مانديلا الأفريقي ومانديلا الأردني !
قضى الاثنان في ليلة واحدة مانديلا الجنوب افريقي ومانديلا الاردني حاكم الفايز!!
الاثنان عاشا في سجون الطغيان سبعة وعشرين عاماً, لكن أمة مانديلا اعطته المجد في صراعه مع النظام العنصري, وجعلت منه اسطورة, وأمة حاكم اعطته الذل وجعلت منه اسطورة صبر وظلم!!
كان سعادة يقول: الامم الضعيفة تفعل برجالها كما يفعل الاطفال بالدمى, يحطمونها ثم يبكون طالبين غيرها!!
ترى كم مانديلا عربي مر على هذه الامة. سأذكر قصة محزنة واحدة, كنا والمغفور له احمد بن بلة والعبد الفقير في الحمراء باسبانيا, وكنت اتابع الرئيس الذي يصر على انه «السي احمد» يتقافز في حديقة «جنات العريف». قلت له ما شاء الله سي احمد انت اقوى مني على صعود الادراج ونزولها, وضحك صاحب اجمل ابتسامة ملتبسة: لو انك كنت تأكل خبزاً وقفرة (زيت) وملحاً طيلة عشر سنوات صبحاً وظهراً ومساء لكنت صرت صاحب اصلب سيقان. فقد كان السي محمد ابو خروبه (الهواري بومدين) يستفيق كل صبح وفي ذهنه شيء واحد كيف يجعل من يوم بن بله في المنفى الصحراوي يوما اصعب!!
ونشهد يوم المناضل الافريقي ورؤساء الغرب يتفجّعون لموته، ونعرف - كما تقول لومانيتيه - ان الكل منافقون، فلم يقدم هؤلاء المتفجعون شيئا لمانديلا طيلة سبعة وعشرين عاما، ولم يقدموا شيئا لشعب جنوب افريقيا، وكان الوحيدون الذين وقفوا معهما: الشيوعيون الفرنسيون، وقادة عرب هم الان تحت التراب: جمال عبدالناصر وصدام حسين واحيانا معمر القذافي.
في ما نشهد الان جنازة حفيد مثقال الفايز المناضل حاكم.. منديلا الاردني، ووراءه الاف يشيعون المظلوم.. صاحب الصبر الاسطوري، ولعلي انا الوحيد - ابن عمه كما يقول - اضع احزاني في فراش المرض.. واشيعه في تخيلي لسنوات الصبر والجمر، وادعو لضافي الجمعاني بطول العمر في معزله «بام شجيرة».
مانديلا يعود الى ارض قبيلته العظيمة، وقد فرض على منافقي الحزن الغربي عظمة الحرية والمسامحة ودولة السلام وتعايش البيض والسود والسمر الاسيويين. فيما يدفع الذين ظلموا حاكم ورفاقه: الدم, والذل, وثورة شعبهم.