تغيير الحكومات.. نعمة أم نقمة؟
بعد حكومات زيد الرفاعي ومضر بدران أصبحت الحكومات الأردنية تتغير بسرعة، ويتداول على الدوار الرابع رئيس بعد آخر. وباستثناء عبد الكريم الكباريتي وعبد الرؤوف الروابدة، كان معظم الرؤساء من العيار الخفيف.
كثيرون اعتبروا سرعة تغيير الحكومات نقطة ضعف تحول دون استقرار السياسات المطبقة لتحقيق الأهداف. ولكن العكس قد يكون صحيحأً، ذلك أن الاستقرار السياسي مضمون من كـون تغيير الحكومات ليس أكثر من تعديلات وزارية، لا ينشأ عنها انقلابات ومفاجآت في السياسات العامة المطبقة.
الأصل أن الوزير الجديد يأتي وفي ذهنه مشروع، والمفروض أنه صاحب رأي وخبرة، ولديه أفكار وحلول، في حين أن الوزير السابق يكون قد استنفد أغراضه، وانتهت صلاحيته، وأصبح يتعايش مع المشكلات والعيوب ويعتبرها أموراً طبيعية أو قدراً محتومأً وبالتالي يصعب عليه تغير الأوضاع المستقرة التي ربما يكون قد أسهم في صنع بعضها، مما يدفعه لتبريرها والدفاع عنها في جميع الحالات.
التغيير المطلوب لا يمكن أن يقوم به من كان جزءاً من الواقع المطلوب تغييره، لأن ذلك سيكون بمثابة اعتراف بالخطأ، أما الوزير الجديد فالواقع الذي يجده أمامه ليس غالياً عليه ويجد نفسه على استعداد بل رغبة في تغييره إذا توفر لديه البديل الأفضل.
ليس غريباً والحالة هذه أن تعالج الحكومات المتعاقبة القضايا الأساسية بقوانين متغيرة، فنحن نشهد قانونأً للمطبوعات بعد آخر، وقانونأً لضريبة الدخل بعد آخر، وكذلك القوانين المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر، وبين المتقاعد ومؤسسة الضمان الاجتماعي وهي قوانين تتغير بتغير الحكومات.
إلغاء عدد من المؤسسات الفائضة عن الحاجة مثلاً ما كان ليقوم به رئيس وزراء سابق تعايش مع هذه المؤسسات وربما أسس واحدة أو أكثر منها، ويعز عليه أن يشطب إحداها حتى لو انتهى مفعولها منذ زمن طويل.
يبقى أن الرأي العام الأردني ملول، يتعب بسرعة من اية حكومة تعيش أكثر من سنة، وتشاركه الملل والتذمر الطبقة السياسية، وإن لسبب مختلف هو انتظار دورها في دولاب الحكومات!.
مع ذلك فإننا مقبلون الآن على تجربة جديدة. وما لم تحدث مفاجأة فإن حكومة الدكتور عبد الله النسور مرشحة للبقاء عدة سنوات هي عمر البرلمان الحالي، ولذلك فلا أقل من إجراء تعديلات كبيرة في المناصب الوزارية من وقت آخر، وهو ما لم يقصّـر الرئيس في إجرائه.