عقدة تمويل قطاع النقل الجوي
تستحوذ الحكومة على القسم الأكبر من تمويل البنوك والمصارف المرخصة بمبلغ يزيد عن 12.37 مليار دينار حتى نهاية شهر ايلول / سبتمبر الماضي حسب ارقام وزارة المالية، إذ ارتفع الدين الداخلي بنسبة 11.11% اي بمبلغ 1842.3 مليون دينار، وبصورة ادق فأن اكبر عميل يقترض من البنوك هو الحكومة، وهو عميل ممتاز الدفع، وفي نفس الوقت يحصل على القروض باصدار ادوات الدين العام التي تصدر عن البنك المركزي، وشهية الحكومات للاقتراض انفتحت بصورة مسبوقة، ورفعت الدين العام ( الداخلي والخارجي) الى مستوى 26 مليار دولار، ويشكل الدين الداخلي بالدينار نحو 65% من اجمالي الدين العام.
هذه السياسة المالية ادت الى اختلالات كبيرة في سوق التسهيلات والاقراض المحلي، وعقدت قدرة القطاع الخاص بخاصة الاستثمارات والشركات المولدة للدخل وتوفر فرص عمل كبيرة، في مقدمتها شركات النقل الجوي وهي رائدة شركات السياحة والسفر المحلي، وقامت بنوك محددة بالاعلان عن تخفيضات على اسعار القروض والتسهيلات، الا ان برامج التمويل التي افصح عنها ركزت على خدمات التجزئة من قروض الافراد للاغراض الشخصية لتملك المركبات والشقق.
ان تحسين دورة الاقتصاد يرتبط مع تقديم التسهيلات والتمويلات للشركات الاستثمارية لكافة انشطة القطاع الخاص، وفي هذا السياق فأن شركات النقل الجوي الوطنية وهي الخطوط الملكية الاردنية، والاردنية للطيران، والصقر الملكي، التي تتجاوز ايراداتها التشغيلية المليار دينار سنويا تعاني الامرين في الحصول على تمويل مصرفي لغايات شراء وقود الطائرات على سبيل المثال، لذلك نجدها تدفع اثمانا للوقود بشكل فوري بما يرفع تكاليف التشغيل، والسبب المباشر في عزوف البنوك عن تمويل شركات النقل الجوي الوطنية ذلك ان البنوك لديها زبون دائم هو الحكومة يدفع دون حساب.
ايرادات السياحة تناهز ثلاثة مليارات دينار سنويا، وبقيمة مضافة مجزية، ومع ذلك نجد البنوك المرخصة تصنف شركات النقل الجوي الوطنية ومشاريع السياحة بأنها من الشركات المصنفة بالمخاطرة في حال تقديم التمويل لها، وهذا التصنيف يحتاج للمراجعة علما بان هذه الشركات لها تاريخ مشرف من العمل والانتاجية وترفع العلم الاردني في كافة المناطق التي تصلها، ولديها موجودات من الطائرات وقطع الغيار والمباني والمرافق المتعددة، وتقدر هذه الموجودات والحقوق بمئآت الملايين من الدنانير.
هناك حاجة ماسة لاعادة النظر في استمرار الحكومات من الاقتراض من السوق المحلية والعمل على تخفيض سقف هذا الدين المرهق، وزيادة الضبطية للسياسة النقدية لحث القطاع المصرفي العودة الى سوق الاقراض والتسهيلات بتوازن بما يوفر احتياجات شركات القطاع لاسيما الشركات التي توفر المزيد من فرص العمل وتعزز ايرادات المالية العامة...عندها سنجد تسارع دوران عجلة الاقتصاد الاردني.