القرضاوي ونصرالله.. "عين على واشنطن"

قبل أشهر فقط،في نيسان (إبريل) الماضي، ومن على منبر المسجد،كان رئيسالاتحاد العالميلعلماء المسلمينالشيخ يوسفالقرضاوي، والذييكاد يشكلالرمز الأهملتيار إسلاميسياسي عريضمحوره جماعةالإخوان المسلمين،يشكر الولاياتالمتحدة على دورها في سورية. وفي حزيران (يونيو) الماضي، حمل على حزب الله بقسوة،وسماه حزب الشيطان. وقال إن "الثورةالسورية أجْلَتالحقيقة، وبيّنتحقيقة حزب الله وشيعتهالذين استحوذعليهم الشيطانفأنساهم ذكر الله". وتقاربالقرضاوي حينهامع مشايخالسعودية بقوله: "وقفتُ ضد المشايخ الكبارفي السعوديةداعياً لنصرةحزب الله،لكن مشايخالسعودية كانواأنضج مني وأبصر مني؛لأنهم عرفواهؤلاء على حقيقتهم.. هم كذبة".والآن،يُقدّم زعيمحزب الله،حسن نصرالله،في لقائهمع تلفزيون "أو تي في" اللبنانيأول من أمس، خطاباًلا يشكرالولايات المتحدة،ولكنه يقدمقراءة للمشهد،تتضمن القولإنّ الحربفي سوريةليست أميركية،وإنّ المشكلةهي مع جهة أخرىسوى الأميركيين،وتحديدا مع قوة عربيةمسلمة أخرى. فهو يقول "اليوم هناكواقع أوروبيوأميركي جديد،والولايات المتحدةلا تريدأن تذهبإلى حرب وهي تعبتمن الحروب". وعمليا، يعنيحديثه أن قراءته للواقعهي أنّ خطر الحربالأميركية الإسرائيليةأبعد، فيماالخوف من "الإرهاب التكفيري"، كما سماهفي تصريحاتسابقة، المدعومبرأيه سعودياً؛أي إنّ الخلاف الأساسيالآن مع السعودية. فهو يقول إن "من نتائجالاتفاق النوويالايراني ودول "5+1"أنّه دفع خيار الحربإلى أمد بعيد". ويضيف: "عندما أتحدثهنا عن الحرب، أقصدالحرب الغربيةأو الأميركيةوحتى الإسرائيليةعلى إيران". ولم يعتبرنصرالله أن "الحرب التكفيرية" هي مع جماعات متطرفة،بل ربطهابالحكومة السعودية،بقوله: "كتائبعبدالله عزام" التي تبنتالعملية (ضد السفارة الإيرانيةمؤخرا)، ليست "اسما وهميا. هذه الجهةموجودة بالفعل،ولها أميرهاوهو سعودي. وقناعتي أنهامرتبطة بالمخابراتالسعودية التيتدير مثل هذه الجماعاتفي أكثرمن مكانفي العالم". بل ويكشفنصرالله، أو بالأحرى يؤكدأنباء أنّ هناك خطوطامفتوحة مع قطر الآن،وقال إنّهاستقبل في الفترة السابقةموفدا قطرياوأن "قطر في الآونةالأخيرة ربماتعيد النظربموقفها في المنطقة واستراتيجيتها". ورغم أنّ ما يقولهنصرالله قد يكون صحيحاً،فإنّ هذه المراجعة قد تكون من تداعيات الاتفاقالإيراني-الأميركي (الغربي)، وجزءاًمن ترتيباتإقليمية أوسعفي سياقترجمة وتطويرهذا الاتفاق. ويمكن أن يضاف إلى موضوع الاتصالمع قطر،بوادر تقاربمع "حماس"، ومن ذلك وصف نائبأمين عام حزب اللهبلبنان الشيخنعيم قاسم،في حوارمع موقع "المنار"، قبل أيام، حماسبأنها "رأس حربة المقاومةفي فلسطين"، وأحد أركانمحور المقاومةالذي لم يضيّع بوصلتهفي مواجهةالاحتلال الإسرائيلي.من شُكرأميركا مطلعالعام من مسجد في الدوحة، من قبل الشيخالقرضاوي، في سياق الحربالتي تقف قطر والسعوديةفيها صفا لدعم "الثورة" السورية، إلى قراءة نصراللهالتي تعنيضمناً أنّ الرياض وواشنطنلديهما مواقفمختلفة، فالأخيرةتخرج من الحرب، وربماتدخل ترتيباتجديدة، وربمابتعاون قطري،كل هذا يعني أنّ مسألة اتهاماتالأطراف بعضهابالتبعية لواشنطن،أو الادّعاءبأنّ المعركةضد واشنطنوالإمبريالية ليستبالضرورة صحيحة،ولم يعد مقبولاً أنّ تتهم الأطرافالمختلفة خصومهاأنّها تنفذمخططا أميركيا.حديث القرضاويقبل أشهركان يعني،في حده الأدنى، وجودتحالف ضمني،أو تفاهم،مع واشنطنمن قبل دول وقوىفي المنطقة،في اصطفافمضاد للنظامينالسوري والإيراني. وحديث نصرالله،الآن، يعنيالانتقال من شكل علاقةالاصطفاف بين معسكرين متقابلين،إلى علاقةثلاثية أبعاد،حيث السعودية،بحسب تحليله،في خط من المثلثوهي الضلعالذي يدعمالحرب، والأميركيونفي خط ثانٍ لا يريد الحرب،وربما ينضملهذا الخطدول وفصائلعربية، وحزبالله وسوريةوإيران في ضلع ثالث.ahmad.azem@alghad.jo