الملك عندما يحتضن النشامى بفخر واعتزاز
أخبار البلد
طوى المنتخب الوطني لكرة القدم آخر صفحات مشاركته التاريخية المشرفة في كأس العالم على نتيجة أقل ما يقال عنها أنها جاءت لتدشن مرحلة جديدة من مسيرة اللعبة المظفرة، رغم عدم تحقيق الحلم الذي كانت تطمح إليه الجماهير الاردنية والعربية في آن معاً ألا وهو بلوغ المونديال للمرة الاولى في التاريخ.
استقبال تاريخي
وكان لاستقبال جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو الامير هاشم بن عبدالله لوفد المنتخب الوطني مساء امس الاول الاثر الكبير على اعضاء الوفد الذين ارتسمت على محياهم ابتسامات الفرح العامرة لرؤية قائد البلاد بعد هذه الرحلة التاريخية المنهكة.
كلمات قائد الوطن التي اشاد بها بمنتخب النشامى ستبقى محفورة في افئدة اللاعبين والجهاز الفني كونها عكست مشاعر الفخر والاعتزاز الكبيرة التي كانت بادية على محياه في مطار عمان المدني لحظة استقباله الوفد ومصافحته لسمو الامير علي بن الحسين رئيس الاتحاد والجهازين الفني والاداري ونجوم المنتخب الوطني.
جلالته قال : (أنا حضرت المباراة، وهذا شيء برفع الرأس بغض النظر عن النتيجة، وبدي منكم تكونوا مرتاحين، وأنا فخور بالنتيجة، ورفعتوا رؤوس الأردنيين والعرب بدي معنوياتكم تكون دائما عالية جدا وهذا أهم شيء، وحبيت أكون في المطار وأشكركم، والجماهير في انتظاركم، وكل الدعم لكم مني، وبدي أشكر أخوي الأمير علي، والله يعطيكم العافية، وسنظل على اتصال معكم... مباراتكم مع الاوروغواي بترفع الرأس).
ولم يكتف جلالته باستقبال وفد النشامى في مطار عمان المدني إذ كان قبل ذلك ينشر عدة تغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تلقفتها الجماهير الاردنية بلهفة وفرح لتنصهر افراح القائد مع افراح الشعب بهذا الانجاز التاريخي وغير المسبوق.
فرحة ومنجز
لن نخوض في مسألة لماذا خسرنا موقعة الذهاب امام الاوروجواي على ارضنا بخمسة اهداف نظيفة، وكيف انتفضنا لنتعادل في موقعة الاياب بمونتيفيديو امام زهاء سبعين الف متفرج، كون المشاعر ما زالت متضاربة، ففي قلوب الاردنيين جميعاً الآن غصة خسارة الذهاب وفرحة التعادل المشرف امام العملاق اللاتيني الذي لعب لغاية الفوز دون غيرها، لكن النشامى كانوا على الموعد محبطين مساعيه هذه على اكمل وجه.
قلنا أن هذه المباراة جاءت لتعلن بدء مرحلة جديدة كونها اكدت أن القدرات الكروية الاردنية ما زالت تكتنز بالكثير، فجميع المراقبين في شتى انحاء العالم كانوا يجزمون بأن النشامى لا يملكون القدرة على تحقيق النتيجة الايجابية امام الاوروجواي للفوارق الفنية والتاريخية التي تفصل ما بين المنتخبين، فيما زادت هذه الرؤية بعد خسارة مباراة الذهاب والتي شرحنا اسبابها في مقالة سابقة، لكن مباراة الاياب جاءت لتنسف جميع الآراء السالفة لعدة اسباب يتقدمها الحالة المعنوية التي خاض بها المنتخب الوطني المباراة والعائدة الى مواكبة سمو الامير علي بن الحسين رئيس الاتحاد للتحضيرات التي الاخيرة التي سبقت المباراة في مونتيفيدو الى جانب استيعاب المدير الفني حسام حسن ضرورة التعاطي بطريقة دفاعية محكمة مع كوكبة النجوم التي تزدحم بها صفوف الاوروجواي، ومن هنا كان الاداء التاريخي امام اغلى نجوم العالم الذين اطلقوا افراحاً منقوصة ببلوغ المونديال كونهم لم ينجحوا في تحقيق الفوز امام جماهيرهم.
عهد جديد
نجزم أن التعادل أمام الاوروجواي دشن عهداً جديداً لكرة القدم الاردنية التي خطت منذ تبوأ سمو الامير علي بن الحسين منصب رئيس الاتحاد خطوات واثقة متأنية بفضل حنكته الفريدة وبعد نظره الذي يهدف بالدرجة الاولى الى الوصول بلعبة كرة القدم الى العالمية، إذ شعرنا ونحن نشاهد مباراة الاياب امام الاوروجواي أننا بدأننا نتلمس طريقاً مختلفاً مغايراً عما اعتدنا عليه في العقود الماضية وهي الرسالة التي يفترض بمنظومة كرة القدم الاردنية أن تعيها وأن تعمل بشكل جاد على تطويرها للحفاظ على المكتسبات التي تحققت في الآونة الاخيرة.
وبدد التعادل امام الاوروجواي على ملعب القرن بمونتيفيدو رهبة المواجهات الخارجية التي يخوضها المنتخب، فالجميع يعلم أن النشامى اهدر نقاطاً خارج ارضه بالدور الحاسم لو غنم نصفها لنجح في بلوغ المونديال دون خوض الملحق الآسيوي امام اوزبكستان ومن ثم الملحق العالمي امام الاوروجواي، وهو منجز مهم يجب تعزيزه في المستقبل لاثره البالغ خاصة في التصفيات القارية والاقليمية المختلفة، إذ من شأن تجاوز رهبة المواجهات خارج الديار زيادة الوقع التنافسي نحو آفاق اكثر رحابة.
الدعم المنشود
انجاز النشامى الذي تحقق بعد مشوار حافل بالصعوبات والكد والتعب على مدار اكثر من عامين يفرض عليها العودة لمناقشة مسألة الدعم الحكومي للعبة كرة القدم الاردنية التي نجحت في تحقيق ما عجزت عنه دول تملك اقتصاديات مزدهرة وضخمة، للرياضة فيها نصيب كبير لكنها لم تستطع أن تقطع الخطوات الكبيرة التي قطعتها كرة القدم الاردنية في الآونة الاخيرة.
متطلبات الدعم الحكومي ليست اعجازية امام اعجاز النشامى، البنية التحتية للعبة كرة القدم في بلدنا متهالكة ولا تلبي ولو هامشاً صغيراً من احتياجات الشباب الاردني المتعطش لمزاولة اللعبة بشكل احترافي مريح، فلماذا هذا التقصير الكبير؟، نأمل أن تثير انجازات النشامى الاخيرة حماسة الحكومة في المستقبل، إذ يكفي النظر إلى توحد كافة ابناء الوطن خلف المنتخب في مسيرته بالتصفيات لمعرفة الدور الكبير للرياضة في رفعة الوطن، ويكفي رصد المتابعة الكبيرة لجماهير كرة القدم في العالم اجمع لمباراة النشامى الاخيرة امام الاوروجواي وكم من مرة تم وضع كلمة الاردن بمختلف لغات العالم عبر محركات البحث على الشبكة العنكبوتية بعد بلوغ الملحق العالمي، ألا يكفي هذا الامر لمعرفة الاثر الكبير الذي حققه المنتخب الوطني ؟.
نظرة مستقبلية
يخلد المنتخب الوطني الى الراحة بعضاً من الوقت ليعاود الظهور مجدداً في استحقاق بطولة غرب آسيا المنتظر أن تستضيفها الدوحة اواخر الشهر المقبل، وهو الاستحقاق الذي إن استعصى على النشامى في جميع مشاركاته السالفة إلا أننا نجزم بقدرته على التربع على عرش هذه البطولة نظراً للمرحلة المتطورة التي وصلها على الصعيد الفني والمعنوي، في حين أنه على صعيد تصفيات كأس آسيا بات بحاجة الى ثلاث نقاط فقط لبلوغ النهائيات المقررة في استراليا عام (2015) وهي نقاط نجزم أنها لن تكون صعبة المنال على النشامى خاصة وان ثلاث مواجهات فقط تبقت امامه للظهور في هذا الاستحقاق للمرة الثالثة في تاريخه.
أخيراً وليس آخراً بات سقف التطلعات الاردنية عصي على الرؤية، ونحن هنا نؤكد مجدداً قدرة المنتخب الوطني على الاعجاز وليس الانجاز الذي طوينا صفحته منذ زمن بعيد.