15 عاما دفاعا عن حرية الإعلام

نضال منصور

كان 30/11/1998 تاريخاًمهماً في حياتي، عدا أنه يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني،ففي ذلك اليوم أسسنامركز حمايةوحرية الصحفيينكمؤسسة مجتمعمدني مستقلة،واليوم يمضي 15 عاماً على تأسيسه دفاعاًعن حريةالإعلام.حرية الأوطان لا تنفصل عن حريات الإنسان،هذا ما آمنّا به، وما عملناعلى ترجمتهإلى ممارسةوأفعال.قبل 15 عاماً كان تأسيس أول مؤسسة مجتمعمدني عربيةمتخصصة في حرية الإعلاممغامرة وتحدياًليس سهلاً،فالإعلام في عالمنا العربيخط أحمرلا يجوزالعبث به، أو محاولاتتغييره، وهو حديقة خلفيةللحكومات وأجهزتهاالأمنية تعبثبه، وتمارسالوصاية عليه،وتمرر الرسائلالتي تريدمن خلاله.راهنوا على فشلنا، وعملواعلى إخفاقنابكل الوسائل،لم يروافي مشهدالتأسيس أن وجود مركزمستقل يدافععن الحرياتشهادة إيجابيةللوطن، بل نظروا بأنهامحاولة للتمردعلى الواقعالإعلامي، ومحاولةللتغيير لا يعرفون مآلاتها.عندما بدأناكان المشهدالإعلامي في الأردن بأسوأمراحله، فالحكومةأقرت آنذاكقانون المطبوعاتوالنشر المؤقتالذي أودىبعشرات الصحفالأسبوعية، وتسبببإغلاقها، هذا عدا عن عشرات القضاياالمقامة على الصحفيين بالمحاكممن الحكومةحتى أصبحرؤساء التحريرزوارا دائمينللمحاكم والسجون.من احتياجاتالإعلاميين الأساسيةبدأنا، ووجدناأن أكثرما يحتاجهالصحفي هو الحماية والتوعيةالقانونية لمواجهةمخاطر القوانين،ومثوله الدائمأمام المحاكم،فكان برنامجالحماية القانونيةاستشعاراً مبكراًبالقيود التيتفرضها التشريعات.التوعية للصحفيينلا تكفي،فهم مهماامتلكوا من معارف قانونيةلن يصبحوامحامين، فانطلقنافي تدريبمتخصص للمحاميينفي الدفاععن الصحفيين،وبعدها أسسناأول وحدةمساعدة قانونيةللإعلاميين قدمتخدمات الترافعأمام المحاكمعن مئاتالإعلاميين مجاناً.منذ البدايةأدركنا أن الدفاع عن حرية الإعلاميتطلب، في ذات الوقت،بناء إعلاممحترف ومهني،فساهمنا في إطلاق برنامجالاستثمار في المستقبل لبناءالقدرات المهنيةللإعلاميين العربفي ستة بلدان من بينها طبعاًالأردن، وقد أسهم البرنامج،ليس فقط في التدريبالمتخصص للصحفيين،بل في خلق جيل من الإعلاميينالذين أصبحوامدربين محترفين.مركز حمايةوحرية الصحفيين،كان الأردنحاضنته ومنهابدأ العمل،واليوم يعملبجد في فضاءات عربية،ففي مصر والمغرب أسسناوحدة للمساعدةالقانونية للإعلاميين،ونتوجه للتوسعفي تونسوليبيا، وبعد 12 عاماً على إصدارنا لتقريرحالة الحرياتالإعلامية في الأردن، الذييعتبر المرجعيةالأهم لمشكلاتوواقع الصحافةفي بلادنا،قررنا البدءبتأسيس شبكةالمدافعين عن حرية الإعلامفي العالمالعربي "سند"، والتي بدورهاأطلقت برنامج "عين" لرصدوتوثيق الانتهاكات،وكان من ثمارها أول تقرير إقليميعربي عن الانتهاكات الواقعةعلى الإعلامتحت عنوان "حرية تحت الهراوات".جهودالمركز الإقليميةوسمعته دفعتمعهد الصحافةالدولي، أقدموأعرق مؤسسةدولية، لطلبالشراكة مع مركز حمايةوحرية الصحفيينلاستضافة مؤتمرهمالعالمي الذيعقد تحت الرعاية الملكيةفي شهر أيار 2013، وهو أكبر تظاهرةتجمع الإعلاميينفي العالم.المشوار لم يتوقف، فحالحرية الإعلامبعد الثوراتوحركات الاحتجاجفي العالمالعربي ما يزال تحت الاستهداف، رغم هوامش الحرياتالتي تحققت،وأولويات حمايةالإعلاميين وسلامتهم،وتوفير العونالقانوني لهم،وملاحقة الذينينتهكون حقوقهمحتى لا يفلتوا من العقاب، وبناءقدراتهم المهنية،ما تزالقائمة، والحاجةملحة لها.تغيّر الإعلامفي 15 عاماً بعد ثورةالاتصالات واجتياحالإعلام الإلكترونيووسائل التواصلالاجتماعي، لكن ظل الصحفيونهدفاً لمنعوصول الحقيقةللناس.في عيدنا نحنيالهامات لكل الأحبة الذينكانوا عوناًلنا، فلولاهمما امتلكناعزيمة المضيفي طريقناالمشترك دفاعاًعن حريةالإعلام.