فجر مستقبل جديد
بالأمس كانت ثورة محمد البوعزيزي ، وبعدها ثورة ميدان التحرير ، تلك هي شرارة الثورة والتي لا نعلم على من ستسقط الشرارة التالية ، وهل حقاً أن مؤتمر القمة العربي القادم سيكون مؤتمر للتعارف نتيجة تغير الوجوه.
كانت ثورة تونس عفوية رغم أهميتها فهي علقت الجرس على رقاب الأنظمة القمعية المستبدة، أما ثورة مصر فهي لم تكن صدفة بل كانت المشهد الثاني المنتظر، على الرغم انه لم يكن أحد يتوقع أن يسقط نظام حسني مبارك الذي حكم بلاده بالحديد والنار حاله حال الكثير من الأنظمة العربية ، ولكن كانت كلمة الشعوب هي الأقوى.
عندما يصل الأمر إلى يحرق الشخص نفسه فتلك حالة القهر لا يمكن وصفها بالكلمات، ولكن نستطيع أن نسأل لماذا حرق نفسه إنها من اجل لقمة العيش ومن أجل ادنى حدود الكرامة ، وهكذا شعب مصر الذي ثار لأسباب عديدة الكل يعرفها ولكن كان من أحد أقوى الأسباب هو تردي الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن الذي يرسخ تحت خط الفقر.
الأمر الذي يطرحه الجميع ويترقبه الناس ودون عجلة من هو التالي ، من هو الشعب القادم الذي سيرفض حاله، ويرفض تلك الأنظمة وما فرضته من واقع مرير لا يرضي الأحرار.
والأمر الأهم الذي يجب أن نتفكر به ، وهو أن النظام المصري السابق كان خير حليف للغرب وتحديداً لأمريكا وإسرائيل ، وهم أول من تخلوا عنه، فما أن سقط النظام بدأت التصريحات التي تقف مع الشعب وتدعمه ، في السابق وقبل الثورة كانوا مع النظام ضد الشعب ، وأثناء الثورة كانوا لا مع النظام ولا مع الشعب أي اللعب على الحبلين ، وبعد سقوط النظام أصبحوا مع الشعب ضد النظام.
وهذا دلالة واضحة من خلال تلك المواقف أنهم لا يفعلون شيء إلا ما تقتضيه مصلحتهم ومصالح بلادهم بالدرجة الأولى والأخيرة ، فعندما ترفض الأنظمة والقيادات إملاءاتهم ، يقومون بتحريك الشعوب ضدهم معتمدين على ما رسخه ذلك النظام من استبداد سابق ، أي توريط تلك الأنظمة بدائرة ودوامة التخلص منها صعب ، ولكنه ليس بمستحيل إذا أرادوا.
أما عندما تثور تلك الشعوب من تلقاء أنفسها فإنهم سرعان ما يلعبوا دور الطيب الذي يدعم مصلحة ومطالب الشعب، وتبدأ معها الطرق الأخرى في المحاولة في إيقاع الأنظمة الجديدة في شباكها وغالباً ما تنجح في ذلك.
فما هو الحل إذاً ، كنا بالسابق نتحدث عن وحدة عربية ، ولكن سرعان ما هذا المفهوم أصبح شيء من السخرية وشيء من الخيال ، ولكن هل المطلوب وحدة وطنية أو وحدة عروبة ، فالغرب عمد على إبقاء النزاعات بيننا قائمة ،وبقينا على حالة الأوس والخزرج ،التي كانت بينهم نزاعات وثارات في الجاهلية إلى أن وحدهم نور الإسلام (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُم).
فليس بالضرورة هنا توحيد الصف العربي ، مع إنه مطلب هام كما فعلت أوروبا بوحدتها لتشكل قوة كبيرة وميزان عالمي هام مع بقاء كل دولة لها سيادتها وقوتها ، فإن كان من الصعب أن نعمل اتحاد عربي واحد لكن على أقل تقدير أن تكون هنالك للدول العربية سيادة مستقلة تمتلكها هي لا مفروضة عليها من قبل الغرب ، تلك السيادة بدأت في تونس وتلتها في الركب مصر ، ونتمنى أن تحذو بهم الدول العربية ( ولكن ليس هنا المقصود أو المطلوب عربة البوعزيزي أو ميدان التحرير) بل أن تعمل قيادات وأنظمة مراجعات لسياساتها مع شعوبها ومصلحتهم وبالتالي مصلحة الوطن ، بعمل دراسة شاملة وإصلاحات حقيقية تتوحد بها القيادة بالشعب من اجل النهوض ببلدانهم ، فليس الشعب المصري وحده يحب بلده وسعى للتغيير فيه والنهوض به ، يجب أن ننفض ثوب التبعية الذي فرضه علينا الغرب على مدار عقود طويلة ، فأصبحنا الأضعف بين شعوب الأرض ، بل وأصبحنا الفئة المنبوذة في العالم تحت اسم الإرهاب العربي الإسلامي.
خالد جبر الزبيدي
12/2/2011