تخيلات حكومية

يقول رئيس الوزراء إن حكومته انطلقت مع المرحلة الثانية لحكم الملك، وليس معلوما على وجه الدقة الى ماذا استند طالما لم يعلن قبل ذلك عن نهاية الاولى لتبدأ الثانية، وفيما إذا صرح له القول بدلا من المعني والديوان الملكي إن كان الامر هكذا. ويحدد الرئيس التعديلات الدستورية كنقطة لانطلاقها، أي أنها بدأت قبل اكثر من عام، فهل يستقيم مثل هذا التحديد ولم يقل به أحد قبل، ثم ما الذي يراه تطورا جوهريا بالتعديل، والحياة السياسية على حالها ولا جديد على نظام الحكم وتركيب السلطات وولاياتها، وطالما أن الملك نفسه ما زال ينشد التقدم نحو نظام ديمقراطي برلماني.
بطبيعة الحال فإن الحاجة لإعلان مرحلة جديدة قائمة وحقيقية، غير ان تحديدها وتعيين اهدافها وأبعادها الاستراتيجية والتوافق الوطني عليها لم يتم بعد، والحال يلغي ما يظنه الرئيس او يريده اعتمادا على ما اتخذه من قرارات مست حياة الناس وحرفتها أكثر نحو مزيد من الاعباء ليثبت انها متميزة وجريئة، ثم ليبني عليها وهم تعافي الاقتصاد والطريق الصحيح ودينار في أحسن حالاته، معتبرا ذلك مرحلة جديدة يريد تثبيتها واعتمادها والسير خلفها فيكون طرفا تاريخيا فيها.
التراجع العام هو السمة التي ميزت السنوات الاخيرة، ولا يستطيع الرئيس ولا غيره الادعاء بتجاوز الاسباب، فهي مستمرة وأكثرها يتعمق، وأخطر ما يقلق تنامي العنف وازدياد الضغوط المعيشية التي يقول عنها انها توقفت، وكذلك استمرار حالة الانقسام الوطني وانعدام الحوار وعدم الالتفات الى حركة الشارع السياسية والاطياف المتحركة فيه واستمرار الخيار الامني لمواجهتها. مضافا لذلك الوضع الاقليمي الذي زاد من اعباء الدولة نفسها، ان كان في سوريا او العراق ومصر حتى ليبيا، ثم الوضع الفلسطيني الذي يعاني الانقسام والتغول الاسرائيلي.
لا يستطيع الرئيس او من قد يحل محله في اي لحظة تجاوز واقع ما يجري وما يعكسه سلبيا على مكونات الدولة بكافة تفاصيلها، وهنا تماما تكمن الحاجة الى مرحلة ثانية للحكم، وهي ليست التي اعلن عنها وإنما تلك التي تؤمن تغييرا جديا يتيح المشاركة وتولي السلطة على اساس الديمقراطية وهذا رهن صاحب المرحلة نفسه وشروطه ايضا.