الطلاق فكاهة أم استطراد ...!!!

الطلاق ، اسم مخيف ، ولفظ مرعب ، ربما يراه البعض كلمة ، لكنه في الحقيقة أكبر بكثير ، الطلاق يفوق حجم الأدراك ، ويبدو في البداية حل لكل الاشكالات ، وربما تصحيح للمسار ، ويستخدمه البعض للتهديد والوعيد والتخويف ، والبعض الآخر يلفظه في السراء والضراء وحتى في أوقات الجماع ، بتنا نعيش في عالم النسيان ، وأصبحنا نشاهد ما لا يرى ولا يطاق ، حدثني أبي نقلا عن جدي عن قصص الماضي ، أن هناك اختلافا جوهريا بين الحاضر والماضي ، من حيث الأشكال والرسومات ، والجوهر والمظهر ، والبساطة والخباثة ، من حيث الحب والاحترام واكرام الضيف ، والزيف والاحتيال وعدم استقبال الضيف ، ربما حدثت تغيرات جذريه ، لكن هذا لا يعني ضياع الهوية ونسيان القضية ، استغرب وأقف حائرا ثم استطرد في الحديث مع نفسي ، عما يجري ويدور في البيوت من أمور ، قصص يشيب لها الولدان ، وحكايات لا يعلمها إلا الله ، ربما لا ندري لكنها منتشرة في المجتمع ، وربما حذر منها رسولنا الأكرم قبل قرن ونيف ، واعتبر أن المزح فيها جد ، فقال عليه السلام ، ثلاثة هزلهن جد ، وجدهن جد ، وذكر منهن الطلاق ، لم أكتب يا سادة عن الطلاق عبثا ، ولم أطلع على احصاءات الطلاق في المحاكم الشرعية سواء قبل الدخول أو بعده ، رغم علمي أن نسبة الطلاق قبل الدخول تفوق الخيال مقارنة مع حجم السكان ، ليس إلا ... ذات يوم حدثني صديقي عن قصته مستطردا فقال لي : زوجتي لا تنام بجواري منذ شهور لا لشيء ، وإنما لعدم رغبتها في المنام ، ثم استطرد قائلا : لقد اتفقنا على الطلاق منذ زمن بعيد ، وفي يوم الحسم يتدخل الأخيار من قومي وتنتهي القصة ، فسألته متهكما ، هل لدى زوجتك الرغبة للمسير معك ؟ فأجاب بخنوع لا أعلم ، لكن ما أعلمه أنه لا تفاهم بيننا ، لكن خوفي على أطفالي يجعلني أسايرها كما تشاء ، فاندهشت ...!!! ثم خرجت من بيتنا حيث عملي ، فاذا برجل شاب وسيم مفتول العضلات ، يصرخ على زوجته قائلا لها : علي الطلاق منك اذا ما حملتي الولد لاطلقك ، وفي اليوم التالي سمعته يقول لها أنتِ طالق يا سميحه ، وفي الثالث رأيته يسير معها مبتسما واضعا يده على كتفها ، وفي الرابع رأيته يقول لها الطلاق هو الأفضل لنا ، اذهب فأنتِ طالقة طالقة طالقه ، وفي اليوم الخامس رأيته ذاهب معها الى محل الحلويات برفقة أطفاله ليأكلوا حلويات ، لا أدري هل بقيت زوجته أم بحكم الشرع انتهت علاقتهما بكل المواصفات والمعايير ، وذاك جارنا أبو سند أسمع صوته في الصباح في حديقة المنزل ينادي على أم سند أنت طالقه يا أم سند ، ويكون السبب أنها زادت على كأسة الشاي ملعقة سكر ، ثم في المساء يتناولون طعام العشاء سويا ، وكأن شيئا لم يكن ، وبعد يومين يحلف بالله لها أنها طالقه ولن تعود إليه ، وتستمر الحياة ، فيعيشون مع بعضهم ثمانين عاما ، ولم يمض يوما خلال الثمانين عاما الا وسمعت طلاقها في اليوم ألف ألف مرة ، وينجب منها دلال وخالد ووليد ومنى وزيد وجاد الله وغيرهم قبل الطلاق وبعده ، وما أدري ما حكم الشرع من هؤلاء الأولاد ...؟ وزميلي في العمل يحدثني أن زوجته تخشاه وتخاف منه ، سألته لم ذلك ، أجاب يا صديقي لم يمض يوما إلا وهددتها بالطلاق ، وحلفت عليها أيمان مغلظة أنها طالقة ولن تعود ، فسألته هل طلقتها ، أجاب لا ... أحبها لكن أريد أن أخيفها بالطلاق ، فقلت له متهكما ألا تعلم أن الطلاق إذا تفوهت به وقع ، أجاب أنا أمزح معها يا زميلي ، ولديه من الأبناء شمعه وضياء وهند ورستم وغيرهم ولا أدري ما موقعهم من الاعراب ...؟؟؟ وقس على ذلك ، والحبل على الجرار ، لطالما سمعنا أن هناك نار تشتعل ، وهرعنا الى خراطيم المياه لإطفائها دون معرفة أسباب الحريق ، ولطالما سمعنا جدي يقول " يا صقا الله على أيامنا كنا نحترم معلمنا وجارنا ، وحتى مارق الطريق ، مو مثل جيل اليوم لا يحترم معلم ولا جار ولا حتى والديه " هل بحثنا عن الأسباب لماذا تغير جيل اليوم عن جيل الماضي ؟ لربما يكون التغير سببه الطلاق ، وتستمر الحياه ... أولاد حرام ، جيل حرام ، قتات على الحرام ، ورضع من الحرام ، فكيف لجيل جله حرام سينتصر يوما ؟ وكيف سيحترم الصغير الكبير ، والتلميذ المعلم في زمن الانحدار ...؟ هل فكرنا بوضوح أن هناك أعشاش تسكنها الطيور لكنها خالية من المضمون ...؟ وأن هناك بيوتا يسكنها أطفال ، لكنها خالية من الآداب والأخلاق ، وأن هناك أزواجا يأكلون ويشربون وينجبون أطفالا لكنهم في الحقيقة منفصلين ...!!!
ملاحظة : الأسماء التي وردت في المقال وهمية ولا علاقة لها بالواقع ، وأي تشابه بينها وبين الواقع هو بمحض الصدفة لا أكثر
بقلم : محمود العايد
الثلاثاء / 19/ 11/ 2013