محكمة أمن الدولة بحلة مدنية

منذ فترة قصيرة بدأت البيانات الواردة من محكمة أمن الدولة تحمل صيغة جديدة، «عقدت محكمة أمن الدولة بهيئتها المدنية».
يبدو أن المحكمة بدأت تنفذ التعديل الدستوري قبل إقرار القانون الذي حث الملك الحكومة على الإسراع في إنجازه.
التعديلات الدستورية حظرت محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، باستثناء جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة.
خاض الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان وسياسيون نضالا طويلا لإلغاء محكمة أمن الدولة، وكانت حجتهم أنها محكمة غير دستورية.
جاء الربيع العربي، وكان في أوْجِه، فاعتقد هؤلاء أن الفرصة سانحة للقضاء على المحكمة التي اعتبروها سيفا مسلطا على رقاب المعارضين، وأداة لقمع حرية التعبير. لكن التعديلات الدستورية التي أرادتها الدولة قمة الإصلاح المنسجم مع تحركات الربيع العربي، كانت بمثابة كوب ماء بارد سكب على وجوه الداعين لإلغاء المحكمة.
أصبحت محكمة أمن الدولة محكمة دستورية بنص الدستور، الذي أجاز محاكمة أي شخص مدني بجرائم الخيانة والتجسس والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة أمام قاض غير مدني. الناشطون يردون: وهل تعجز الحكومة عن تلفيق أي من تلك التهم لمن تريد؟
العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان تشترط أن يمثل أي متهم أمام قاضيه الطبيعي، والمقصود أمام المحكمة النظامية التي تُنشِئُها وتشرف عليها السلطة القضائية، التي من المفترض أن تكون سيدة نفسها ومنفصلة تماما عن السلطة التنفيذية، وهذه المحكمة يجب أن يتوافر فيها كل ضمانات النزاهة والحيدة وتأثير الأجهزة الحكومية، كما توفر كل ضمانات الدفاع عن المتهم.
محكمة أمن الدولة بحلتها المدنية والعسكرية محكمة خاصة لها قانونها الخاص، ولا سلطان للسلطة القضائية عليها.
باختصار: القضاة مدنيون صحيح، لكن المحكمة محكمة أمن الدولة، فأهلا بمحكمة أمن الدولة بحلتها المدنية!.