وسقط الصنم الثاني




وسقط الصنم الثاني

 

أحمد الربابعة

 

    سقط الصنم الثاني ! والعامود الثالث من أعمدة الغرب في الشرق، ورمز آخر من رموز الليبرالية العربية المخزية، وتدحرجت الخرزة الثانية من فرط المسبحة العربية ! سقط حسني لا بارك الله فيه، بل مبارك للشعب المصري على نصره هذا .

    ومرة أخرى هي إرادة الشعوب التي لا تقهر، وليست دبابات ولا جيوش ولا أحزاب . ومرة أخرى الغرب المنافق الذي لا يراهن إلا على الحصان الرابح ! ومرة أخرى هو الهرم الرابع (محمد البوعزيزي)، المبجل، العظيم، رسول السياسة العربية، أمل الأمة، يطيح بأخر الفراعنة ويجعل منه مومياء نتنه .... نعم ها هو النيل ينبع من تونس هذه المرة ! ولكن أي نيل هذا ؟ نيل ربما لن يبقي ولن يذر من الأدران التي علقت بجسد الأمة العربية طيلة عقد من الزمن ! ... (وجتك نيلة) (ونيلة تنيلك) يا حسني لا بارك الله فيك .

    لا بارك الله فيك يا حسني يوم فتحت قناة السويس أمام الجيوش التي استعمرت العراق والأمة ! لا بارك الله فيك وفي سبعون مليارا نهبتها من قوت الجياع والحزانى ! لا بارك الله فيك وفي الغاز الذي تقدمة قربانا لدولة الكيان الصهيوني ! لا بارك الله فيك ولا في الاسمنت الذي بني فيه الجدار العازل ! لا بارك الله فيك بعد الموت الذي يلقاه المصريين كل عام بانهيار العمارات وغرق السفن وحوادث القطارات ! لا بارك الله فيك يوم حولت غزة إلى أكبر سجن جماعي في العالم ! لا بارك الله فيك يوم رميت بشعبك في الشتات ليلتقطوا لقمة عيشهم ! لا بارك الله فيك ولا في ثلاثين عاما من التيه في قانون الطوارئ ! لا بارك الله فيك وقد جعلت شيخ الأزهر أزعر !

ثمانية عشر يوما فقط يا حسني لا بارك الله فيك، وأنت تنازع سكرات السقوط . أقل من شهر فقط نازع فيها (شين العابدين) سكرات سقوطه . أما بالنسبة للشعوب العربية فقد أصبح شهرا وقتا طويلا لإسقاط أحد الخونة ! كيف لا يكون طويلا وقد أصبحت تحترف إسقاط الأنظمة الفاسدة ؟ وأصبحت تمتلك الخبرة في ذلك !... بدأت بشهر، ومن ثم ثمانية عشر يوما، ومن ثم قد لا نحتاج غير يوم واحد فقط لإسقاط خائن !

إليكم أيها المصريون والمصريات، إليك يا شباب مصر يا من صنعت النصر والتغيير، إليك أيها الفن المصري الذي مثلت أجمل مسلسلاتك في ثمانية عشرة حلقة ! رواية أعطى فكرتها (محمد البوعزيزي)، وكتبها شباب مصر، وأخرجها الجيش المصري، ومثلها كل المصريين بإتقان، وشاهدها كل العالم بترقب ومتعة، ليصفق لكم ويبكي ويضحك ويبتهج في نهاية الحلقة الأخيرة !

قم يا رمسيس ! قومي يا حتشبسوت ! قم يا خوفو ! قومي يا كيلوباترا ! أفق يا سيد قطب ! أفق يا طه حسين ! أنظر يا نيل ! أنظري أيتها الأهرام الثلاثة ! أنظر أيها السد العالي ! أنظري يا قناة السويس ! أنظري يا صحراء سيناء ! أبشر يا أزهر ! أبشري يا مكتبة الإسكندرية ومنارتها ! قوموا جميعا وشاهدوا ما صنعه أبناءكم ! ما صنعه وسيصنعه المصريون !

أما أنت يا حسني لا بارك الله فيك، فلتجلس بجانب جثة الفرعون الهامدة؛ لتكون عبرة جديدة من عبر الله في الحكام، فلتذهب إلى المتحف المصري ! هناك في طابق المومياء ! في غرفة التبريد كي لا تفوح رائحتك النتنة !

    أيتها الشعوب العربية .... أيتها الشعوب المقهورة .... أيتها الشعوب التي أذلت .... استبشري وبشري .... لا قهر ولا ذل بعد اليوم ! .... سيري في طريقك وفقك الله .... إنا ماضون في مسيرتنا لإسقاط جميع الأصنام ....أيتها الشعوب العربية .... السلام عليك يوم أسقطت زين العابدين بن علي .... السلام عليك يوم أسقطت محمد حسني مبارك .... والسلام عليك يوم تبعثين لإسقاط الصنم الثالث !