من جديد .. نقابة المعلمين قادمة شاء من شاء وأبى ...!

ملاحظة : كتبت هذه المقالة قبل إعلان الحكومة غير المسبوق بتأييدها لحق المعلمين في إحياء نقابتهم أو ما أطلق عليه تأطير .... وستبدي لنا الأيام حقيقة موقفها !!

على ما يبدو ومن خلال تجربتي المتواضعة في الحراك الشجاع الذي إنطلق به المعلمون في الفترة الأخيرة ، تيقن لي أن الزمن الماضي الذي كان فيه المعلم مجرد موظف في الجهاز الحكومي يسير وفق منهجية لا اسمع لا ارى لا أتكلم .. قد ولت إلى غير رجعة كما ولى حسني مبارك ، وآن أوان الرجعة الى ذلك الزمن القريب الذي كان فيه المعلم رمزاً عند الجميع لا مجرد فرد يتلقى المديح الورقي فحسب كما هو الحال الآن ، وبناءاً عليه إنطلق المعلمون وبشتى قناعاتهم الصلبة منها التي لا تتزحزح ، والبسيطة منها التي تتقلب بين الحين والآخر وفق وعود تطلق هنا وهناك تمنحهم وعوداً هوائية لا تطبق على أرض الواقع .

فرغم كل المحاولات التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة من أجل إظهار صورتها بأنقى ما يمكن للمواطن ترقبه ، إلا أن المدركين لحقيقة ما خلف الكواليس هم على دراية تامة بالنقاط الساخنة على المستوى الاقتصادي والسياسي الاجتماعي في رحلة أي حكومة زائرة ، وبالطبع فالنهج ثابت في كل زمان ومكان مجرد وعود وشعارات في الهواء الطلق ، جميعها تتمنطق ثوب الحرية للجميع .

فئة المعلمين أعانهم الله وأمدهم مدداً عظيماً بصبر النبي أيوب ، فهي كما نعلم تحاول جاهدة منذ سنوات طال عمرها أن تستولد من جديد نقابة للمعلمين ، لتكون مصدر قوة لفئة تمثل شريحة كبرى من أبناء الشعب الأردني ، وهذا بالطبع لا ينافي شعارات الحكومات !! ، والأمر كما نلحظ أضحى حلماً يراود كل معلم ومعلمة في الميدان الملتهب الذي يعملون به ، وللأسف الشديد فقد باءت جميع المحاولات والإستجداءات من أجل إنشاء هذه النقابة بالفشل الذريع ، أي أن كل تلك المحاولات أصابها الإجهاض المتعمد من قبل الحكومة ، وهي بالطبع خير من أتقن سحق هذا الجنين قبل تشكله من أجل حجة فراغية ولا نعتقد بأنها مقنعة أو على الأحرى تستحق مجرد السماع فقط .    

تسييس  العمل النقابي هو أمر تخشاه الحكومة منذ أمد بعيد ، ورغم كونه بات أمرا واقعاً ويحيا في كنفها ، لكنها لا تريد لهذه الحقيقة المرة أن تتسع أكثر من ذلك ، وبالذات في مجتمع لا يسهل السيطرة عليه كما يقولون ( أي المعلمين ) فبالرغم من كون الهدف المزمع من أجله إنشاء النقابة سعياً لحماية هذه الفئة من المواطنين الأردنيين ( وأقولها هنا بكل صدق ولا دجل هم أردنيون بالفعل ويحملون أرقاماً وطنية وجوازات سفر أردنية ولم يأتوا من سيريلانكا أو هاييتي للإقامة على أرض هذا الوطن العربي العزيز بأهله من شتى الأصول والمنابت  ؟! ) ورغم كل ذلك إلا أن التعقيد ما زال سيد الموقف حتى اللحظة ، ونحن هنا نطرح سؤالاً على المجلس الأعلى للدستور الذي رأى تعارض إنشاء النقابة مع واقع الحال بشقيه الخدمي الإجتماعي والسياسي ، وبناءاً عليه ارتضيتم رفض تشكيلها وهذا بالطبع بعيد كل البعد عن إنصاف جزء كبير من شريحة العاملين في القطاع العام والخاص ، فلماذا وضعتم حجر العثرة هذا في وجه نقابة المعلمين طالما أنها تحمل في مقدمة أهدافها خدمة العاملين في صروحها العملاقة ... ألهذه الصورة اعتبرتم إنشاءها بالفعل لغير صالح الدولة  ؟؟ إلا إن كان مبرر الرفض خفياً ويحرم على المواطن معرفته كما أخفي علينا من أنتم !

أيتعارض إنصاف الفرد العامل في  مؤسسة حكومية خدمية تخرج الوزراء والنواب والمدراء والحدادين والمتسلقين  !! ، مع دستورنا الذي يؤكد على أن الجميع لهم  الحرية في الحصول على حقوقهم بالمجتمع ، وبشكل خاص في مجال عملهم ، فعلى أي قاعدة بنيت نظرية التعنت لإنشاء النقابة ، ولماذا تم إفراد المعلمين خاصة بهذه النظرية أيضاً ، والأمر  هنا كما يبدو تم تشكله من خلال صنع قوالب خاصة وبالاستعانة ببعض القوانين المرنة المؤقتة في بعض الأحيان من أجل سحق قرارات المطالبة بالنقابة ، حيث تم أخذ زاوية الافتراض الأسوأ واعتبرت نقابة المعلمين خطراً كبيراً على النظام السياسي الديمقراطي ؟ إن تم تشكلها ! وشر البلية ما يضحك فقد تناسوا أن ثورة الجائع أشد غضباً وحنقاً من المعلم المقموع في مجال عمله .

حكومتنا العزيزة أنا واثق تماما أنك كغيرك من الحكومات لك عمر محدد لن يطول و هذا ما نرجوه لذلك نتمنى لو تسعين منذ اللحظة لإنشاء هذه النقابة لا مجرد تقديم يد العون لهذه الفئة فحسب بل لعلك تكسبين وداً كبيراً من أبناء هذا الشعب إن استصدرتم قراراً كهذا ، وسيسجل لكم في التاريخ بأنكم صنعتم قراراً شعبياً  مرضياً ، وهذا بالطبع حلم يراودكم في كل حين ، فلا مبرر أمامكم للوقوف في وجهها طالما أنها تطمح لتقديم الخدمات والحفاظ على حقوق أفرادها ، ولا مبرر أيضاً للخشية من أمر تسييس عملها النقابي لأمر بسيط جدا وهو وجود ملفات كبيرة أمامها من أجل إصلاح ما هو مدمر في الميدان التربوي التعليمي المتآكل ، مما سيجعل منها غير قادرة إلى حد كبير على التوسع في العمل السياسي في الوقت الحالي بالطبع ،  أو على الأحرى القول بكلمة الحق والتعبير عن الرأي الأخر إن كان هنالك ما ينافي الرغبة لمنتسبيها من قرار هنا أو هناك إعتاد المواطن إستقباله من لدن حكومته الغريبة عن شعبها ، فلا داعي للريبة الشديدة من تأسيس النقابة للمعلمين ونرجوكم كل الرجاء أن تخرجوا في القريب العاجل علينا لقول كلمة العدل في وجه الظلم والرفض الممنهج ، وأنتم أيها المعلمون كفاكم صمتاً وخوفا فقد غدوتم تمثلون أغلبية هائمة على وجهها دون أي حراك وتنتظرون من المارد أن يخرج من قمقمه ليقدم لكم فروض الطاعة والولاء ، فلتنطقوا بها عالياً نريد نقابة للمعلمين .