حتى حيادنا فيه خطورة
بعد تفجيرات السفارة الايرانية في بيروت، وتوحد الفصائل الجهادية في سوريا، وتململ «إسرائيل» والسعودية من صفقة «طهران– واشنطن» المحتملة، يبدو الإقليم قد دخل مرحلة جديدة.
ايران ستكون اقوى، وعصاها ستطال الكثيرين إن هي نجحت في إبقاء نظام بشار الاسد في الحكم، وهذا ما تدركه المملكة العربية السعودية، وقد بدأ التفكير هناك بتفويته على طهران.
قادم الايام سيكون مختلفاً عما كان؛ فلُغة المشهد الميداني وتقلباته ستكون الحاكم على نفوذ جهة او تراجع اخرى، ومن هنا نستطيع فهم ما جرى من تفجيرات في بيروت وبغداد في الايام الماضية.
هناك من يؤكد ان السعودية سترمي بثقلها في دعم الثورة عسكريا؛ لمواجهة انتصارات «استعادة المبادرة» التي حققها الاسد في الآونة الاخيرة.
ولعل هذا السلوك السعودي المحتمل يبدو منطقياً ومتناغماً مع مخاوفها من مآلات الصفقة المحتملة والمؤكدة بين أمريكا وإيران.
تدفق السلاح بدعم سعودي الى سوريا، وكذلك ربما تأمين مقاتلين وتدريبهم للنزول الى المعركة، وإعادة ترتيب موازين القوى فيها، هو الخيار السعودي الأوحد لتخرج من المأزق الذي تعيشه، والذي صنعت جزءاً منه؛ بسبب موقفها من حكم مرسي.
يأتي السؤال هنا عن موقفنا الاردني من كل ذلك، وكيف سيتم تعاطينا معه في المرحلة القادمة، وهل ستنجح سياسة الحياد في المرور الآمن من كل هذه العقبات والتحديات.
للأمانة، لا يمكن لنا أن نبقى محايدين بالمعنى السابق، قد نستطيع الحفاظ على توازن من نوع ما، لكننا في النهاية يجب أن نقرر مصالحنا الحيوية المرحلية، وأن نقرر لها الوسائل المناسبة.
لذلك أنا أميل هنا الى اعتبار الانتصار الايراني في سوريا خطراً عظيماً يفوق أي تهديد منتشر هنا أو هناك، حتمياً كان أم مؤجلاً.
وعليه؛ يجب أن نتصرف وأن ننظر للتقييم السعودي بجدية هنا ومقاربة إيجابية، أما خطر «القاعدة» فتضخيمه مقصود من البعض في الداخل الاردني، وهو أمر يجب تأجيله مع رقابة حثيثة عليه؛ لأن إيران إن فازت في الشام، سنكون في موقف لا نحسد عليه.
نعم هناك داع كبير لأن نراجع سياسة الحياد، وأنا لا أدعو للخروج منها بشكل جذري، لكن أرى ضرورة لتقويمها، والعمل على فهم تطورات ما يجري.