حرب الخليج.. تعويضات وبواسير

* كدت أنسى أن المرض اللئيم الذي ألم بي ولا ينوي المغادرة قط بدأت أعراضه في الثاني من آب عام 1990 عندما غزا العراق الكويت، لم تستغرق العملية سوى يومين حتى استولى الجيش على كامل الأراضي الكويتية في الرابع من الشهر نفسه، أذكر أنني كنت في زيارة الأهل لمدة أسبوع، وحوصرت هناك. بالمناسبة المرض شائع اسمه "بواسير"، لكنه تطور خلال تلك الأعوام الماضية ليفرخ آخر اسمه "الكآبة".
* زرت العراق خلال الحصار الذي فرضه المجتمع الدولي لمدة 13 عاماً مع وفد رسمي من غرفة صناعة عمان برئاسة خلدون أبو حسان آنذاك، والتقينا مسؤولين كباراً أهمهم طارق عزيز ووزير النفط عامر رشيد الذي كان ممتعضاً؛ بسبب تصريحات المسؤولين الأردنيين حول عدم استفادتهم من برنامج "النفط مقابل الغذاء".
* لا أدري لماذا غزا الراحل صدام حسين الكويت، وأجهل حتى اللحظة دوافع زيارة بغداد، لكنني أتذكر جيداً شتاء عمان القارس الذي لفح مئات الآلاف العائدين من هناك، وأذكر إعفاء المركبات والأثاث، وحتى سماء هذا البلد كانت تعج بدخان صوبات الكاز، ومعاهدتي السلام الشهيرتين "وادي عربة" بين الأردن و"إسرائيل" في 1994، واتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين في 1993.
* على خلفية تلك الحرب تشكلت جمعية أردنية باسم "متضررو حرب الخليج"، وبدأت حتى يومنا هذا تستوفي من أعضائها رسوم اشتراك بعد دفع بداية عضوية؛ بحجة أنها رفعت قضايا دولية على الكويت، وشيدت الجمعية مباني، وتملك شققاً سكنية ومحال تجارية، بعض المشتركين توفاهم الله وآخرين على سرير المرض، ومن تبقى ينتظر!
* واشنطن وعُصْبتها الدولية تفاجئ العالم باتفاق نووي تاريخي مع إيران التي ما تزال تسيطر على عراق اغتصب وترك مجروحا، كما اغتصبت الكويت، وما يزالان يعانيان من هاتيك النكبتين. يشاع أن مؤامرة دولية تحاك ضد الخليج ككل، وتحديدا ممن لهم مواقف خاصة، وأحياناً متناقضة ضد الوضعين في مصر وسوريا، وأنا ما زلت أعاني من مرضين قاهرين "البواسير" و"الكآبة".