الأرقام الحقيقية للاقتصاد لها رأي آخر يا دولة الرئيس


في حديثه للتلفزيون الاردني ليلة الجمعة الموافق 29/11/2013 أكد رئيس الوزراء على أن عهده شهد تطورات "ايجابية" اقتصادية "غير مسبوقة" في تاريخ المملكة، لافتاً النظر إلى رقم الاحتياطيات من العملات الاجنبية الذي ارتفع إلى مستوى جعل الدينار الأردني في "أقوى حالاته" على الإطلاق على حد تعبيره.
ومن باب اظهار الحقائق الاقتصادية والتي غابت تماما عن لقاء الرئيس المتلفز، أرجو أن اضع بين يدي القارئ مجموعة الارقام التي تعكس أداء الحكومة خلال السنة الماضية، علما أن مصدر هذه الأرقام هو التقرير الشهري الرسمي للبنك المركزي الأردني والصادر في شهر تشرين أول من هذا العام، وقد راعيت قدر الأمكان تبسيط المعلومة لتصل بكل سهولة للقارئ وبدون أن يكون هذا التبسيط مخلا بمصداقية المعلومة أو دقتها.
أولاً: ارتفع رصيد الدين العام في نهاية ايلول من هذا العام بمقدار 1.84 مليار دينار مقارنة بما كان عليه في نهاية ايلول من العام الماضي ليصل الرصيد الكلي إلى 18.42 مليار دينار، أي ان النسور رفع الدين الأردني بحوالي 10% من قيمته المتراكمة تاريخياً وفي سنة واحدة فقط.
ثانيا: ارتفع المستوى العام للأسعار خلال 9 شهور من عام 2013 بنسبة 6.1% في حين كان الارتفاع لنفس الفترة من العام السابق 4.2% فقط.
ثالثا: ارتفع عجز الميزان التجاري بنسبة 8.3% بين ايلول من عام 2012 وايلول من عام 2013 ، وفيما يلي بعض أهم البنود التي أدت إلى زيادة عجز الميزان التجاري.
1- انخفاض صادرات الفوسفات بمقدار 83.6 مليون دينار (حوالي 30% من صادرات الفوسفات).
2- انخفاض صادرات الخضروات بمقدار 53.5 مليون دينار (حوالي 20% من صادرات الخضار).
3- انخفاض صادرات البوتاس بمقدار 36.7 مليون دينار (حوالي 10% من صادرات الفوسفات).
رابعا: انخفضت ايرادات الحكومة من الملكية الأردنية بمقدار 49.6 مليون دينار وذلك نتيجة تراجع أداء الملكية على صعيدي النقل والشحن.
خامسا: انخفضت القيمة السوقية للشركات المدرجة في بورصة عمان بمقدار 2.7 مليار دينار خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2013.
سادسا: ارتفع معدل البطالة خلال الربع الثالث من عام 2013 إلى 14% مقابل 13.1% لنفس الربع من العام الماضي.
سابعا: ارتفع عجز الموازنة (بدون احتساب المنح) من 896.5 مليون دينار خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2012 إلى 1017 مليون دينار خلال الشهور الثمانية الأولى من هذا العام، وبسبب ارتفاع المنح بحوالي 500 مليون دينار عن العام الماضي فقد بدا أن العجز أظهر انخفاضا في قيمته، ولكن لقياس أداء الحكومة في ادارة الموارد وكفاءة الاستخدامات يجب استبعاد قيمة المنح.
ثامنا: تراجعت مقبوضات السفر بنسبة 5.8% وذلك نتيجة تراجع مقبوضات السياحة العلاجية الواردة للملكة.
تاسعا: كمحصلة عامة لهذه التراجعات في معظم القطاعات فقد أظهر الناتج المحلي الاجمالي تباطؤً في نسبة نموه حيث سجل نسبة 2.8% خلال النصف الأول من هذا العام مقابل 2.9% خلال نفس الفترة من العام الحالي.
عاشرا: ارتفعت احتياطيات المملكة من العملة الأجنبية من 6866 مليون دولار في نهاية أيلول عام 2012 إلى 10789 مليون دولار في نهاية أيلول من هذا العام أي بمقدار حوالي 4 مليارات دولار وهذا مؤشر ايجابي بلا شك، ولكن بالنظر إلى الارقام أعلاه يتضح للقارئ الحصيف أن هذه الزيادة في الاحتياطيات أتت من مصدرين أساسيين وهما الديون والمنح الخارجية، وليس في هذا ما يدعو الحكومة للتفاخر أو التغني بالانجاز، ومن ناحية أخرى عندما يقول رئيس الحكومة أن الدينار في أقوى حالاته في تاريخ الاردن فيكفي أن نقول له أن رصيد الاحتياطيات كان عام 2010 عند حدود 12 مليار دولار وهذا يعني أن الدينار كان أكثر قوة مما هو عليه الآن اذا استخدمنا الاحتياطيات كمقياس وحيد كما يفعل دولة الرئيس.
وأخيرا فان هذه الأرقام المثبتة رسميا تظهر بوضوح أن هناك تراجعا مهما في الاقتصاد الاردني، وأن محاولة استخدام الارقام بطريقة تظهر أن هناك تحسنا في الاداء الاقتصادي لهي تضليل للمواطن يجب أن تتم المحاسبة عليه فضلا عن ضرورة المحاسبة عن هذا التراجع العام في غالبية المؤشرات التي تعكس الأداء الاقتصادي للحكومة.
د. عبد الرؤوف ربابعة
abdrf@yahoo.com