ما هكذا يكون الإصلاح..!!

ما هكذا يبدأ الإصلاح..

موسى الصبيحي

 

كثرة التغيير الوزاري في البلاد ظاهرة غير صحية، ففضلاً عن عدم الاستقرار الذي تُنتجه، فهي مكلفة جداً على خزينة موجوعة، تئن تحت وطأة مديونية لا يعرف الشعب الأردني كله من أين جاءت وكيف تراكمت، على الرغم مما ينوء به المواطن من أعباء ضريبية باتت تثقل كاهله، وتُسبب له حالة من النزق الاجتماعي الحاد تطورت إلى نزق سياسي بات يُعبّر عنه في المجالس والموارس..!!

لا يبدو أن كثرة تغيير الحكومات بات يرضي الناس، على الرغم من مطالبات حثيثة بترحيل هذا الرئيس أو ذاك، فالأنظار تتجه نحو آفاق الإصلاح الحقيقي الذي يمكن أن تجترحه إحدى هذه الحكومات، ويرقب الشعب المحتقن حالة التغيير بما تحمله من عدم تمكين أي حكومة لتنفيذ برامجها، إن كانت لديها برامج..!! ومثلما تتوارث الحكومات بعضها، في حمل أمانة المسؤولية، وأعباء "سلة" المشكلات المتفاقمة، نرى أن التشكيلات الوزارية بما تحمله من شعارات إصلاحية فضفاضة، لم تعد تعكس الشعور الحقيقي الشعبي بأهمية وضرورة الإصلاح.. قدرات ومجالات ورؤىً وآفاقاً ورجال إصلاح..!!

ويتساءل كثيرون من أبناء هذا الشعب الطيب: إلى متى..!؟

تتوارد الأسماء تباعاً، بعضها يأتي ثم يغيب ثم يُطل من جديد..!! مراحل بعضها تحرق الأخرى، والسلة تنتفخ بما فيها من مشكلات واحتقانات على كافة الصُعُد اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، حتى لقد أمسى المناخ ملوثاً، ومنْ يُبصر النقاء، ستضره الملوّثات وقد يفقد البصر..!!

الأصدقاء يعبرون عن أشواقهم في أحاديث مقهىً عابرة، وينفثون دخان "أراجيلهم" ومعه تُحسّ بآهاتهم وهم يتألمون على أوضاع وطنهم، وقد سرقتهم ساعات ذهبية، يلعبون الورق، يهربون من نظرات أبنائهم، ويمعنون في التفكير بما قرأوه من بيانات سياسية لم تعد تفرق بين الأخضر والأحمر..!!

قالوا هي الأحزاب تشارك في حكومات على مزاجها، وتقاطع على مزاجها، ويزعم بعضها أنها إصلاحية..!! هل اختبروا برامجها.. أو سألوا عن أشخاصها حتى يسوقوا لها المسوّغات، ويقدموا لها القرابين والأضحيات، ويسبغوا عليها شرعية الوزارات..!!؟ أخذوا يقهقون بسخرية غير مسبوقة.. يا لهذه الأحزاب كيف تسوّغ لنفسها المشاركة أحياناً والمقاطعة أحياناً أخرى، كيف تبرر الجريمة حيناً، وتطالب بمحاكمة المجرم حيناً..!! لم تعد الكثير من المفاهيم واضحة، وغدت كلمة الإصلاح ممجوجة، بات بعضنا يستحيي من لفظها.. فقد أفرغوا كل حرف فيها من مضمونه، وبات كلمة وزارة هي الأخرى موضع سخرية.. ما بعدها سخرية..!!

هل تتمنى يا صديقي أن تكون وزيراً في حكومة سترحل بعد أشهر..!! لا أتكلم هنا عن حكومتنا الجديدة، الكلام ينسحب على أغلب الحكومات الناشئة الراحلة والقادمة..!! أجاب: لقد قبلت بالوزارة من أجل اللقب.. الوجاهة تعني لي الكثير..!! أما الإصلاح وشرف الخدمة العامة فأمره يطول.. وللناس في حلقه شؤون.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.