عاد أبو جهل بلا كرامة

عاد أبو جهل بلا كرامة
بداية اعتذر من كل يساري حر يحترم نفسه ويحترم إنسانية الإنسان وينسجم مع فطرته ولي منهم رفاق أجلهم لم يتلوثوا بعد بمنافقيهم.
اليوم قرأت على قناة أردنية لا تعنى بالسياسة إلا قدر عنايتي بالتنجيم، قرأت نقدا للنساء المسلمات المشاركات في المظاهرات المحتجة على الانقلاب في مصر، والناقد عرفناه مفكرا اقتصاديا أوقعنا في الجحيم والقناة متخصصة في الغناء التراثي فسبحان مؤلف القلوب. يرزق الدودة العمياء في بطن الصخرة الصماء.
قرأت وأدركت أن أبا جهل يطل علينا بأفكاره القبليّة من جديد، قرأت مقالة تطل علينا بأفكار شيخ القبيلة إن شرّق هُبل مع عاصفة رملية سجد القوم لمطلع الشمس وإن غرّب قالوا غربنا من شرقنا فصار فرعون رمز الحرية، فهنيئا لهبل بأبي جهل الجديد بل آباء لا أب لهم غير النفاق.
لقد عابت عربان اليوم من بعض اليسار على عربان الجاهلية إبقاء النساء وراء خدورهن، وعابوا عليهم اختيار أجمل الأسماء لنسائهم فالنساء ليست للمتعة يخلد الرجال إليهن بعد نصب الصحراء وعابوا عليهم منع النساء الخروج من بيوتهن للقتال مع الرجال خوفا من السبي فيلحقهم العار فتنكس رؤوسهم في الرمال، فالنساء كائن بشري يجب أن يشارك في الحياة كالرجال، وأخرجت قريش نساءها للرقص ونقر المعازف في مواجهة جيش الإسلام في بدر ولم تشعر قريش بالعيب وكذا عربان القرن الحادي والعشرين، وعابت قريش وأشياعها مقاتلة النساء في معركة أحد وهجرتهن لأجل أفكارهن الإسلامية واستهجن عربان اليوم مشاركة النساء المسلمات في المظاهرات ، إنها مقاربات عجيبة.
غير أن قريش ظلت عاكفة على رأيها لم تغير إلى أن زالت الجاهلية وألقت فكر أبي لهب وأبي جهل عن عاتقها، والملفت في المقاربة أن أبا جهل ثبت على موقفه والسيف على عنقه ولم يتلون تلون اليسار متذرعين بخلق الله، إذ خلق الحرباء والأفعى متلونة وهم على هدى من خلق ربهم سائرون.
قرأت لأحد المتلونين من أتباع أبي جهل يعيب على النساء المسلمات في مصر المشاركة في الاحتجاجات لأن الرجال يتخذوهن حائط صد في مواجهة المحافظين على الحريات في مصر. وكأني به يقول كرامتكن في بيوتكن ودعن ما للرجال لا تنافسنهم على ما أودعتهم الطبيعة من حقوق، ويعيب مشاركة الأطفال في الاحتجاجات فهي استغلال للطفولة واعتداء على حقهم في الحياة أما قتلهم في سوريا ومصر فحرية وانتصار. فمشاركة النساء في التظاهر عار، وكأني به يعيب على صبية المسلمين حين حثو التراب في وجه جيش مؤتة هاتفين ضد الجيش (يا فرار ) أن مشاهد النساء والأطفال في المظاهرات لا تروق لأتباع أبي جهل غير أن أبا جهل لم يتلون وهو تحت حد السيف.
في المقابل مجدّ عربانٌ من اليسار النساء الخارجات على إرادة الشعب المصري ووصفوهن بأجمل الصفات وتغزلوا بهن زهرات في مقتبل العمر يخضن معترك السياسة والدفاع عن الأمة في وجه المد الإسلامي فهن الواعيات الجريئات شقائق الرجال انتصرن لأنفسهن ولإنسانيتهن فخرجن من الخدور اليمينية وتسلطها على المرأة، فيد تبنى وأخرى تحمل السلاح، وسارت الفضائيات بأخبارهن على نزرها، فبنات اليسار زهرات، حديثهن في السياسة فكر ووعي والبندقية في أيديهن قضب الريحان أما المسلمات فالورق والشعارات في أيديهن رؤوس الشياطين وفكرهن ثرثرة وعبث وتعد على حقوق الرجال المكتسبة وعليهن لزوم بيوتهن، ولولا ماء في أفواههم لنادوا بوأدهن أما قتلهن فحرية على مبدأ حر وانتصر، فلتهنأ أبا جهل بأتباعك الجدد هنيئا لك عودة أفكارك في عالمنا اليوم، قم وانظر ما يسرك لا ما يسوؤك.
لقد قلبوا المفاهيم الثورية لغاية في نفس يعقوب، وصديق عدوي عدو، أما المبادئ والقيم الإنسانية فحذاء يخلع ويستبدل في سبيل مواجهة الفكر الإسلامي، ولا ثالث للأثافي إلا القتل والنفاق وطريقهم في الحياة خالف تعرف مفكرا فتدرهم. واخلع ثوبك انك من اليسار غير ان أبا جهل لم يخلع ثوبه وشفرة السيف على عنقه

الدكتور محمود الهواوشه