ضريبة الدخل.. رمز المواطنة

وزير خارجية أميركي سابق (شولتز) رد على النواب الذين تهجموا عليه بالقول: لا يجوز أن تجرّحوني لمجرد أني وزير فأنا دافع ضرائب أيضاً!.

المعنى أن دفع الضريبة يعطي المكلف حقوقاً تزيد عن حقوق الوزير، فهي رمز المواطنة، وتعطي المواطن الحق في تأييد ومعارضة القـرارات والسياسات، لأنه شريك في هذا الوطن وممول له وليس عالة عليه.
لا ضريبة بدون تمثيل، ولكن لا تمثيل بدون ضريبة. أي أنه ليس من حق من لا يسهم بتمويل الدولة عن طريق دفع الضريبة المستحقة أن ينتخب أو ُينتخب، وبالأحرى ليس من حقه أن يعارض.
ليس غريباً والحالة هذه أن بعض الدول العربية الغنية تعفي مواطنيها من ضريبة الدخل إعفاءً كاملاً، ليس لأسباب مالية أو اجتماعية، بل لكي لا يكون لهم حق المعارضة ورفع الصوت، فليس لهم قول في سياسة بلدهم لأنهم ليسوا دافعي ضرائب.
من هنا فإن القول بأن قانون ضريبة الدخل الحالي يعفي أكثر من 90% من المكلفين بالضريبة ليس مفخرة، وليس إنجازأً للحكومة التي أعدت هذا القانون أو البرلمان الذي أجازه.
تستطيع الحكومة إذا شاءت أن تخفض معدلات الضريبة على محدودي الدخل، أما أن يصل الحال إلى إعفاء من يحققون دخلاً في حدود ألفي دينار شهرياً فليس مقبولاً.
في الأخبار الآن أن قانون ضريبة الدخل الجديد، الذي ستقدمه الحكومة إلى البرلمان، سيخفض الإعفاء من 2000 إلى 1500 دينار في الشهر وإن هذه الخطوة سترفع نسبة المكلفين بالدفع إلى 30%، أي أن الإعفاء سيظل يشمل 70% من المكلفين وهي نسبة ما زالت عالية، ولكن هناك من يعترض عليها لأنه يريد من الحكومة أن تعطي كل شيء دون أن تأخذ شيئاً.
الضريبة لن تأخذ ما زاد عن حد الإعفاء بل نسبة بسيطة منه قد لا تزيد عن 7%، وبالتالي فإنها لا تقصم ظهر المواطن، ولكنها تؤكد مواطنته وحقه في أن يقول للحكومة: ثلث الثلاثة كام؟.
ضريبة الدخل ضريبة تصاعدية مباشرة، وهي أعدل الضرائب على الإطلاق لأنها تميز بين الفقير فتعفيه والغني فتكلفه بالإسهام في تمويل الدولة بشكل متدرج حسب قدرته على الدفع، فهي التي تؤمن له الأمن وتحمي ثروته وممتلكاته.
يذكر أن تعديل قانون ضريبة الدخل الحالي، وتوسيع قاعدة الضريبة سيكون من شأنه رفد الخزينة بمبلغ 240 مليون دينار إضافي تعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعتبر خطوة مالية في الاتجاه الصحيح.