أوروبا وبشكل ملحوظ إيطاليا وإسبانيا انكماشاً كبيراً في عام 2013، وعلى الرغم من أن معظم هذه الدول تتجه لأن تصبح أكثر تنافسية ولكن بصورة بطيئة إلا أن الطلب الخارجي ليس قوياً لدرجة تسمح بالتعويض عن الطلب الداخلي الضعيف، كما أن الآثار السلبية المتداخلة بين البنوك الضعيفة والحكومات الضعيفة والنشاط المتدني جميعها تعمل على تعزيز عملية الانكماش.
جدير بالذكر أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية على احتمالية خروج منطقة اليورو من مرحلة الانكماش خلال عام 2013، أما اليابان فإنها تتجه بقوة في منحى خاص بها، فبعد سنوات كثيرة من الانكماش السعري والنمو القليل أو المعدوم أعلنت الحكومة عن تبني سياسة جديدة تستند إلى تحفيز نقدي كبير واستهداف تضخم موجب وتحفيز مالي وإصلاحات هيكلية، حيث ستعزز هذه السياسة النمو في الأجل القصير الأمر الذي يتضح من توقعات صندوق النقد الدولي للنمو بأن يبلغ 0ر2% في عام 2013، رغم ذلك وبالأخذ بعين الاعتبار المستويات المرتفعة للدين العام فإن الشروع في تطبيق التحفيز المالي في غياب خطة ضبط مالية عامة متوسطة الأجل هو أمر فيه مخاطرة حيث يزيد من احتمال طلب المستثمرين علاوات مخاطرة الأمر الذي سيؤدي إلى عدم استدامة الدين.
وفي مقابل هذا المشهد المختلط في الاقتصادات المتقدمة، فإن الاقتصادات الناشئة تبلي بلاءً حسناً، ففي الماضي كانت هناك ظروف شبيهة بالظروف السائدة في الوقت الحاضر مثل:
أسعار سلع مرتفعة وأسعار فائدة متدنية وتدفقات داخلة كبيرة لرأس المال أدت في الغالب إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في الائتمان وخلق فقاعات، لكن الحال اليوم مختلف حيث نجح صانعو السياسات بشكل عام في المحافظة على الطلب الكلي ضمن حدود الطلب الممكن وفي نفس الوقت فإن النمو نفسه انخفض في العديد من الاقتصادات الناشئة الرئيسية بالمقارنة مع الاتجاهات التي كانت سائدة قبل الأزمة، وبالرغم من اختلاف الظروف بين الدول فإن الواقع العملي يبين أن بعض هذا التراجع مصدره التشوهات المرتبطة بالسياسات والتي يجب أن تتم معالجتها.
وبالنسبة للتضخم فقد انخفض معدل التضخم العالمي من 75ر3 % في أوائل عام 2012 إلى حوالي 25ر3 % في نيسان من عام 2013، ومن المتوقع أن يبقى حول هذا المستوى خلال عام 2014، وقد حافظت توقعات التضخم على مستوياتها الأمر الذي دفع الباحثين في صندوق النقد الدولي إلى دراسة التضخم لمعرفة هل تم كبح جماحه أم أن أهميته فقط تراجعت، حيث يتوقع أن تكون تقديرات التضخم تنازلية الاتجاه حتى عام 2018.


/الوضع العالمي وآفاقه/.
إن التحسن الذي طرأ خلال العام الماضي كان بسبب الإجراءات الحاسمة على مستوى السياسات التي تم تبنيها في أجزاء مختلفة من العالم والتي أسهمت في تخفيض المخاطر الكبيرة.
جدير ذكره أن الملاحظة الختامية لتقرير الاستقرار المالي العالمي نصف السنوي الأخير والفكرة الأساسية للتقرير ملخصة تاليا في العنوان( مخاطر قديمة وتحديات جديدة)، فقد أسهمت السياسات الاقتصادية الكلية التي تم تبنيها في الحد من التباطؤ الاقتصادي وتحسين آفاق المستقبل وخاصة في الاقتصادات المتقدمة، حيث يتوقع أن تبقى أسعار الفائدة الأساسية منخفضة جداً على مدى السنوات الثلاث المقبلة عاكسة بشكل جزئي التشدد الائتماني في منطقة اليورو بسبب الظروف التي تعيشها الدول غير المحورية والتوسع الائتماني في الولايات المتحدة الأميركية، مدفوعاً بتحسن أسعار المساكن وتحسن أوضاع قطاعي الأفراد والبنوك، ونتيجة لذلك فإن الظروف المالية قد شهدت تحسناً من خلال تطبيق السياسات النقدية غير التقليدية والتي أسهمت في تعزيز الاستقرار المالي، كما أن الإجراءات التي تم تبنيها من قبل البنوك المركزية الرئيسية في العالم استهدفت تنشيط الاقتصاد ومكافحة الأزمة المالية من خلال تعزيز الاستقرار المالي في الأجل القصير.
//مخاطر قديمة..تحديات جديدة//.
إن التحسن الذي طرأ على الظروف المالية العالمية في شهر نيسان من عام 2013 بالمقارنة مع شهر تشرين الأول 2012 اشتمل على تراجع في مخاطر الائتمان ومخاطر الاقتصاد الكلي ومخاطر السيولة والسوق ومخاطر الأسواق الناشئة، إلا أن درجة تقبل المخاطر شهدت التحسن الأكبر، كما تحسنت الظروف النقدية والمالية.
وتنعكس أهمية اتجاهات الاقتصاد الحقيقي على استقرار النظام المالي من خلال ما يسمى بـ (ستلايت مودل)، والذي يستخدم بهدف قياس أثر متغيرات الاقتصاد الكلي على نوعية أصول البنوك من خلال اختبارات الأوضاع الضاغطة الكلية (فوغليا) 2009.
وأشار فوغليا 2009 إلى أن الكثير من اختبارات الأوضاع الضاغطة يتم بناؤها استناداً إلى نماذج اقتصادية كلية لتقدير تطور المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية (مثل الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة وأسعار المساكن) في ظل أوضاع ضاغطة معينة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على الاقتصاد الحقيقي، ويتعدى أثرها ليصل إلى النظام المالي وذلك بهدف تحديد أدوات السياسة المتاحة التي قد تكون فعالة في الحد من التبعات المحتملة للصدمات على استقرار ومناعة النظام المالي.
//آمال وحقائق ومخاطر//.
حدد صندوق النقد الدولي إجراءات عمل مطلوبة لضمان الاستقرار والتعافي المالي تتمثل بمعالجة حالات الضعف في ميزانيات القطاعين الخاص والعام، وتحسين تدفق الائتمان لدعم التعافي، وتقوية النظام المالي العالمي، وهذه الإجراءات يجب أن يستمر دعمها من خلال السياسات النقدية المتكيفة، حيث أن هذه السياسات مجتمعة سوف تعمل على تعزيز المكاسب التي تحققت على صعيد الاستقرار المالي وتقوية النظام المالي العالمي وتدعيم التحسن المستمر في آفاق الاقتصاد.
//الوضع الاقتصادي المحلي وآفاقه//.
إن التطورات الاقتصادية والمالية العالمية وآفاقها كان لها أثر على الأردن كاقتصاد صغير ناشئ مفتوح مستورد للنفط، فالأردن يتعرض لصدمات حادة منذ خمس سنوات شملت:
الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي وما رافقه من انقطاع الغاز المصري والصراع في سورية وما رافقه من تدفق كبير للاجئين السوريين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية والنقص في المنح والمساعدات، حيث انعكست تبعات هذه الصدمات على الأردن بطرق كثيرة.
رغم ذلك، فإن السياسة المالية المتشددة المصاحبة للسياسة النقدية المنضبطة ساعدت في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي من حيث المحافظة على معدلات النمو موجبة ومستوى احتياطيات مرتفع واستقرار مستويات الأسعار والمحافظة على الاستقرار المالي الذي نتج عن تبني سياسة رقابية وتشريعية حصيفة على النظام المصرفي، بالإضافة إلى اتسام النظام المصرفي في الأردن بالتحفظ، واحتفاظه بمستويات مرتفعة من رأس المال ومستويات مقبولة من السيولة، وانخفاض تعرضه للسندات السيادية الأوروبية والأدوات الاستثمارية عالية المخاطر، كما لا يمكن تجاهل الاستقرار السياسي الذي ساعد في تعزيز الاستقرار في المناحي الأخرى، وفي ظل تعزز أركان الاستقرار الاقتصادي، اتخذ البنك المركزي بتاريخ 7/8/2013 قراراً بتخفيض أسعار الفائدة (25 نقطة أساس).
إن الأردن كاقتصاد صغير مفتوح يترابط بقوة مع الاقتصاد العالمي، فالاستمرار المتوقع لتبني السياسات المالية المتشددة في الاقتصادات المتقدمة مثلاً سيكون له أثر واضح على الأردن من خلال احتمالية تراجع الطلب الخارجي والمنح والمساعدات الخارجية.
إن شركاء التصدير الرئيسيين للأردن هم:
العراق والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والهند وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة، في حين أن شركاء الاستيراد الأساسيين هم:
المملكة العربية السعودية والصين وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة وألمانيا وتركيا، وقد مرت هذه الدول بممرات مختلفة متأثرةً بالاقتصاد العالمي والوضع السياسي، وعلى الرغم من ذلك، فإن التوقعات تسير نحو استمرار الاستقرار الاقتصادي في الأردن المرتبط بالاستقرار السياسي والاجتماعي والسياسات النقدية والمالية الحصيفة.
وأشار صندوق النقد الدولي في ختام زيارة للأردن في 26/12/2012 ضمن مراجعته الأولى لترتيبات الاستعداد الائتماني إلى أن أداء الاقتصاد الأردني كان جيداً حيث استطاع مواجهة التحديات التي أشرنا إليها والتي زادت من حدة الضغوط على الاقتصاد الأردني.
وقد كانت توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن النمو الاقتصادي في نهاية عام 2012 سيزيد قليلاً عن 3 % مقارنة مع 6ر2% في عام 2011 في حين توقع الصندوق أن يبلغ معدل التضخم 5 % تقريباً لمتوسط الفترة في عام 2012، إلا أن هذه التوقعات لم تتحقق، حيث بلغَ معدل النمو الاقتصادي 8ر2 % في نهاية عام 2012 كذلك فإن معدل التضخم كان أكبر من المتوقع حيث بلغ 2ر7 % في نهاية عام 2012 بسبب قرار الحكومة توجيه دعم المحروقات للأفراد وليس للسلعة، رغم ذلك فإن توقعات الصندوق أصبحت أكثر تفاؤلاً تجاه الاقتصاد الأردني في المراجعات التالية كما أظهرت تحديثات توقعات الصندوق، وعلى الرغم من صعوبة الظروف المحيطة بالأردن على كافة الصعد فقد شهد الصندوق بسلامة تنفيذ سياسات الاقتصاد الكلي للحد من الاختلالات المالية والخارجية بطريقة مقبولة اجتماعياً.
وكان قرار صانعي السياسة المالية بتحرير أسعار جميع المنتجات النفطية ما عدا الغاز المسال ورفع الدعم الحكومي المقدم لها في 14/11/2012 خطوة هامة خفضت من العبء والمخاطر على الميزانية العامة من تقلبات أسعار النفط على طريق تحقيق استقرار مستدام لمالية الحكومة، أما فيما يخص البعد الاجتماعي فلم يكن غائباً عن خطط الحكومة، حيث عملت على التخفيف من أثر ارتفاع أسعار الوقود لجزء كبير من السكان من خلال الدعم النقدي المباشر.
وأشارت ورقة عمل أعدها اقتصاديون عاملون في صندوق النقد الدولي إلى أن "أوضاع الاقتصاد الأردني على الصعيد الكلي ساعدت في تحقيق الاستقرار المالي في الأردن، دون إغفال الظروف الخارجية التي شكلت المخاطرة الأكبر للاستقرار المالي".
//الاستقرار الاقتصادي الكلي//.
بلغ الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الجارية في عام 2011 ما قيمته 476ر20 مليار دينار، بمعدل نمو بلغ 6ر2 % عن عام 2010، كما بلغ هذا الناتج 049ر21 مليار دينار عام 2012.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي ستوالي اتجاهها الصعودي حتى عام 2015 قبل أن تستقر على مستوى 5ر4 % خلال الأعوام 2015 حتى 2018، ما يعد مؤشراً جيداً على الاستقرار النسبي للاقتصاد الأردني مقارنة بالفترة 2010-2012 والتي شهدت واحدة من أدنى معدلات النمو الاقتصادي خلال الربع قرن الأخير.
//استقرار الأسعار//.
رغم رفع الدعم عن المحروقات والذي شكل ضغطاً على المستوى العام للأسعار إلا أن ضعف الطلب قد حد من ارتفاع مستويات التضخم التي زادت في عام 2012 عن ضعفي التضخم للعام السابق 2011، حيث بلغ معدل التضخم لمتوسط الفترة 2ر7 %، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل التضخم سيتجه نحو الهبوط والاعتدال ليقارب 2ر3 % في عام 2013، كما لا يتوقع أن يتعدى 3 % خلال الأعوام 2014-2017.
//استقرار مالية الحكومة//.
أشار التقرير السنوي للبنك المركزي الأردني إلى أن قطاع المالية العامة قد شهد تراجعاً في أدائه خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتبعاتها، الأمر الذي أثر سلباً على أداء الموازنة العامة، حيث ارتفع العجز المالي إلى مستويات قياسية بلغت2ر8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012 مقابل 8ر6% في عام 2011، ومن أهم أسباب ارتفاع العجز المالي ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 30% خلال الفترة (2010-2012) بسبب الاختلالات الهيكلية التي كان أهمها الدعم الحكومي للسلع وارتفاع النفقات الاجتماعية، وفي نفس الوقت فإن الارتفاع في الإيرادات كان أقل من الارتفاع في النفقات، حيث بلغت نسبة الارتفاع بالإيرادات 6ر12% خلال عام 2012 .
وكذلك فإن ارتفاع تكلفة استضافة اللاجئين السوريين وتراجع حجم المساعدات الخارجية أدت إلى تعزيز الضغوط على مالية الحكومة.
هذه التطورات في وضع الموازنة العامة مضافاً إليها الاحتياجات التمويلية المتزايدة لشركة الكهرباء الوطنية أدت إلى اتساع الفجوة التمويلية للاقتصاد الأردني.
وقد انعكست هذه الظروف على ارتفاع كلفة الاقتراض من السوق المحلية، حيث لجأت الحكومة إلى الاقتراض الداخلي بشكل كبير من خلال إصدار سندات وأذونات الخزينة لتمويل عجز الموازنة العامة بالإضافة إلى كفالة الحكومة لقروض بعض المؤسسات الحكومية المستقلة وعلى رأسها شركة الكهرباء الوطنية ما ساهم في ارتفاع صافي الدين العام الداخلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن الأردن يحتل الترتيب الأول من بين عدد من الدول المختارة في تقرير مرصد مالية الحكومة المنشور من قبل صندوق النقد الدولي في تشرين الأول 2012، ويحتل كذلك ترتيبا متقدما على مستوى العالم من حيث نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن نسبة صافي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي يتوقع أن تشهد تراجعاً مستمراً خلال الأعوام الخمسة القادمة.
//الفصل الثاني:
مخاطر وتطورات الجهاز المصرفي في الأردن//.
إن من أبرز الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الأخيرة أن الاستقرار المالي على المستوى الفردي لمؤسسات الجهاز المالي ليس كافياً لتحقيق الاستقرار المالي على المستوى الكلي بسبب وجود ما يسمى المخاطر النظامية على مستوى النظام المالي ككل، ومن هنا برزت أهمية السياسة الاحترازية الكلية التي تهدف إلى الحد من المخاطر النظامية وتعزيز قدرة النظام المالي على تحمل الصدمات والحد من الاختلالات وتسويتها وبالتالي الحيلولة دون تعطل عملية التوسيط المالي وذلك لضمان توجيه المدخرات لتمويل الفرص الاستثمارية ذات الجدوى.
وبهدف التقليل من أثر عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي وما قد ينتج عنه من مخاطر نظامية قد تهدد النظام المالي، وحرصاً من البنك المركزي الأردني على إتباع سياسات احترازية كلية فقد تم تأسيس دائرة الاستقرار المالي في بداية عام 2013 وذلك بهدف تحقيق الاستقرار المالي على المستوى الكلي وذلك لتخفيف أثر المخاطر النظامية على النظام المالي في الأردن.
بشكل عام يتكون النظام المالي في المملكة الأردنية الهاشمية من البنوك وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية والخدمات المالية للبنوك وشركات الصرافة وشركات التمويل الميكروي وشركات الإقراض المتخصصة وشركات الإقراض الأخرى.
يتولى البنك المركزي مهمة الإشراف والرقابة على قطاع البنوك، فيما تتولى كل من هيئة تنظيم قطاع التأمين وهيئة الأوراق المالية مهمة الإشراف والرقابة على شركات التأمين وشركات الوساطة المالية على التوالي.
وفيما يخص شركات التمويل الميكروي فإنه لا يوجد جهة محددة تشرف عليها إلا أن هناك دراسة من قبل البنك المركزي للإشراف والرقابة على هذه الشركات، أما شركات الإقراض الأخرى فلا يوجد أي جهة تشرف عليها، ولكن وزارة الصناعة والتجارة هي الجهة المسؤولة عن تسجيل هذه الشركات.
وبلغ حجم موجودات النظام المالي في الأردن في نهاية عام 2012 ما قيمته 578ر41 مليار دينار شكلت موجودات البنوك المرخصة ما نسبته 2ر94 % منها، وبالتالي تعتبر البنوك هي المكون الرئيسي للنظام المالي في الأردن .
// أولاً:
أهم تطورات الجهاز المصرفي في الأردن (الموجودات والمطلوبات) - مستوى فروع الأردن.
مقارنةً بدول المنطقة، فإن الجهاز المصرفي الأردني يعتبر كبيراً نسبة لحجم الاقتصاد الأردني، حيث بلغت موجودات البنوك المرخصة في نهاية عام 2012 (8ر38) مليار دينار، مشكلة ما نسبته 177 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أعلى نسبة بين الدول العربية بعد لبنان والبحرين.
وبالرغم من ارتفاع نسبة الموجودات إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن، إلا أنها تتناقص بوتيرة ثابتة حيث كانت تبلغ 2ر217 % في نهاية عام 2007 وأصبحت 177% في نهاية عام 2012، ويعود السبب الرئيس لتناقص هذه النسبة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر من نمو موجوداتها.
وفيما يخص الحصة السوقية للبنوك (التركز) فقد شكلت موجودات أكبر خمسة بنوك من أصل 26 بنكاً ما نسبته 3ر55 % من إجمالي موجودات البنوك المرخصة، بينما شكلت موجودات أكبر عشرة بنوك ما نسبته 1ر76 % وذلك في نهاية عام 2012.
جدير بالذكر أن الحصة السوقية لأكبر خمسة / و عشرة بنوك في انخفاض مستمر إذ بلغت في نهاية عام 2006 ما نسبته 6ر59% لأكبر خمسة بنوك و 9ر79 % لأكبر عشرة بنوك، وبالتالي فإن هناك انخفاضاَ في نسبة التركز لدى البنوك المرخصة، إلا أن مستوى التركز في القطاع المصرفي في الأردن ما زال مرتفعا.
وفيما يخص المنافسة وبناءً على مؤشر هيرفندل إنديكس، فقد كان هناك تحسن في الوضع التنافسي لقطاع البنوك في الأردن، حيث كانت قيمة المؤشر 9ر11 % في نهاية عام 2007 وأصبح يبلغ 10 % في نهاية عام 2012، ما يدل على أن الوضع التنافسي في قطاع البنوك قد تحسن ويعود السبب الرئيس في تحسن مؤشر التنافسية إلى قيام البنك المركزي بترخيص ثلاثة بنوك جديدة خلال عام 2009، وقيام البنوك بتطوير أعمالها ومنتجاتها لزيادة قدرتها التنافسية.
جدير بالذكر أن لانخفاض التركز وارتفاع مستوى التنافسية في القطاع المصرفي الأردني انعكاسات إيجابية على الاستقرار المالي في الأردن.
//هيكل ملكية البنوك//.
بلغت نسبة ملكية الأجانب (عرب وأجانب) في رؤوس أموال البنوك الأردنية في نهاية عام 2012 (47 %)، وتعتبر ملكية الأجانب في رؤوس أموال البنوك الأردنية من النسب المرتفعة في المنطقة، وذلك لعدم وجود قيود على ملكية الأجانب في الأردن.
يشار الى أن نسبة ملكية الأجانب في رؤوس أموال البنوك الأردنية قد شهدت انخفاضاً خلال عامي 2010 و2011 إلا أن النسبة عادت إلى الارتفاع عام 2012 الأمر الذي يعكس زيادة ثقة المستثمرين في الجهاز المصرفي بشكل خاص والاقتصاد الأردني بشكل عام، علما بأن معظم هذه الملكيات هي مساهمات استراتيجية مستقرة.
//استخدامات الأموال (الموجودات)//.
بدراسة هيكل موجودات البنوك الأردنية (استخدامات الأموال)، نجد أن محفظة التسهيلات الائتمانية هي المكون الأكبر لموجودات البنوك حيث شكلت ما نسبته 6ر45 % منها وذلك في نهاية عام 2012 مقابل 3ر42 % في نهاية عام 2011 بالرغم من أن تسهيلات الشركات ما زالت المكون الأكبر للتسهيلات الائتمانية، حيث شكلت ما نسبته 18ر45 % من إجمالي تسهيلات البنوك، إلا أن نسبة تسهيلات الشركات إلى إجمالي التسهيلات قد بدأت بالانخفاض منذ عام 2009، حيث كانت هذه النسبة 4ر51 % في عام 2009 ثم انخفضت لتصل إلى 18ر45 % في عام 2012.
أما التسهيلات الممنوحة للأفراد فقد شكلت ما نسبته 8ر36 % من إجمالي التسهيلات في نهاية عام 2012 مقابل ما نسبته 5ر35 % في نهاية عام 2009، حيث نمت تسهيلات الأفراد بنسبة 83ر13 % في عام 2012 مقارنة بنسبة نمو بلغت 4ر10 % في عام 2011، وهذا يعني أن هناك توجها لدى البنوك لزيادة الإقراض للأفراد على حساب الإقراض لقطاع الشركات، هذا ويبين الفصل الرابع شرحاً مفصلاً عن تطور مديونية الأفراد في المملكة.
ونمت التسهيلات الائتمانية في نهاية عام 2012 بما نسبته 57ر12 % لتصل إلى حوالي 7ر17 مليار دينار, علماً بأن نسبة النمو في عام 2011 كانت 35ر11 %.
ومن الجدير ذكره أن التسهيلات الائتمانية تشكل ما نسبته 64ر80 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وبمقارنة الأردن مع عدد من دول المنطقة بخصوص نسبة التسهيلات إلى الناتج المحلي الإجمالي، فإن الأردن يعتبر من الدول التي لديها هذه النسبة عالية، إذ أن ترتيب الأردن يأتي بعد لبنان، مصر، والمغرب من حيث ارتفاع النسبة.
وفيما يخص نمو التسهيلات لدى القطاع المصرفي، فقد جاء هذا النمو في معظمه نتيجةً لنمو التسهيلات الممنوحة لشركتي الكهرباء الوطنية ومصفاة البترول والقطاع الحكومي بشكل عام، والذي ساهم بحوالي 6 نقاط مئوية من هذا النمو، تليها تسهيلات الأفراد التي ساهمت بحوالي5ر2 نقطة مئوية من هذا النمو.
فيما يخص توزيع التسهيلات، فكما ذكر سابقا ما زالت تسهيلات الشركات تستحوذ على النسبة الكبرى من إجمالي التسهيلات لكنها أخذت اتجاهاً تنازلياً منذ عام 2010 حيث كانت 50 % وانخفضت لتصل إلى25ر45 % في نهاية عام 2012، أما التسهيلات المقدمة للحكومة والقطاع العام فقد ارتفعت من 11ر4 % في عام 2008 إلى1ر9 % في عام 2012، نتيجة النمو الملحوظ في تسهيلات شركة الكهرباء الوطنية التي ارتفعت تسهيلاتها خلال عام 2012 بمبلغ 014ر1 مليار دينار لتصل إلى حوالي 172 ر1 مليار دينار وفيما يتعلق بنسبة التسهيلات الممنوحة لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم فما زالت النسبة متواضعة وتتراوح ما بين 9ر10 % و9 % خلال الأعوام 2008-2012، وفيما يخص مديونية الأفراد (أفراد وعقارية) فقد بلغت نسبتها 8ر36 % في نهاية عام 2012 مقابل 7ر34 % في نهاية عام 2008 .
وفيما يخص القروض الممنوحة لقطاع الأفراد، فإن أكبر حصة من هذه القروض تعود لقروض الإسكان الممنوحة للأفراد والتي شكلت 9ر39 % من قروض الأفراد في نهاية عام 2012 واستمرت في النمو لتصل إلى 05ر40 % في الربع الأول من عام 2013، أما بالنسبة لثاني أكبر حصة فتعود إلى السلف الشخصية حيث شكلت 7ر35 % من قروض الأفراد، أما بالنسبة لقروض السيارات فقد شكلت 9ر6 % من إجمالي تسهيلات الأفراد.
وفيما يخص تعرض البنوك في الأردن للديون الحكومية وذلك عن طريق الاستثمار في السندات الحكومية أو إقراض بعض المؤسسات العامة بكفالة الحكومة، فإنه يلاحظ بأن هناك ارتفاعاً في مديونية الحكومة تجاه البنوك حيث بلغت مديونية الحكومة تجاه البنوك عن طريق السندات والتسهيلات المباشرة حوالي 009ر9 مليار دينار، وذلك في نهاية عام 2012 وقد شكل هذا المبلغ ما نسبته 2ر23 % من إجمالي موجودات البنوك، مقابل ما مقداره 501ر8 مليار دينار وما نسبته 9ر21 % من موجودات البنوك في نهاية عام 2011، ومن الجدير ذكره أن المبلغ المذكور أعلاه يتكون من415ر7 مليار دينار على شكل سندات حكومية و600ر1مليار على شكل تسهيلات ممنوح معظمها لشركة الكهرباء الوطنية بكفالة الحكومة.
إن تعرض البنوك للديون الحكومية أو المكفولة منها كنسبة من موجودات البنوك ارتفع من 8ر11 % في عام 2008 ليصل إلى 2ر23 % في نهاية عام 2012.
إن زيادة إقبال الحكومة على الاقتراض من البنوك لسد فجوتها التمويلية نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المملكة خاصة خلال عام 2012 يؤدي إلى مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص وبالتالي التأثير على النمو الاقتصادي في المملكة.
ومن الجدير بالذكر أن الإجراءات الحكومية الأخيرة المتمثلة بتحرير أسعار المحروقات ورفع الدعم، بالإضافة إلى ارتفاع المنح والمساعدات والاقتراض الخارجي ستؤدي إلى تحسن الظروف الاقتصادية وبالتالي تخفيض مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص.
ومن الجدير بالذكر أن البنوك تفضل إقراض الحكومة، حيث أن هذا الاستثمار يوفر لها عائد معقول بمخاطر منخفضة.
وفيما يخص تصنيف التسهيلات حسب تواريخ الاستحقاق، فإن نسبة التسهيلات متوسطة وطويلة الأجل (التسهيلات التي يزيد تاريخ استحقاقها عن سنة) تزيد عن نسبة التسهيلات قصيرة الأجل (التسهيلات التي تستحق خلال سنة) إذ بلغت نسبة التسهيلات متوسطة وطويلة الأجل في نهاية عام 2012
(52 %).
ومن الجدير بالذكر أنه ومنذ نهاية عام 2009، فإن هناك توجهاً من قبل البنوك نحو زيادة نسبة التسهيلات متوسطة وطويلة الأجل وذلك لمقابلة الاحتياجات التمويلية لعملائها.
وفيما يخص تصنيف التسهيلات حسب العملة، فإن التسهيلات بالدينار الأردني تعتبر المكون الرئيس للتسهيلات الممنوحة، إذ بلغت نسبتها في نهاية عام 2012 (4ر87 %) من إجمالي التسهيلات الائتمانية.
ومن الجدير ذكره أن سبب انخفاض نسبة التسهيلات بالعملة الأجنبية يعود بصورة رئيسية إلى القيود التي يفرضها البنك المركزي على التسهيلات بالعملة الأجنبية والتي يجب أن تمنح لقطاعي التصدير وإعادة التصدير فقط.
//مصادر الأموال ( المطلوبات)//.
بتحليل مصادر الأموال لدى الجهاز المصرفي فإن الودائع تعتبر المصدر الرئيس للتمويل حيث شكلت ما نسبته 3ر64 % من إجمالي مصادر الأموال كما هي في نهاية عام 2012، علماً بأن هذه النسبة ثابتة تقريباً خلال السنوات السابقة، ما يدل على استقرار مصادر التمويل لدى البنوك الأردنية بشكل عام.
وبمتابعة تطور الودائع لدى الجهاز المصرفي فقد نمت ودائع العملاء خلال عام 2012 بنسبة 2 % لتصل إلى (25) مليار دينار، وبالرغم من هذا النمو المتواضع إلا أن النمو في التسهيلات الائتمانية لعام 2012 بلغ حوالي 6ر12 % ما يعني أن البنوك في الأردن قد اعتمدت على مصادر أخرى للتمويل.
ومن الجدير ذكره أن حقوق المساهمين ارتفعت من 3 مليارات دينار في نهاية عام 2007 لتصل إلى (7ر4 ) مليار دينار في نهاية عام 2012.
أما مصدر الأموال الثالث من حيث الأهمية فهو ودائع البنوك والتي اتخذت اتجاهاً تصاعدياً منذ حزيران 2012 لغاية آذار 2013 لتصل إلى 3ر6 % من إجمالي مصادر أموال البنوك وهي في نمو متزايد، بالإضافة إلى ذلك فإن نسبة التسهيلات إلى الودائع ارتفعت لدى البنوك الأردنية من 65% في نهاية عام 2009 لتصل إلى 9ر70 % في نهاية عام 2012 .
وشهدت عمليات إعادة الشراء ما بين البنك المركزي والبنوك المرخصة نشاطاً ملحوظا في الربع الثالث من عام 2012 حيث بلغت 255 مليون دينار واستمرت لتبلغ 444 مليون دينار في الربع الأول من عام 2013، وقد جاء هذا النشاط نتيجة للإطار التشغيلي الجديد للسياسة النقدية الذي اعتمده البنك المركزي والذي يهدف إلى مساعدة البنوك في إدارة سيولتها وتزويدها بالسيولة التي تحتاجها لتمويل النشاطات الاقتصادية المختلفة وتحفيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تحسين توزيع السيولة ما بين البنوك.
في نهاية عام 2012 بلغت نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي تشير إلى تطور التوظيف في الجهاز المصرفي ما نسبته 7ر113 % ونسبة التسهيلات إلى الناتج المحلي الإجمالي 4ر80 % أما نسبة التسهيلات إلى الودائع فقد بلغت 9ر70 %.
بدراسة ترتيب الأردن في نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي مع بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن النسبة في الأردن تزيد عن متوسط النسب في تلك الدول حيث يبلغ المتوسط 2ر101 %، وهذا يؤكد حقيقة ارتفاع حجم الجهاز المصرفي في الأردن نسبة للاقتصاد الأردني، علماً بأن أعلى نسبة للودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي ظهرت في لبنان حيث بلغت3ر258% بينما بلغت نسبة التسهيلات إلى الناتج المحلي الإجمالي فيه 167%.
وفيما يخص نسبة نمو الودائع والتسهيلات إلى الناتج المحلي الإجمالي فمن الملاحظ أن نسبتي نمو التسهيلات والودائع تسيران في نفس الاتجاه إلا أن نسبة نمو التسهيلات أكبر من نسبة نمو الودائع وذلك نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وهذا يعني أن البنوك بدأت تزيد من نسبة التسهيلات إلى الودائع.
وفيما يخص تركيبة الودائع من حيث العملات، فإن الودائع بالدينار الأردني تمثل النسبة الكبرى من الودائع حيث بلغت 71% في نهاية عام 2012، وبمتابعة التغير في نسبة الودائع بالدينار إلى إجمالي الودائع نجد أن هذه النسبة قد شهدت زيادة واضحة إذ كانت 66% في شهر آذار 2007 ثم بلغت 78% في نهاية عام 2011 إلا أنها بعد ذلك بدأت بالانخفاض إلى أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في نهاية عام 2012 وهو 71%، وفي المقابل فإن الودائع بالعملات الأجنبية خلال عام 2012 قد شهدت نموا ملحوظا بنسبة 38% قابلها انخفاض في ودائع الدينار بنسبة 4ر7 % وذلك نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المملكة.
وقام البنك المركزي خلال عام 2012 باتخاذ عدة إجراءات لتعزيز الثقة بالدينار وتحسين سيولة البنوك بالدينار الأردني، ومن الإجراءات التي اتخذها رفع سعر الفائدة ثلاث مرات, ضخ سيولة إضافية وذلك بتعديل الإطار التشغيلي للسياسة النقدية من خلال تبني (اوترايت برشنق) وإجراء عدة عمليات مقايضة للعملات الأجنبية بالدينار الأردني استجابة لطلبات البنوك المرخصة بهدف تعزيز حجم السيولة بالدينار لدى البنوك المرخصة، حيث بلغ حجم هذه العمليات في نهاية عام 2012 ما مقداره 1537 مليون دينار، وقد ساهمت تلك الإجراءات بتحقيق الأهداف التي توخاها البنك المركزي من هذه الأدوات من حيث تحسين توزيع السيولة فيما بين البنوك، كما سمحت هذه الإجراءات للبنوك بالحصول على السيولة اللازمة لتمويل النشاط الاقتصادي.
جدير ذكره أن عام 2013 شهد تحسناً ملحوظاً في الطلب على الدينار الأردني، حيث عادت نسبة الودائع بالدينار إلى إجمالي الودائع إلى الارتفاع، فقد بلغت ما نسبته 2ر74 % في نهاية شهر حزيران من عام 2013، ما يعكس ثقة المودعين بالدينار الأردني كعملة ادخارية، ويعزز من الاستقرار النقدي والمالي في المملكة.
وفيما يخص آجال الودائع بالدينار فإن حوالي 76 % من هذه الودائع هي لأقل من ثلاثة أشهر وبهذا الخصوص، نشير إلى أن ودائع العملاء بالدينار لأقل من شهر نمت من 4ر35 % في نهاية 2010 إلى 38 % في نهاية الربع الأول من عام 2013، مقابل تراجع ودائع شهر إلى ثلاثة أشهر من 9ر42 % إلى 38 %، بينما ارتفعت ودائع ثلاث أشهر إلى ستة أشهر من5ر7 % إلى2ر10 % وارتفعت الودائع لأجل يزيد على ستة أشهر ويقل عن سنة من 7ر9 % إلى 4ر13 % في نهاية الربع الأول من عام 2013.
وبهذا الخصوص نود الإشارة الى أن ما يزيد على 50 % من التسهيلات هي تسهيلات متوسطة وطويلة الأجل، في حين أن 76 % من الودائع هي قصيرة الأجل، الأمر الذي يتطلب من البنوك تحسين إدارة موجوداتها ومطلوباتها للتقليل من مخاطر عدم المواءمة.
يشار الى أن البنك المركزي يراقب هذا النوع من المخاطر من خلال تعليمات السيولة حسب سلم الاستحقاق، هذا ومن المتوقع أن يكون لتطبيق متطلبات السيولة في معيار بازل 3 أثر إيجابي على تحسين إدارة السيولة لدى البنوك.
//مصادر الأموال (المطلوبات) بالعملة الأجنبية //.
وفيما يخص آجال الودائع بالعملات الأجنبية، فإن 8ر63 % منها لأقل من شهر وذلك في نهاية الربع الأول من عام 2013 مقابل 57% في نهاية عام 2010 ما يعطي مؤشراً على أن معظم ودائع العملاء بالعملة الأجنبية لدى البنوك تدخل ضمن الودائع غير المستقرة.
وفيما يخص رصيد المطلوبات بالعملة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي فقد بلغ حوالي 1ر10 مليار دينار أردني في نهاية عام 2012 أي ما نسبته 9ر25 % من إجمالي مطلوبات الجهاز المصرفي، ومن الجدير بالذكر أن نسبة إجمالي المطلوبات بالأجنبي إلى إجمالي المطلوبات قد انخفضت منذ عام 2007 إلى نهاية عام 2010 نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية وما رافقها من انخفاض كبير في أسعار الفائدة على العملات الأجنبية، ثم أخذت بالازدياد خاصة خلال عام 2012، ويعود السبب الرئيس لهذا الارتفاع إلى ارتفاع الودائع بالعملات الأجنبية بشكل ملحوظ خلال عام 2012 نتيجة للصعوبات الاقتصادية التي مرت بها المملكة، إلا أنه ومع نهاية عام 2012 ونتيجة لسياسة البنك المركزي المتمثلة برفع أسعار الفائدة على أدوات الدينار وتوفير العملات الأجنبية لكل من يطلبها والقرارات الحكومية بخصوص تحرير أسعار المشتقات النفطية، فقد انخفضت الودائع بالعملات الأجنبية خلال عام 2013، ما أدى إلى انخفاض نسبة المطلوبات بالعملة الأجنبية، ما يشكل تعزيزاً للاستقرار النقدي والمالي في المملكة.
//موجودات ومطلوبات الجهاز المصرفي الأردني على المستوى الموحد ( فروع الأردن والخارج والشركات والبنوك التابعة):// (الموجودات) يبلغ عدد البنوك الأردنية التي لها تواجدات خارج المملكة تسعة بنوك إلا أن النسبة الكبرى من هذه التواجدات تعود للبنك العربي الذي تشكل موجوداته خارج المملكة حوالي 75 % من اجمالي الموجودات، هذا وقد بلغ إجمالي موجودات الجهاز المصرفي الأردني على المستوى الموحد في نهاية عام 2012 ما يعادل (2ر65) مليار دينار، مقارنة مع (2ر63) مليار دينار في نهاية عام 2011 أي بارتفاع مقداره (2) مليار دينار وبنسبة نمو (2ر3 %)، حيث تشكل موجودات الجهاز المصرفي على مستوى فروع الأردن ما نسبته ( 60%) من الموجودات على المستوى الموحد، أما النسبة المتبقية فتعود في جزء كبير منها لتواجدات البنك العربي خارج المملكة.
وبالرغم من ارتفاع مجموع الموجودات للجهاز المصرفي على المستوى الموحد من 6ر48 مليار دينار في نهاية عام 2007 إلى 2ر65 مليار دينار في نهاية عام 2012 إلا أنه يلاحظ أن نسبة النمو بانخفاض حيث كانت نسبة النمو في عام 2007 ما مقداره ( 17%) في حين أن نسبة النمو في عام 2012 بلغت (2ر3 %)، وهي نتيجة طبيعية لتداعيات الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية الأوروبية وظروف الربيع العربي وآثارها على تواجدات البنوك الأردنية خارج المملكة.
وبلغت نسبة موجودات الجهاز المصرفي على المستوى الموحد إلى الناتج المحلي الإجمالي 2ر400 % في نهاية عام 2007 وانخفضت لتصل إلى 9ر296 % في نهاية عام 2012.
يلاحظ أن نسبة موجودات الجهاز المصرفي على المستوى الموحد إلى الناتج المحلي بانخفاض مستمر وذلك بسبب أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي أعلى من نمو الموجودات.
//التسهيلات//.
بلغ رصيد التسهيلات الائتمانية للجهاز المصرفي على المستوى الموحد في نهاية عام 2012 (2ر30 ) مليار دينار مقارنة مع (8ر28) مليار دينار في نهاية عام 2011، وبنسبة نمو بلغت 8ر4 %.
وبمتابعة نمو التسهيلات فإنه يلاحظ أن نسبة النمو بانخفاض منذ عام 2008 حيث بلغت آنذاك (3ر17 %) في حين بلغت (8ر4 %) في عام 2012.
فيما يخص نسبة التسهيلات الائتمانية للجهاز المصرفي على المستوى الموحد إلى الناتج المحلي الإجمالي فقد بلغت النسبة في نهاية عام 2007 ما مقداره 7ر190 % وانخفضت لتصل إلى ( 7ر137 %) في نهاية عام 2012 وهذا يعود لتراجع وتيرة نمو التسهيلات خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل ملحوظ نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية الأوروبية وظروف الربيع العربي وآثارها على تواجدات البنوك الأردنية خارج المملكة .
/الودائع//.
بلغت ودائع العملاء على المستوى الموحد في نهاية عام 2012 ما مقداره 5ر42 مليار دينار، مقابل 9ر41 مليار في نهاية عام 2011، وبنسبة نمو بلغت 5ر1 %، ومن الجدير ذكره أن هنالك انخفاض في نسبة النمو خلال الأعوام من 2009-2012، حيث كانت نسبة النمو في نهاية عام 2007 ما مقداره 5ر7 % وانخفضت لتصل إلى 5ر1 % في نهاية عام 2012.
//حقوق المساهمين//.
بلغ رصيد حقوق المساهمين لدى الجهاز المصرفي على المستوى الموحد 8ر9 مليار دينار في نهاية عام 2012 مقارنة مع 5ر9 مليار دينار في نهاية عام 2011.
جدير ذكره أن رصيد حقوق المساهمين في تزايد منذ عام 2009، فيما بلغت نسبة كفاية رأس المال على المستوى الموحد في نهاية عام 2012 (17%) مقابل (1ر17%) في نهاية عام 2011 .
//صافي الربح بعد الضريبة ونسبة العائد على الموجودات والعائد على حقوق الملكية//.
صافي الربح بعد الضريبة:
بلغ صافي الربح بعد الضريبة لدى الجهاز المصرفي على المستوى الموحد في نهاية عام 2012 ما مقداره ( 3ر669) مليون دينار، مقارنة مع 4ر586 مليون دينار في نهاية عام 2011، وبنسبة نمو بلغت (1ر14 %).
جدير ذكره أن صافي الربح بعد الضريبة اتخذ منحى هبوطياً في عامي 2009 و2010 نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، إلا أنه عاد ليأخذ منحا تصاعديا خلال العامين 2011 و2012 .
العائد على الموجودات:
بلغت نسبة العائد على الموجودات لدى الجهاز المصرفي على المستوى الموحد 1 % في نهاية عام 2012، مقابل 9ر0 % لعامي 2010 و 2011 .
العائد على حقوق الملكية:
بلغت نسبة العائد على حقوق الملكية لدى الجهاز المصرفي على المستوى الموحد 9ر6 % في نهاية عام 2012 مقابل 2ر6 % لعامي 2010 و 2011 .
ثانياً:
مخاطر الجهاز المصرفي في الأردن.
مؤشرات المتانة المالية:
بالرغم من تداعيات الأزمات المالية والاقتصادية العالمية المتعاقبة وظروف الربيع العربي وعدم الاستقرار في المنطقة وما رافقها من مخاطر وتحديات كبيرة، إلا أن الجهاز المصرفي الأردني استطاع أن يحافظ بشكل عام على سلامة ومتانة أوضاعه المالية والإدارية، وفيما يلي أهم التطورات على النسب والمؤشرات المالية للبنوك:
//السيولة //.
ويتمتع الجهاز المصرفي الأردني بسيولة آمنة، حيث تدل النسب الخاصة بالسيولة لنهاية عام 2012 بأن وضع السيولة لدى الجهاز المصرفي يعتبر جيداً وآمناً، حيث بلغت نسبة النقد والأرصدة النقدية إلى إجمالي الموجودات 27%، أما نسبة محفظة الأوراق المالية (ذات السيولة العالية) إلى إجمالي الموجودات فقد بلغت 22%، وبالتالي فإن إجمالي الموجودات ذات السيولة العالية بلغت حوالي 49 % وذلك في نهاية عام 2012 .
جدير ذكره أن هذه النسبة سجلت انخفاضاً عما كانت عليه في نهاية عام 2010 حيث بلغت حوالي 54 %، وقد جاء هذا الانخفاض نتيجة لعودة التسهيلات إلى الارتفاع منذ بداية عام 2011 بعد أن خفت حدة الأزمة المالية العالمية، وكما ذكرنا فإن نمو التسهيلات خلال عام 2012 اتجه بجزء كبير منه نحو القطاع العام خاصة شركة الكهرباء الوطنية.
وفيما يخص نسب السيولة القانونية بالدينار وبالإجمالي المطبقة من قبل البنك المركزي على البنوك (70 % بالدينار و100% للإجمالي) فإن نسبة السيولة بالدينار والإجمالي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ منتصف عام 2008 إلى نهاية عام 2009 ويعود السبب الرئيسي لهذا الارتفاع إلى قيام البنوك بتوجيه استثماراتها إلى الأصول السائلة وعلى حساب التسهيلات الائتمانية وذلك كردة فعل طبيعية من البنوك الأردنية على تداعيات الأزمة العالمية، أما خلال الفترة الممتدة من نهاية عام 2009 ولغاية الربع الثالث من عام 2010 فكان هناك استقرار في نسب السيولة (حوالي 160% بالإجمالي) وبعد ذلك بدأت هذه النسبة بالانخفاض إلى أن وصلت إلى حوالي 145%.
وبشكل عام فإن وضع السيولة لدى الجهاز المصرفي يعتبر مطمئناً وأعلى من النسب المقررة من البنك المركزي.
إلا أنه وبنفس الوقت فإن الفائض في السيولة يتركز لدى البنوك الكبيرة أما البنوك الصغيرة والمتوسطة فلا تتمتع بفائض مرتفع من السيولة على الرغم من التزامها بالحدود الدنيا لنسب السيولة القانونية، وإدراكا من البنك المركزي لهذه المخاطر فقد قام بتعديل الإطار التشغيلي لسياسته النقدية بما يساعد البنوك خاصة الصغيرة والمتوسطة على تحسين إدارة السيولة لديها، وتوزيع فائض السيولة بين البنوك بشكل أفضل.
//المراكز بالعملات الأجنبية//.
أما بخصوص مراكز البنوك بالعملات الأجنبية والتي تمثل صافي الأرصدة الخاصة للبنوك (الموجودات بالعملة الأجنبية مطروحاً منها المطلوبات بالعملة الأجنبية)، فإن هناك قيوداً مفروضة من البنك المركزي الأردني على المراكز الممكن الاحتفاظ بها، إذ أن على البنوك الاحتفاظ بعملات أجنبية لا تزيد على 15% من مجموع التزاماتها الخارجية مقابل عمليات الاستيراد إلى المملكة بالعملة الأجنبية أو ما يعادل مليون دينار أردني أيهما أكبر وعلى البنك بيع ما يزيد على هذه النسبة إلى البنوك الأخرى أو إلى البنك المركزي، كما توجد تعليمات من البنك المركزي تحدد الحد الأقصى من مراكز البنوك بالعملات الأجنبية بحيث لا تزيد على 15% من حقوق المساهمين لإجمالي العملات و5% من حقوق المساهمين للعملة الواحدة (باستثناء الدولار الأميركي باعتباره عملة أساسا)، حيث تهدف هذه القيود إلى التقليل من مخاطر سعر الصرف وأثرها على رؤوس أموال البنوك.
بدراسة مراكز البنوك بالعملات الأجنبية يُلاحظ أنه خلال الفترة من 2007 لغاية الربع الثالث من عام 2012 فإن البنوك كانت تحتفظ بمراكز طويلة بالعملات الأجنبية، إلا أنها خلال الربع الأخير من عام 2012 وعام 2013 أصبحت تحتفظ بمراكز سالبة وذلك بسبب قيامها بإجراء عمليات مقايضة مع البنك المركزي الأردني وذلك ببيع الدولار وشراء الدينار وذلك لتعزيز سيولتها بالدينار ولمحدودية مخاطر سعر الصرف، ومن الجدير بالذكر أن قيمة عقود المقايضة مع البنك المركزي بلغت 5ر1536 مليون دولار أميركي في نهاية عام 2012 هذا وقد أخذت عقود المقايضة بالتراجع خلال عام 2013 مع تحسن سيولة البنوك بالدينار.
//نوعية الأصول//.
وفيما يخص نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي الديون فقد كانت هذه النسبة مستقرة خلال الأعوام 2006- 2008 حيث كانت حوالي 2ر4 %، إلا أنه وبعد عام 2008 ونتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية فقد بدأت النسبة بالارتفاع إلى أن وصلت 5ر8 % في نهاية عام 2011 ثم بدأت بالانخفاض منذ بداية عام 2012 حتى وصلت في نهايته إلى (7ر7 %).
وقد جاء هذا الانخفاض بسبب ارتفاع التسهيلات (مقام النسبة) واستقرار حجم الديون غير العاملة (بسط النسبة) ويعود هذا الاستقرار إلى أن معظم العملاء الذين تأثروا بتداعيات الأزمة المالية العالمية تعثروا خلال الفترة 2009-2011، وهذا يعكس تحسناً في نوعية أصول البنوك، مما يعزز من الاستقرار المالي في المملكة.
أما نسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة (نسبة التغطية) فقد كانت حوالي 4ر63 % في نهاية عام 2008 إلا أنه ونتيجة لارتفاع الديون غير العاملة خلال الأعوام 2008- 2011 فقد انخفضت نسبة التغطية إلى أدنى مستوياتها في نهاية عام 2009 لتبلغ 52% ولكن منذ بداية عام 2010.
وبسبب الاستقرار النسبي في حجم الديون غير العاملة وزيادة حرص البنك المركزي والبنوك على اقتطاع مخصصات كافية لمواجهة الديون غير العاملة، فإن نسبة التغطية بدأت بالارتفاع لتصل إلى 4ر69 % في نهاية عام 2012 ما يزيد من قدرة البنوك على مواجهة مخاطر الائتمان من خلال إيراداتها، وهذا يشكل حماية لرؤوس أموال البنوك ويعزز من الاستقرار المالي في المملكة.
وبتحليل رصيد الديون غير العاملة لدى الجهاز المصرفي فقد بلغت1ر1695 مليون دينار في نهاية عام 2012، منها 5ر58 % يعود لتسهيلات الشركات، و4ر15 % لتسهيلات الأفراد، و4ر16 % لتسهيلات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وبمقارنة نسبة الديون غير العاملة في الأردن ببعض الدول العربية نلاحظ أن الأردن يحتل المرتبة الرابعة من حيث ارتفاع نسبة الديون غير العاملة فهو أقل من مصر وتونس والإمارات لكنها أعلى من الكويت والمغرب ولبنان وعمان والسعودية أما فيما يتعلق بنسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة فقد احتلت البنوك الأردنية مرتبة أعلى من تونس ولبنان والمغرب والكويت، أي أن هذه النسبة لدى البنوك الأردنية أفضل من الدول العربية المشابهة لها من الناحية الاقتصادية (باستثناء الكويت التي تختلف ظروفها الاقتصادية عن الأردن بشكل كبير).
//الربحية//.
شهد العائد على الموجودات لدى الجهاز المصرفي في الأردن انخفاضاً خلال الأعوام 2006- 2010 حيث كان يبلغ 7ر1 % في نهاية عام 2006 وانخفض إلى 1ر1 % في نهاية عام 2010 وذلك نتيجة تأثير تداعيات الأزمة المالية العالمية على أرباح البنوك، واستقر عند هذا المعدل خلال عامي 2011 و2012 حيث ارتفعت أرباح البنوك كرقم مطلق إلا أن العائد على الموجودات استقر نتيجة نمو موجودات البنوك.
وبخصوص العائد على حقوق الملكية وكما في العائد على الموجودات فقد انخفض خلال الأعوام 2006- 2010، حيث كان يبلغ 15% في نهاية عام 2006، ثم وصل إلى 6ر8 % في نهاية عام 2010 وانخفض في عام 2011 ليصل إلى 3ر8 % ليعود في عام 2012 للارتفاع حيث بلغ6ر8 %.
وبالمقارنة مع بعض الدول العربية نجد أن الأردن هي ثاني أقل مرتبة من حيث العائد على حقوق الملكية حيث أن أقل نسبة عائد على حقوق الملكية تعود للكويت وتبلغ 1ر8 % وأعلى نسبة تعود للسعودية وتبلغ8ر15 % ، ويعود انخفاض معدلات العائد في الأردن مقارنة مع معظم الدول العربية إلى اتسام البنوك في الأردن بشكل عام بالتحفظ وعدم الإقبال الكبير على المخاطر، بالإضافة إلى تمتع البنوك في الأردن بمستويات مرتفعة من رأس المال، إضافة إلى مستوى الضريبة على الدخل المرتفع نسبياً، ومع أن هذا الأمر يعطي مؤشراً على ضعف مستوى فعالية البنوك في الأردن في توظيف أموالها، إلا أنه من جهة أخرى يدل على قدرة هذه البنوك على مواجهة المخاطر من خلال رؤوس أموالها مما يعزز من الاستقرار المالي في المملكة.
//كفاية رأس المال/.
يطبق البنك المركزي الطرق المعيارية في معيار بازل 2 لاحتساب كفاية رأس المال منذ عام 2008، وقد تراوحت نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي في الأردن ما بين 18% و20% خلال الأعوام 2007- 2012، وهي بشكل عام أعلى وبهامش مريح من النسبة المحددة من قبل البنك المركزي والبالغة 12% والنسبة المحددة من لجنة بازل والبالغة 8%, ومن الجدير ذكره أن هنالك تقارباً كبيراً ما بين نسبة كفاية رأس المال ونسبة رأسمال الأساسي، وهذا يعني أن معظم رؤوس أموال البنوك في الأردن تتكون من الشريحة الأولى (رأس المال الأساسي) الذي يعتبر أعلى مكونات رأس المال جودةً وقدرةً على امتصاص الخسائر ما يعزز من الاستقرار المالي في المملكة.
ومن الجدير بالذكر أنه بالرغم من ارتفاع نسبة كفاية رأس المال على مستوى الجهاز المصرفي في الأردن، إلا أن هناك تفاوتاً في هذه النسبة بين البنوك، حيث يوجد 13 بنكا ترتفع النسبة لديها عن (20%)، في حين تبلغ النسبة بين 14% - 20% لدى 11 بنكا وتقترب النسبة من الحد الأدنى لدى بنكين، هذا ويقوم البنك المركزي الأردني بمراقبة النسبة بشكل مستمر والطلب من البنوك تعزيز رأس المال واتخاذ إجراءات تصحيحية في حال انخفاض النسبة أو اقترابها من الحد الأدنى بشكل كبير.
إن ارتفاع نسبة كفاية رأس المال لدى القطاع المصرفي في الأردن يعود بشكل رئيسي إلى أن معظم البنوك في الأردن تتسم بالتحفظ وعدم الإقبال الكبير على المخاطر حيث تبلغ نسبة استثمارات البنوك في سندات الحكومة الأردنية التي ترجح بوزن مخاطر صفر حوالي (7395) مليون دينار، هذا بالإضافة إلى تمتع هذه البنوك برؤوس أموال مرتفعة وعدم المبالغة في نسب توزيع الأرباح على المساهمين التي لا تتجاوز في معظم الحالات (20%) مما يدعم قاعدة رؤوس أموال البنوك ويعزز من مستوى كفاية رأس المال لدينا .
إن نسبة كفاية رأس المال للبنوك في الأردن مرتفعة مقارنة بمعظم الدول العربية الأخرى فهي تأتي ثانياً من حيث ارتفاع النسبة بعد الإمارات حيث بلغت نسبة الكفاية للبنوك في الإمارات2ر21%.
وبخصوص نسبة حقوق الملكية إلى إجمالي الموجودات (Leverage Ratio)، فقد اتخذت منحاً صعودياً منذ عام 2009 وذلك بسبب رفع العديد من البنوك لرؤوس أموالها واحتفاظ البنوك بنسب كبيرة من أرباحها وهو مؤشر إيجابي على متانة قاعدة رأس المال لدى البنوك الأردنية.
وتعتبر مخاطر الائتمان من أهم المخاطر التي تواجه البنوك في الأردن، إذ تشكل ما نسبته 84% من مجموع المخاطر، يليها مخاطر التشغيل التي تشكل حوالي 12% ثم مخاطر السوق التي تشكل حوالي (4%) من مجموع المخاطر.
//المتطلبات الرقابية الجديدة ( معيار بازل 3)//.
بخصوص التعامل مع المتطلبات الرقابية الجديدة في العالم (معيار بازل 3)، فقد جاءت هذه المتطلبات لتلافي نقاط الضعف والثغرات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية وذلك لتعزيز ملاءة البنوك وقدرتها على مواجهة المخاطر، وبالتالي من المتوقع أن تنعكس بشكل إيجابي على سلامة ومتانة البنوك، وقد اشتملت هذه المتطلبات على نواح إيجابية عديدة أهمها:
تعزيز نوعية رؤوس أموال البنوك من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال عالية الجودة ذات قدرة عالية على مواجهة المخاطر وامتصاص الخسائر.
تطبيق هوامش إضافية على الحدود الدنيا لنسب كفاية رأس المال وذلك لتعزيز قدرة البنوك على مواجهة كافة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها بما فيها مخاطر الدورة المالية ومخاطر النظام المالي.
استخدام نسب معيارية لمراقبة سيولة البنوك بهدف ضمان احتفاظ البنوك بسيولة كافية لمواجهة التزاماتها والاستمرار في أعمالها.
وينظر البنك المركزي الأردني لهذه المتطلبات على أنها وسيلة إضافية لتعزيز إدارة المخاطر لدى البنوك خاصة في مجال السيولة.
أما بخصوص تأثير هذه المتطلبات على البنوك في الأردن، فإنه وفقاً للدراسات الأولية التي قمنا بإعدادها بهذا الخصوص فإن من غير المتوقع أن تجد معظم البنوك في الأردن صعوبة في الالتزام بالمتطلبات الجديدة حيث يتوفر لدى البنوك في الأردن رأسمال عالي الجودة يتكون من أسهم عادية ولا يحتوي على أدوات رأسمال غير تقليدية، هذا بالإضافة إلى أن الحد الأدنى لنسبة كفاية رأس المال في الأردن يبلغ 12% مقارنة مع 8% الحد الأدنى المقرر من لجنة بازل، هذا وقد بلغ معدل هذه النسبة لدى إجمالي الجهاز المصرفي الأردني في نهاية عام 2012 حوالي 19%.
أما فيما يتعلق بمتطلبات السيولة في معيار بازل 3، فإننا في الأردن ومنذ فترة طويلة نطبق نسب معيارية لمراقبة سيولة البنوك، هذا بالإضافة إلى أن معظم البنوك في الأردن تتمتع بمستويات جيدة من السيولة.
هذا وقد قمنا خلال عام 2011 بإصدار تعليمات تتضمن الطلب من البنوك أن تجري دراسات لأثر متطلبات بازل 3 على كل بنك، وذلك بهدف الوصول إلى تقييم دقيق لقدرة كل بنك على الوفاء بهذه المتطلبات تمهيداً لتطبيقها وفقاً للأطر الزمنية المقررة من قبل لجنة بازل، وقد جاءت نتائج هذه الدراسات لتثبت أن القطاع المصرفي في الأردن قادر بشكل عام على الوفاء بهذه المتطلبات، هذا وسنسعى لإجراء تقييم محدث لقدرة البنوك المرخصة على الالتزام بمتطلبات السيولة، كما سيقوم البنك المركزي خلال الفترة القادمة بإعداد التعليمات الخاصة بتطبيق هذا المعيار.
ان متوسط نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم في دول الاتحاد الأوروبي تتراوح حول 100% علماً بأن النسبة لدى أكبر دولتين اقتصاديتين في الاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا تبلغ على التوالي (86%) (82%).
وقد كان متوسط النسبة في دول الاتحاد الأوروبي قبل الأزمة المالية من عام 2001 إلى عام 2005 يتراوح حول 79%، ومن أكثر الدول ارتفاعاً في هذه النسبة بين دول الاتحاد الأوربي هي الدنمارك حيث ارتفعت من 180% في عام 2001 إلى 268% في نهاية عام 2011، وتليها هولندا حيث ارتفعت من 152% في عام 2001 إلى 250% في عام 2011، أما بالنسبة للمملكة المتحدة فقد بدأت النسبة بالانخفاض بعد الأزمة المالية حيث انخفضت من3ر155% في نهاية عام 2008 إلى5ر138% في نهاية عام 2011.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية فقد ارتفعت النسبة من 100% في عام 2001 إلى 130% في نهاية عام 2007 ثم بدأت بالانخفاض لتصل إلى 110% في نهاية عام 2011.
فيما يخص احتساب نسبة مديونية قطاع الأفراد إلى دخلهم فإنه وبناءً على التجارب العالمية مثل دول الإتحاد الأوروبي فهي تحتسب بقسمة رصيد ديون الأفراد الناتجة عن الاقتراض في نهاية العام إلى إجمالي الدخل المتاح للأفراد المتحقق من ذات السنة، وتقيس هذه النسبة قدرة الأفراد على سداد ديونهم من دخلهم.
//مديونية الأفراد في الأردن//.
قبل أن يتم تأسيس دائرة الاستقرار المالي في البنك المركزي الأردني والتي تأسست في بداية عام 2013 لم يكن هناك جهة محددة تعمل على متابعة مديونية قطاع الأفراد لدى النظام المالي ككل والتأكد من سلامة مراكزهم المالية وقدرتهم على سداد ديونهم، إلا أنه وبعد تأسيس هذه الدائرة فقد ازداد الاهتمام بهذا الجانب كونه أحد المخاطر التي قد تؤثر على النظام المالي ككل (مخاطر نظامية).
لاحتساب مديونية الأفراد في الأردن فقد تم الاعتماد بصورة رئيسية على مديونية الأفراد لدى الجهاز المصرفي كون الجهاز المصرفي يعتبر المكون الأساسي للنظام المالي في الأردن، بالإضافة إلى المعلومات التي تم جمعها عن مديونية الأفراد في كل من قطاع التمويل الميكروي، الشركات المساهمة العامة التي تمنح قروض، شركات التأجير التمويلي.
تم احتساب هذه المديونية الممنوحة من قبل شركات التمويل الميكروي، شركات التأجير التمويلي، وكذلك من أكبر ثلاث شركات مساهمة عامة تقوم بإقراض الأفراد.
وفيما يخص مديونية الأفراد لدى الدول العربية، فإن هنالك محدودية في المعلومات في هذا الخصوص، إلا أنه ومن خلال المعلومات المتوفرة، فقد تم احتساب نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم لعدد من الدول العربية، حيث يلاحظ من شكل 4ر4 أن النسبة لدى سلطنة عمان والبحرين تزيد على النسبة لدى الأردن، في حين أن مصر والسعودية والإمارات تنخفض فيها نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم عن النسبة في الأردن.
أما بخصوص نسبة التسهيلات الممنوحة للأفراد إلى إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك فإن النسبة في الأردن تبلغ حوالي 36%، وبمقارنتها مع النسب لدى عدد من الدول العربية فإنه يلاحظ بأنها من النسب المرتفعة حيث أن النسبة في الأردن أقل من سلطنة عُمان وأعلى من البحرين والسعودية والإمارات ومصر ميزانية قطاع الأفراد في الأردن تتكون ميزانية الأفراد في جانب الموجودات بشكل رئيسي من الودائع بالعملة المحلية والأجنبية، العقارات والموجودات المالية، أما في جانب المطلوبات فإن مديونية الأفراد هي المكون الأساسي لمطلوبات الأفراد.
لتكوين ميزانية الأفراد في الأردن فقد تم الاعتماد على البيانات المتوفرة لدى البنك المركزي (ودائع الأفراد بالدينار والأجنبي) وعلى البيانات المتوفرة لدى مركز إيداع الأوراق المالية عن الأوراق المالية المملوكة من الأفراد، أما فيما يخص موجودات الأفراد العقارية فلا يتوفر عنها بيانات، لذلك تم الاكتفاء بالموجودات المالية لقطاع الأفراد (ودائع وأسهم وسندات).
لا يوجد نسب معيارية لنسبة مديونية قطاع الأفراد إلى دخلهم على مستوى العالم ولكن من خلال المعلومات التاريخية للدول فإن معدل هذه النسبة بحدود 60% وبالتالي فإن نسبة مديونية الأفراد في الأردن لا تنذر بوجود مشكلة في الوقت الحالي وبالأخص في ظل تحفظ البنوك في منح تسهيلات، إلا أن النسبة تتزايد منذ عام 2010.
هذا وقد طلب البنك المركزي من جميع البنوك ضمن تعليمات التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية رقم ( 56/2012) تاريخ 31/10/2012 بتبني سياسة ائتمانية تحد من ظاهرة الإفراط في الاقتراض من قبل صغار المقترضين، كما أوجبت هذه التعليمات على البنوك تضمين سياساتها الائتمانية الخاصة بمحفظة التجزئة ( الأفراد) بالحدود القصوى المطبقة لديها فيما يتعلق بمجموع ما يقتطع من الدخل المنتظم لأي عميل أو كفيل عن كافة التسهيلات الائتمانية الممنوحة و/ أو المنوي منحها بما في ذلك سقف البطاقة / البطاقات الائتمانية، وذلك لكل نوع من أنواع تسهيلات محفظة التجزئة، مع بيان الأسس المعتمدة لدى البنك لاحتسابها وبشكل واضح، وقد اشترطت التعليمات أن لا يؤدي أي تعديل على سعر الفائدة المتغير إلى الإخلال بال (دي بي ار) المحددة في السياسة الائتمانية، كما اشترطت التعليمات أيضاً في حال عجز العميل عن السداد ووصوله إلى مرحلة التعثر عدم تجاوز المبلغ المقتطع من الدخل المنتظم للكفيل/ الكفلاء لل دي بي ار المحددة في السياسة الائتمانية، علماً أن كافة البنوك- ووفقاً لهذه التعليمات- قامت بتزويد البنك المركزي بنسخ عن سياستها الائتمانية المعدلة بما يتفق وأحكام هذه التعليمات ليتسنى للبنك المركزي مراجعة مدى انسجامها مع التعليمات المشار إليها أعلاه.
كما يتوقع أن تحد هذه التعليمات من قيام البنوك بفرض شروط مجحفة (مثل الحق برفع سعر الفائدة المتغير) حيث قيدت التعليمات قدرة البنوك على رفع أسعار الفائدة واشترطت أن يرتبط التغير بسعر الفائدة بالتغير في أحد مؤشرات سعر الفائدة المعروضة (أدوات السياسة النقدية المعلنة من قبل البنك المركزي أو سعر فائدة أذونات الخزينة أو الجودايبر).
ويأمل البنك المركزي أن يؤدي تطبيق التعليمات المذكورة إلى خلق علاقة متوازنة بين البنوك وعملائها وبما يضمن حقوق جميع الأطراف، وذلك بهدف حماية عملاء البنوك وتعزيز تنافسية القطاع المصرفي ويساهم في حماية البنوك من مخاطر السمعة، الأمر الذي يسهم في المحافظة على سلامة ومنعة الجهاز المصرفي مما ينعكس إيجابيا على الاستقرار المالي.
هذا ومن الجدير ذكره أن إنشاء شركة المعلومات الائتمانية المتوقع أن يتم خلال العام القادم (2014) سيوفر قاعدة معلومات ائتمانية شاملة عن عملاء البنوك تساعد البنوك على اتخاذ القرار الائتماني السليم المبني على تقييم دقيق لقدرة العملاء على السداد وتسعير المنتجات المصرفية بناء على مخاطر العملاء بما يعزز من فعالية إدارة المخاطر لدى البنوك ويحسن من فرص العملاء خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى التمويل، ومن المتوقع أن يكون لإنشاء هذه الشركة انعكاسات ايجابية على الاستقرار المالي في المملكة.
خلاصة كما ذكر في بداية الفصل فإن إقبال البنوك على إقراض الأفراد له العديد من الجوانب الإيجابية, إلا أنه وبنفس الوقت فإن الارتفاع الكبير لهذه المديونية نسبة للدخل المتاح للأفراد ولحجم ثروتهم له انعكاسات سلبية على استقرار القطاع المالي، حيث يلاحظ ارتفاع هذه النسبة في الأردن خلال السنوات الأخيرة إلا أنها ما زالت أقل من مثيلاتها في الدول المتقدمة وبالتالي فإنها لا تنذر بوجود مشكلة في الوقت الحالي وبالأخص في ظل تحفظ البنوك في منح التسهيلات وسيستمر البنك المركزي بمتابعة تطور هذه النسبة واتخاذ الإجراءات اللازمة تبعاً لذلك, هذا ومن المتوقع أن يكون لإجراءات البنك المركزي الأخيرة المتمثلة بإصدار تعليمات التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية أثر إيجابي على حماية العملاء والتقليل من مخاطر مديونيتهم على البنوك.
//قطاع أعمال الصرافة// يساهم قطاع الصرافة في دعم سياسة البنك المركزي الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف الدينار الأردني مقابل العملات الأجنبية وذلك من خلال توفير العملات ضمن حدي سعري الشراء والبيع المعلنين من قبل البنك المركزي ما يعني أن شركات الصرافة قد ساهمت بصورة جزئية في تحقيق أهداف السياسة النقدية الرامية إلى استقرار سعر صرف الدينار وقابليته للتحويل وكذلك المواءمة بين عناصر العرض والطلب على العملات الأجنبية مقابل الدينار الأردني ( تفعيل آلية السوق ) والذي يؤدي إلى زيادة الثــقة بالدينار الأردني حيث تقوم دائرة مراقبة أعمال الصرافة برصد يومي لأسعار شراء وبيع العملات الأجنبية وتحليل مؤشراتها واتجاهاتها للتدخل في الوقت المناسب في حال وجود أي انحرافات غير مرغوبة.
هذا وقد شهد القطاع الصيرفي تطوراً ملحوظاً من حيث الانتشار وحجم الأعمال حيث بلغ عدد شركات الصرافة المرخصة في المملكة (141) شركة عاملة وذلك من خلال مراكزها الرئيسية إضافة إلى (96) فرعاً لها موزعة في كافة محافظات المملكة وبما مجموعه (237) موقعا صيرفياً.
ويشكل قانون أعمال الصرافة رقم (26) لسنة 1992 الإطار التشريعي الذي ينظم النشاط الصيرفي في المملكة من خلال تحديد الأشكال القانونية لشركات الصرافة ورساميلها وأدوات الرقابة عليها بشقيها الميداني والمكتبي، إضافة إلى تحديد الأعمال المسموح لشركات الصرافة بممارستها والعقوبات المفروضة عليها في حال ارتكاب أي مخالفة للقانون وقد تم إصدار حزمة من التعليمات والقرارات بموجب هذا القانون لتحديد كافة المتطلبات والإجراءات التفصيلية لتنظيم عمل شركات الصرافة في المملكة.
وفي ضوء مرور ما يزيد على عشرين عاماً على صدور القانون المذكور والتغيرات الاقتصادية والتطور الملحوظ في أنشطة شركات الصرافة وتعدد المنتجات الصيرفية المقدمة من قبلها وبهدف توفير قاعدة رأس مال مناسبة لزيادة ملاءة الشركات وحماية المتعاملين في القطاع فقد تم تعديل الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات الصرافة المرخصة المنصوص عليه في القانون وذلك بزيادته بنسبة (200%) من الحد الأدنى الذي كان مقرراً سابقاً ووفق إجراءات تدريجية راعت التواجدات الجغرافية لتلك الشركات وذلك بهدف تعزيز سلامة ومتانة القطاع الصيرفي من جهة وزيادة مقدرة شركات الصرافة على المنافسة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي وتقديم خدمات صيرفية ذات جودة عالية ومواكبة المستجدات الدولية في هذا المجال من جهة أخرى، إضافة إلى زيادة مقدار السيولة المتاحة لدى تلك الشركات وبما يزيد من قدرتها على تحسين أدائها مما سينعكس ايجابياً على مؤشرات ربحية القطاع الصيرفي ككل.
هذا ويمارس البنك المركزي رقابته على القطاع الصيرفي مكتبياً وميدانياً حيث تتمثل الرقابة المكتبية بشكل رئيسي بدراسة وتحليل البيانات الإحصائية الدورية والقوائم المالية المدققة للشركات وتقديم التوصيات المناسبة بشأنها، في حين تتمثل الرقابة الميدانية بشكل رئيسي في قيام فرق التفتيش بالتحقق ميدانياً من مدى التزام الشركات العاملة في القطاع بكافة القوانين والتشريعات النافذة بالخصوص، هذا إضافة إلى دور المحاسب القانوني لشركات الصرافة والمناط به بموجب أحكام القانون.
//الفصل الثالث:
اختبارات الأوضاع الضاغطة // تعتبر اختبارات الأوضاع الضاغطة أداة من أدوات إدارة المخاطر التي تهدف إلى قياس قدرة الجهاز المصرفي على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة، وقد ازدادت أهمية هذه الاختبارات بعد الأزمة المالية العالمية، حيث تستخدم نتائجها في تحديد مستوى رأس المال والسيولة الواجب الاحتفاظ بها من قبل البنوك لتكون قادرة على تحمل الصدمات المالية والمخاطر المرتفعة.
وإدراكاً من البنك المركزي الأردني لأهمية هذا الموضوع فقد قام خلال عام 2009 بإصدار تعليمات اختبارات الأوضاع الضاغطة رقم (46/2009) تاريخ 30/9/2009 ، والتي طلب بموجبها من البنوك إجراء مجموعة من الاختبارات المتعلقة بالمخاطر المختلفة التي تواجه البنوك مثل:
مخاطر الائتمان والتركزات والسوق وغيرها.
ومن الجدير ذكره أن البنك المركزي قام خلال عام 2013 بتطوير منهجية إعداد هذه الاختبارات بالاعتماد على المنهجية التي طورت من قبل صندوق النقد الدولي خلال عام 2011 والتي تعتبر من أفضل المنهجيات المستخدمة بهذا الخصوص، حيث يتيح استخدامها إجراء مجموعة كبيرة من الاختبارات بما فيها اختبارات الأوضاع الضاغطة الكلية) والتي تقيس أثر المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل معدل النمو الاقتصادي على نوعية أصول البنوك.
هذا وقد قام البنك المركزي باستخدام هذه المنهجية بشكل جزئي، وذلك لإجراء اختبارات الأوضاع الضاغطة التالية.
//السيناريو الأول/.
قمنا بافتراض تضاعف خسائر الائتمان لدى البنوك (تضاعف نسب التعثر) بافتراض تفاقم الظروف السياسية في المنطقة وأثرها على الأوضاع الاقتصادية وعلى البنوك في الأردن ، وفي هذه الحالة سوف تنخفض نسبة كفاية رأس المال لدى الجهاز المصرفي في الأردن من 19% إلى حوالي 8ر15%، مما يعني أن الجهاز المصرفي بشكل عام قادر أيضاً على تحمل هذه الصدمة حيث ستبقى النسبة لديه بعد تأثير الصدمة أعلى من الحد الأدنى المطبق في الأردن والبالغ 12%، وحتى على المستوى الإفرادي فإن النسبة سوف تبقى أعلى من 12% لدى إحدى وعشرين بنكاً.
كما ستبقى أعلى من الحد الأدنى المطبق عالمياً والبالغ 8% لدى بقية البنوك الخمسة مما يدل على قدرة البنوك في الأردن على تحمل هذه الصدمة .
//السيناريو الثاني// قمنا بافتراض انخفاض سعر صرف الدينار الأردني بما نسبته 50% مقابل العملات الأخرى، وذلك بافتراض استمرار وتفاقم الظروف السياسية الإقليمية وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية في المملكة واحتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، وفي هذه الحالة فإن نسبة كفاية رأس المال لدى الجهاز المصرفي في الأردن سوف تنخفض من 19% إلى حوالي 5ر16 %، مما يعني أن الجهاز المصرفي بشكل عام قادر أيضاً على تحمل هذه الصدمة، وحتى على المستوى الإفرادي فإن نسبة كفاية رأس المال سوف تبقى أعلى من الحد الأدنى المطبق في الأردن لدى أربعة وعشرين بنكاً، كما ستبقى أعلى من الحد الأدنى المطبق عالمياً والبالغ 8% لدى البنكين المتبقيين، مما يعني أيضاً أن البنوك في الأردن قادرة على تحمل هذه الصدمة السيناريو الثالث فيما يخص مخاطر التركزات الائتمانية وفي حال تعثر أكبر ثلاثة مقترضين على مستوى كل بنك فإن نسبة كفاية رأس المال ستنخفض عن 12% لدى أربعة بنوك حيث ستتراوح النسبة لدى هذه البنوك ما بين (3ر11% -6ر11%) أي أنها لن تنخفض كثيرا عن الحد الأدنى المطبق في الأردن، كما أنها ستبقى أعلى من الحد الأدنى المطبق عالمياً والبالغ 8% , أما في حال تعثر أكبر ستة مقترضين من كل بنك فإن نسبة كفاية رأس المال ستنخفض عن 12% لدى أربعة بنوك أيضا، حيث ستتراوح النسبة لدى هذه البنوك ما بين (0ر9 % - 9ر10 %)، أي أنها ستبقى أيضا أعلى من الحد الأدنى المطبق حاليا، والبالغ 8% ، ومن الجدير بالذكر أن هناك نية لدى البنك المركزي لتعديل تعليمات التركزات الائتمانية وذلك بهدف التقليل من مخاطر التركز على البنوك في الأردن.
الخلاصة لقد بينت نتائج اختبارات الأوضاع الضاغطة التي تم إجراؤها أن الجهاز المصرفي الأردني قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة وهذا يعود إلى تمتع معظم البنوك في الأردن بمستويات مرتفعة من رأس المال، والتي تعتبر الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، كما يتبين من النتائج أن مخاطر أسعار الصرف محدودة، وأن معظم البنوك قادرة على تحمل مخاطر التركز.
هذا وسيستمر البنك المركزي بتطوير هذه الاختبارات وإجراء المزيد منها آخذا بالاعتبار تطورات المخاطر على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي للتأكد من سلامة ومتانة الجهاز المصرفي الأردني.
//الفصل الرابع:
مديونية قطاع الأفراد في الأردن// مقدمة تلعب البنوك دوراً هاماً ورئيسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة من خلال توفير التمويل اللازم لقطاعي الأفراد والشركات، هذا ويلعب الإقراض للأفراد دوراً هاماً في تحسين نوعية حياتهم من خلال تمكينهم من الحصول على احتياجاتهم السكنية والاستهلاكية، ما ينعكس إيجابًا على زيادة قدرتهم على الإنفاق والاستهلاك ويحفز النمو الاقتصادي، ونتيجة لاتساع وتنوع هذا القطاع فإن إقبال البنوك المدروس على تمويله يؤدي إلى تنويع توظيفات البنوك وبالتالي التقليل من المخاطر وتعزيز ربحيتها.
إلا أنه وبنفس الوقت فإن لارتفاع مديونية الأفراد نسبة لدخلهم وثروتهم آثارا سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي في أي بلد، حيث يؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على السداد ما يزيد من نسب التعثر لدى البنوك ومؤسسات التمويل الأخرى، كما أن ارتفاع هذه النسبة يضعف من قدرة الأفراد على الإنفاق والاستهلاك مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي.
إن من أهم أسباب الأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2007 الإفراط في التمويل العقاري الذي رفع أسعار العقار بشكل كبير وأعطى البنوك شعوراً زائفاً بالأمان عندما كانت تقرض عملائها الأمر الذي نتج عنه خلق فقاعة في سوق العقارات وتعرض البنوك الكبير (غير المباشر) لهذا السوق، كما توسعت البنوك في الإقراض لقطاع الأفراد الذين أصبحوا مكبلين بالتزامات فاقت الدخل المتاح لهم مما أدى لعدم قدرتهم على سداد ديونهم وحتى بعد بيع العقارات المرهونة.
هذا وشهدت السنوات الخمس السابقة لعام 2007 في الاقتصادات المتقدمة ارتفاعا في نسبة ديون الأفراد إلى دخلهم بمعدل سنوي 39% لتصل إلى 138% في عام 2007.
فعلى سبيل المثال فقد ارتفعت نسبة ديون الأفراد إلى دخلهم إلى أكثر من 200% في كل من الدنمارك، أيسلندا، هولندا والنرويج كما أن النسبة ارتفعت بمستويات كبيرة في الدول ذات الاقتصادات الناشئة مثل استونيا حيث ارتفعت النسبة لديها من ( 19%) في عام 2000 إلى (88%) في عام 2007، وفي هنغاريا ارتفعت من (18%) في عام 2001 إلى (76%) في عام 2010، ولات?يا ارتفعت من (9%) في عام 2001 إلى (81%) في عام 2010.
وأدى تزامن ارتفاع أسعار العقار وارتفاع الأسواق المالية إلى إظهار أن نسبة مديونية الأفراد لموجوداتهم مستقرة بشكل عام، والتي غلفت (أخفت) النمو المتزايد لتعرض الأفراد للانخفاض الحاد المحتمل في أسعار موجوداتهم، وعليه عندما انخفضت أسعار العقارات بالتزامن مع الأزمة المالية أدى ذلك إلى تقلص ثروات الأفراد نسبة إلى ديونهم ومع انخفاض دخولهم وزيادة البطالة أصبح من الصعب عليهم تسديد أقساط قروضهم، علماً بأن أسعار العقارات انخفضت من القمة التي كانت قد وصلتها في عام 2007 إلى مستويات قياسية في نهاية عام 2011 فعلى سبيل المثال فقد بلغت النسبة التراكمية لانخفاض أسعار العقارات في ايرلندا 41%، والولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا 29%، والدنمارك 21%.
وفقاً لدراسة أعدها فريق في صندوق النقد الدولي وضمنها ضمن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2012، فإن مديونية الأفراد المرتفعة المتزامنة مع ارتفاع أسعار المساكن يكون لها تأثير سلبي كبير على النظام المالي وعلى الاقتصاد وعلى الناتج المحلي الإجمالي حيث سيؤدي ذلك إلى انخفاض قدرة الأفراد على السداد وإلى انخفاض إنفاق واستهلاك الأفراد، ارتفاع البطالة، وتراجع النشاط الاقتصادي لمدة لا تقل عن 5 سنوات لاحقة.
في حال نشوء مشكلة مديونية الأفراد في الاقتصاد فإن للسياسات الكلية دور رئيسي في الحد من تأثير وتفاقم تلك الأزمة مثل الحلول التي تتبعها أيسلندا في الوقت الراهن التي تشمل:
زيادة مدة السداد وبالتالي تخفيف أقساط الديون على المقترضين الأفراد لتجنب إفلاسهم، منح الأفراد جزءا من اشتراكاتهم في الضمان الاجتماعي (مثل تجربة الدول الإسكندنافية) ما يؤدي إلى رفع دخل الفرد وتعزيز قدرته على خدمة الدين، وبالتالي يقلل من احتمالية إفلاس الأفراد، ويحد من انخفاض أسعار العقارات وانخفاض الطلب الكلي.
إن ارتفاع نسبة ديون الأفراد من أهم أسباب الأزمة المالية التي حدثت بين عامي 2007-2011 في أمريكا وأوروبا.
الفصل الخامس:
السياسة الاحترازية الكلية والمخاطر النظامية (مقدمة) يهدف هذا الفصل إلى التعريف بمفهومي السياسة الاحترازية الكلية والمخاطر النظامية، كما يتناول باختصار الأدوات الأساسية للسياسة الاحترازية الكلية، بالإضافة إلى تحليل التفاعل بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسة النقدية وتفاعل هذه السياسة مع السياسات الاقتصادية الأخرى.
إن من أبرز الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الأخيرة أن الاستقرار المالي على المستوى الفردي لمؤسسات الجهاز المالي ليس كافياً لتحقيق الاستقرار المالي على المستوى الكلي بسبب وجود ما يسمى المخاطر النظامية على مستوى النظام المالي ككل، ومن هنا برزت أهمية السياسة الاحترازية الكلية التي تهدف إلى الحد من المخاطر النظامية وتعزيز قدرة النظام المالي على تحمل الصدمات والحد من الاختلالات وتسويتها وبالتالي الحيلولة دون تعطل عملية التوسيط المالي وذلك لضمان توجيه المدخرات لتمويل الفرص الاستثمارية ذات الجدوى.
كما بينت الأزمة المالية أهمية أن تتجاوز عملية صنع السياسات الاقتصادية التقليدية السياستين المالية والنقدية والسياسات الاقتصادية الأخرى وصولا لتحقيق الاستقرار المالي الكلي المستدام، هذا ويمكن أن تساهم الأدوات المباشرة وغير المباشرة للسياسة النقدية التقليدية وغير التقليدية في الحد من المخاطر النظامية التي تهدد استقرار النظام المالي، وهنا تبرز أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف السياسات لتحقيق الأهداف المرجوة.
وعلى الرغم من تفاعل السياسة الاحترازية الكلية مع جميع السياسات الاقتصادية إلا أن تفاعلها مع السياسة النقدية يحتل أهمية خاصة، لأن السياسة النقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار النقدي من خلال استهداف النظام المصرفي بشكل خاص والنظام المالي بشكل عام، ولأن النظام المصرفي يشكل الجزء الأكبر من النظام المالي فهو المستهدف الرئيسي من قبل السياسة الاحترازية الكلية.
وهذا الفصل هو فصل نظري الهدف منه تعريف المفاهيم الأساسية المرتبطة بعمل دائرة الاستقرار المالي في البنك المركزي الأردني.
السياسة الاحترازية الكلية تُعرف السياسة الاحترازية الكلية بأنها السياسة التي يتم من خلالها تحديد ومراقبة وضبط المخاطر النظامية للحد من تراكم هذه المخاطر وتعزيز قدرة النظام المالي على تحمل الصدمات وذلك باستخدام مجموعة من الأدوات بناءً على مجموعة من المؤشرات الأساسية، وقد قام الاقتصادي برنانكيه بتعريف المخاطر النظامية على أنها "مخاطر التطورات التي تهدد استقرار النظام المالي ككل وبالتالي الاقتصاد بالكامل، هذا وقد اكتسبت السياسة الاحترازية الكلية أهمية متزايدة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 إلى يومنا هذا.
وحسب تصنيف لجنة النظام المالي العالمي المنبثقة عن بنك التسويات الدولية فإن أدوات السياسة الاحترازية الكلية تتضمن ثلاثة أنواع رئيسية وهي:
أدوات تعتمد على رأس المال، وأدوات تعتمد على السيولة، وأدوات تعتمد على جانب الأصول.
حيث تشمل الأدوات المستندة إلى رأس المال هامش رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية والمخصصات الديناميكية ومتطلبات رأس المال على المستوى القطاعي، في حين أن الأدوات المستندة إلى السيولة تشمل نسبة صافي التمويل المستقر ونسبة تغطية السيولة، أما أدوات جانب الأصول فهي نسبة القرض إلى القيمة ونسبة الدين إلى الدخل.
وهناك تصنيف آخر لأدوات السياسة الاحترازية الكلية وضعه صندوق النقد الدولي، حيث قسم هذه الأدوات إلى مجموعتين:
أدوات مصممة خصيصا لتقليل المخاطر النظامية مثل الأدوات التي تعتمد على جانب الأصول، وأدوات أخرى مصممة لتعزيز قدرة النظام المالي على تحمل الصدمات مثل أدوات رأس المال والسيولة.
ومن المهم لتفعيل أدوات السياسة الاحترازية الكلية تحديد الوقت الملائم لتطبيقها أو إيقاف تطبيقها، وتعتبر الدورة المالية مؤشرا جيدا لتحديد الوقت الملائم لاستخدام أدوات السياسة الاحترازية الكلية أو إيقافها مع الأخذ بالاعتبار الأوضاع الاقتصادية الكلية، فإذا كانت الدورة المالية تمر بمرحلة ازدهار يجب تشديد أدوات السياسة الاحترازية الكلية، في حين يجب تسهيلها خلال فترات التراجع، بالإضافة إلى اختيار الأدوات المناسبة للتعامل مع المخاطر النظامية.
المخاطر النظامية هي المخاطر التي تؤثر على النظام المالي ككل، ومن الأمثلة على المخاطر النظامية:
النمو المرتفع للائتمان بما لا يتناسب مع حجم النشاط الاقتصادي.
التعرض المرتفع للأصول (العقارات والأسهم) التي تشهد زيادة كبيرة في أسعارها (فقاعات).
التعرض المرتفع لقطاع الأفراد المثقل بالديون.
التعرض الكبير للديون الحكومية.
الاعتماد على مصادر تمويل غير مستقرة.
هامش رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية، المخصصات الديناميكية ومتطلبات رأس المال على المستوى القطاعي ونسبة التسهيلات إلى الودائع فجوة الائتمان (مقارنة نمو الائتمان مع نمو الناتج المحلي الإجمالي)، مقارنة نسبة الائتمان إلى الناتج المحلي الإجمالي مع معدلها طويل الأجل، تحليل نمو الائتمان على المستوى القطاعي النمو المفرط للائتمان (ازدهار الائتمان).
وضع سقف على نسبة القرض إلى القيمة، تقليل مستويات التعرض لقطاعات معينة (قيود التركز).
رفع نسبة الأصول المرجحة بالمخاطر، زيادة المخصصات، رفع مستويات رأس المال في ضوء اختبارات الأوضاع الضاغطة.
تقدير مدى وجود فقاعة في سوق العقارات (زيادة الرقم القياسي لأسعار العقار، نسبة أسعار المساكن إلى الإيرادات (الإيجارات)، نسبة القرض إلى القيمة، معدل البطالة)، تقدير مدى وجود فقاعة في سوق الأسهم (زيادة مؤشر السعر، نسبة السعر إلى الإيرادات، التذبذب، ...).
//إجراء اختبارات الأوضاع الضاغطة/.
تعرض النظام المالي لأسواق الأصول التي تشهد فقاعات سعرية.
وضع سقف على نسبة المديونية إلى الدخل، تقييد نسبة القرض إلى القيمة، تقييد مستويات التعرض لقطاع الأفراد، رفع نسب الأصول المرجحة بالمخاطر (حسب نسبة عبء الدين)، رفع مستويات رأس المال في ضوء اختبارات الأوضاع الضاغطة.
نسبة مديونية قطاع الأفراد إلى دخلهم، نسبة مديونية قطاع الأفراد إلى الثروة، موجودات و مطلوبات قطاع الأفراد.
تعرض النظام المالي لقطاع الأفراد مرتفع المديونية.
رفع نسبة الأصول المرجحة بالمخاطر، رفع المخصصات، رفع مستويات رأس المال بناءً على اختبارات الأوضاع الضاغطة.
تحليل استدامة الدين، تحديد الأثر على الملاءة أو السيولة باستخدام اختبارات الأوضاع الضاغطة.
تعرض النظام المالي للديون الحكومية تخفيض وزن مصادر الأموال غير المستقرة عند احتساب نسبة التسهيلات إلى الودائع، رفع متطلبات الاحتياطي القانوني والسيولة.
نسبة صافي التمويل المستقر ونسب السيولة الأخرى، اختبارات الأوضاع الضاغطة المرتبطة بالسيولة اعتماد النظام المالي على مصادر أموال غير مستقرة.
//تفاعل السياسة الاحترازية الكلية والسياسة النقدية//.
يمكن أن يكون لأدوات السياسة الاحترازية الكلية تأثير على أسعار وحجم الائتمان في الاقتصاد، والتي بدورها يمكن أن تؤثر على مجمل النشاط الاقتصادي الذي يعتبر عنصرا رئيسيا في إدارة السياسة النقدية بصرف النظر عن هدف هذه السياسة، كما أن مستوى سعر الفائدة والنشاط الاقتصادي الحقيقي يؤثران على المخاطر النظامية من خلال تأثيرهما على حجم الائتمان الذي يعتبر من أهم العوامل التي قد تؤدي إلى بناء مخاطر نظامية من خلال تأثيره على أسعار الأصول ومستوى الرفع المالي للمؤسسات المالية.
كما أن صانعي السياسة النقدية والسياسة الاحترازية الكلية يعتمدون في صناعة قراراتهم على بيانات متشابهة، الأمر الذي يدل على الترابط بين السياستين.
فعلى سبيل المثال فإن الأوضاع المالية مثل معايير الإقراض وحجم الائتمان هي معلومات ضرورية للسياسة النقدية وهي بالتأكيد مدخلات أساسية للسياسة الاحترازية الكلية، من ناحية أخرى فإن صانعي السياسة الاحترازية الكلية يأخذون بعين الاعتبار الدورة الاقتصادية والسياسة النقدية عند اختيار أدوات السياسة الاحترازية الكلية.
أما بخصوص مدى تكامل أو تعارض السياستان النقدية والاحترازية الكلية فإن السياسة النقدية والسياسة الاحترازية الكلية مكملتان لبعضهما أكثر مما هما متعارضتان، حيث أنه وبشكل عام ومن منظور تاريخي فإن الأزمات المالية تقع بتكرار أقل (دورية أقل) من الدورات الاقتصادية، وتبعاً لذلك لا تتزامن أغلب الدورات الاقتصادية مع الأزمات المالية والتي كانت تحدث مرة كل 20-25 عاما منذ بداية التحرير المالي، ما يعني أن قرارات السياسة النقدية والسياسة الاحترازية الكلية يتم تعديلها بفترات ودرجات متباينة، وليس بالضرورة أن يكون التعارض كبير الاحتمال إن كان ممكنا.
//تفاعل السياسة الاحترازية الكلية مع السياسات الأخرى//.
يمكن أن تتفاعل السياسة الاحترازية الكلية مع السياسات الاقتصادية الأخرى غير السياسة النقدية، حيث تتفاعل السياسة الاحترازية الكلية مع السياسة المالية من خلال أن البنوك في الكثير من الدول تمتلك جزءاً كبيراً من سندات دين حكوماتها وبالتالي فإن الموازنة العامة تؤثر بشكل مباشر على مناعة النظام المالي، بالإضافة إلى أن الموازنة الحكومية الضعيفة يمكن أن تزيد من المخاطر النظامية من خلال تقييد قدرة الحكومة على توفير الدعم للقطاع المالي في أوقات الضغوطات.
كما تتفاعل السياسة الاحترازية الكلية مع سياسات المنافسة، فقد بينت الدراسات السابقة أن زيادة حدة المنافسة تزيد من الرغبة في تحمل المخاطر في القطاع المصرفي حيث تؤدي زيادة المنافسة إلى تراجع الأرباح وبالتالي انخفاض القيمة السوقية لأسهم البنك ما يقلل من حرصه على التعامل مع السوق بشكل حصيف، في حين بينت دراسات لاحقة أن المنافسة الصحية تؤثر على شروط الإقراض الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تقليل المخاطر النظامية، إلا أن هناك حاجة إلى إجراء دراسات أكثر حول التفاعل بين السياسة الاحترازية الكلية وسياسات المنافسة فعلى سبيل المثال فإن دور بنوك الظل يمكن أن يفتح الباب لمنافسة أكبر مع القطاع المصرفي ما قد يزيد من المخاطر النظامية نتيجة انتقال المخاطر من الجهاز المصرفي المنظم والمراقب إلى بنوك الظل التي لا تخضع عادة إلى جهة تنظيمية ورقابية محددة.