تفجير مسجد مراد آغا.. يستهدف تركيا وليبيا

المار في "تاجوراء"، الضاحية الشرقية للعاصمة الليبية طرابلس، لابد ان يلحظ المسجد الكبير الذي حمل اسم مراد اغا، تكريما لأول قائد ووالي عثماني على طرابلس خلال الفترة من 1551 إلى 1553 م، بعد تحرير طرابلس من فرسان القديس يوحنا (اسبانيا)، الذين عاثوا فسادا ، طيلة عقود، في الساحل الليبي، وكان من أهم أعماله بناء المسجد الكبير في تاجوراء الذي سمي باسمه ودفن بالقرب منه. 
المبنى الجليل الذي يضم المسجد والضريح يعد من روائع الفن والعمارة الاسلاميتين، بل هو أجمل مبنى في تاجوراء كلها. 
هذا المبنى الذي زاره رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وأمر بترميمه، ويتخذه مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني مكاناً لخطبة الجمعة والقاء دروسه، وكان على مر التاريخ منارة علم، يؤمه الليبيون ويحتفون به، جرى تفجير ضريح بانيه قبل أيام من قبل "مجموعة مجهولة- معلومة" كالعادة، كما تأثر المسجد نفسه من الانفجار. 
ويلحظ الليبيون والمراقبون ان الحملة على الاضرحة التي تشنها جماعات تتبنى فكراً دينيا متشدداً، لا تميز بين ضريح "ولي"، يزار وبين ضريح قائد تاريخي أو مسجد ومدرسة علم، واذا كانت حجتهم في تدمير بعض الاضرحة ان بعض بسطاء الليبيين يؤمونها طلباً لعون ساكنها، فما هي حجتهم في تدمير ضريح قائد تاريخي؟. 
وكان مثيرا ان التفجير الذي استهدف ضريح "سيدي عبد السلام الأسمر" في زليتن، قبل أزيد من عام، دمر الضريح والجامعة الاسلامية المقامة قربه، وعمرها خسمائة عام، وتضم عددا من نفائس الكتب، وهو الهجوم الذي اسفر عن مقتل عدد من الابرياء. 
وفي طرابلس ذاتها، بل في اهم موقع في العاصمة، قام "مجهولون" بتدمير ضريح "سيدي الشعاب" المطل على البحر، ويضم مسجداً يعد معلما حضارياً وجمالياً تحول بعد ساعات من الهدم الى ركام.. والغريب ان الذين دمروا الضريح عمدوا الى فعلتهم تلك في عز النهار، وتحت حراسة " الشرطة" التي منعت المحتجين على هدم الضريح من الاقتراب!. 
تفجير ضريح مراد اغا يستهدف فيما يستهدفه العلاقات التركية الليبية، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان الى المسارعة الى ادانة الحادث واستنكار ذلك "لاهالي تاجوراء ودولة تركيا الشقيقة". كما يستهدف حذف أية آية لجمال او فن أو حضارة حتى لو كانت اسلامية، من الصورة الاجمالية لليبيا، ليعم الخراب والظلام. 
ومن المهم التأكيد هنا ان اهالي تاجوراء براء من هذا الاعتداء، فهم يعتزون بالمسجد والضريح، وسبق ان نظموا دوريات لحماية ضريح اخر في مدينتهم هو ضريح سيدي الاندلسي بعد ورود تهديدات بتفجيره، وادراكهم عجز الشرطة عن حمايته او.. حمايتهم، وهو ما لمسته حين زرتهم قبل فترة. 
يبقى ان تنديد زيدان بمرتكبي هذا الحدث المشين، وتعهده بالقبض على المعتدين واحالتهم الى القضاء، صعب التحقيق في ظل الظروف التي تعيشها ليبيا، وفي ظل قوى امنية لا يعرف أحد مع من تقف ولمن تدين بالولاء.