جميل النمري يكتب : شعار حلّ مجلس النواب!
أخبار البلد - إلى جانب المطالب والشعارات الأخرى المشتركة مع مختلف القوى والفاعليات، تنفرد جبهة العمل الإسلامي بالمطالبة بحلّ مجلس النواب.
لا أحد يأخذ على محمل الجدّ هذا الشعار، لكن يجب أن نتوقف معه قليلا لدلالاته السلبية الخطيرة على قضية الديمقراطية والتمثيل النيابي، في الوقت الذي تقدم فيه جبهة العمل الاسلامي أداء إيجابيا يتقاطع في معظم عناصره مع البرنامج الوطني العام للإصلاح الديمقراطي بعيدا عن الشعارات الأيديولوجية التقليدية، تماما كما يفعل هذا التيار الآن في مصر وتونس حيث يلتحق بالانتفاضة الاجتماعية الديمقراطية وينضوي سياسيا وميدانيا تحت شعاراتها المدنية الديمقراطية بتواضع ومن دون أيّ ادّعاء أو بحث عن التمايز السياسي والأيديولوجي، كما هو حال بقية القوى السياسية التي تشارك من دون أي ادّعاء خاص.
الدعوة لحلّ مجلس النواب تختلف عن الدعوة لانتخابات مبكرة كممارسة مألوفة في النظم الديمقراطية تأتي في سياق معروف مثل حصول حالة شلل وعجز عن تأليف حكومة، لأن الانتخابات السابقة لم تحسم الأغلبية لطرف ولم تتمكن أطراف المعادلة من التلاقي في حكومة ائتلافية، أو لأن حكومة كهذه فرطت بعد عمر معين وعجزت الأطراف عن بناء ائتلاف جديد، أو شبه ذلك من الأسباب التي تبرر لجوء القوى البرلمانية برضاها للعودة الى صناديق الاقتراع، أو لجوء من بيده الأغلبية لتبكير الانتخابات بسبب ظرف سياسي موات للفوز، وكلها سياقات لا تنتقص من مكانة السلطة التشريعية بل تؤكدها، وتؤكد سيادة القوى المنتخبة بوصفها المفوضة بالقرار. أمّا عندنا فما نزال نصارع لتكريس مكانة التمثيل الشعبي والمؤسسة النيابية، وهذا محور قضية الإصلاح والديمقراطية، فكيف نذهب بهذه الخفّة الى تقويض مكانة النيابة والتمثيل الشعبي فنطلب هكذا ببساطة "ترويح" مجلس ممثلي الشعب المنتخب للتو، وكيف يمكن غدا الاعتراض مبدئيا على حلّ أي مجلس قادم؟نحن لا نتذكر أن الجبهة طالبت بحلّ أي مجلس سابق، ولا حتّى المجلس الذي قاطعته العام 1997، بل إن الجبهة لم تطالب بحلّ مجلس العام 2007 الناتج عن انتخابات شهدت تزويرا غير مسبوق طاول بصورة مؤلمة مرشحي الجبهة الذين نجح منهم ستة فقط لم ينسحبوا ولم يقترحوا حلّ المجلس.
لا تقول الجبهة ما هي المبررات المقترحة لحلّ المجلس، مع أن المفهوم ضمنا هو عدم وجودهم فيه، لكن هذه مشكلتهم هم، فقد شاركت كل الاطياف السياسية والاجتماعية في انتخابات مشهود أنها الأكثر استقامة ونزاهة، ولنتحدث بالمعايير النسبية للحالة الأردنية، من بين كل الجولات التي جرت منذ العام 1989.
المنطق يختلف لو أن الجبهة تقترح الذهاب إلى انتخابات مبكرة حال التوصل إلى قانون انتخاب جديد عصري ومقبول من الجميع، باعتبار أنها تريد تسريع قطف الثمار الإيجابية للقانون الجديد. لكن لنتذكر أننا قبلنا، بعد أن أصبح أمرا واقعا، حلّ المجلس الماضي لاقترانه بالدعوة إلى انتخابات بقانون جديد، وأمضينا عاما من دون مجلس نواب، لنعود بقانون أسوأ من السابق أليس كذلك؟! إذن، لتتمهل الجبهة قليلا وتشدّ يدها أولا مع بقية قوى المجتمع لإنجاز قانون انتخاب جديد.