الضريبة عندما تلاحق الموتى...!

أخبار البلد - خالد الزبيدي

 

هذا العنوان قد يبدو للوهلة الاولى نوعا من التندر ولفت الانتباه، الا انه حقيقي... بعد ان انتقلت المرحومة (ح) الى المولى عز وجل في الولايات المتحدة الامريكية بعد مرحلة من المعاناة والعلاج، تم دفنها في الغربة، ثم قام احد الابناء بمعاملة تسجيل الوفاة كما المعتاد في عمان، وطبعا هناك رسوم معروفة، وهذه الرسوم شكل من اشكال الايرادات العامة، الا ان الموظف المعني طلب من المراجع مبلغ 50 دينارا بدل غرامة تأخير لعدم تدوين الوفاة في حينه بغض النظر عن مكان الوفاة حتى لو كانت بعيدة عن الوطن ...اكثر من 13 الف كيلومتر، هذه الحالة تكشف اننا مطالبون بدفع الضريبة والغرامة احياء او موتى.
حالات مماثلة تظهر التمادي المالي على حقوق المواطنين، اذا لم يقم مالك مركبة بتجديد ترخيص مركبته يدفع بدل الترخيص للشهور الماضية حتى لو كانت المركبة غير مستخدمة، ويضاف الى ذلك غرامة تأخير مرهقة، اما مدخلات الانتاج للصحف على سبيل المثال من ورق الصحف والاحبار والافلام يتم استيفاء رسوم وتعرفة جمركية، وضريبة مبيعات عالية وضريبة على الدخل بنسبة 24%، علما بان الصحف العربية والاجنبية تدخل السوق الاردنية بدون رسوم جمارك، اضافة الى ما تقدم هناك اشكال عديدة من نفس الاسلوب الجمركي والضريبي، وهذا يقودنا الى استنتاج يقترب من اليقين بأننا نواجه سياسات بعيدة عن الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للضرائب في المجتمعات والدول العصرية.
ونحن نستعد لتوديع المأسوف عليه 2013، ونتخوف من استقبال العام الجديد وسط تهديدات مستمرة برفع الاسعار وزيادات الاعباء على الاقتصاد الوطني والمجتمع الاردني، والاصعب من ذلك ان مؤشراتنا الرئيسية على تراجع، والسؤال الذي يبحث عن جواب منصف ولم يقدم عليه جواب منذ سنوات...وهو ما المطلوب من الاردنيين حتى نوقف هذا الانهيار ونحن مقبلون على 30 مليار دولار ديون ؟.
ومع كل ما تقدم نقول ان امورنا تسير في الاتجاه الصحيح وان بيئة الاستثمار جاذبة امام المستثمرين، وهذه الاقوال هي تجني على الحقائق والتطورات التي تصدمنا يوما بعد يوم، وهناك محاولات لاقناعنا اننا لسنا بمعزل عما يجري في العالم من حولنا، وان جميع الدول مدينة وتقترض بنهم من امريكا في اقصى الغرب الى اليابان في اقصى الشرق ...فلماذا تخشون الاقتراض الى غير ذلك من المبررات الضعيفة وغير المقنعة حتى لمن يسوقها.
اقتصاديا ...الضرائب هي كابح قوي للتنمية، وطارد للاستثمارات، وفي لحظة معينة بعد تراكمات كمية من الضرائب سنجد ليس فقط المستثمر الاجنبي لن يتجه للاستثمار في البلاد، وانما سنجد المستثمر المحلي سيخرج بامواله الى الاسواق القريبة والبعيدة بحثا عن بيئة صديقة مشجعة للاستثمارات وهذا ما تم تسجيله خلال السنوات الماضية... مرة اخرى للضرائب والجمارك والرسوم حدود يجب الوقوف عندها قبل فوات الاوان.