هل يستقيل.. الجربا؟
يبدو السؤال -للوهلة الاولى-غريباً أو في غير محله, وبخاصة ان رئيس ائتلاف المعارضة السورية الشيخ احمد عوينان العاصي الجربا, بات نجماً تلاحقه الفضائيات ورجال الاعلام, فيما يُستقبل في عواصم صنع القرار الدولي ويحظى بالرعاية والعطف بل يُعطى «صدر» جامعة نبيل العربي, في خرق فاضح لميثاق هذه الجامعة التي لم تعد جامعة بل تم توظيفها في لعبة المحاور العربية, التي هي بدورها جزء من لعبة الغرب الاستعماري, الساعي الان باستماتة لإعادة رسم خرائط المنطقة والغاء فكرة العروبة واطاحة ثقافة السيادة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقلة ودائماً في رفض الهيمنة وسياسة الاستتباع والارتهان التي جسدتها انظمة الاستبداد والقمع العربية, عندما تم الاستيلاء على «السلطة» بدعم من دوائر الغرب الاستعماري الاستخبارية والعسكرية, وانخراط الطغم الفاسدة في تحالف استراتيجي مع اصحاب الثروة ووكلاء الشركات الاجنبية متعددة الجنسية والشعارات, كي تنهب ثروات العرب وتُفقّر شعوبهم وتربط مصائر الحكام بقرار سادة البيت الابيض او قصر الاليزيه او «10» داوننغ ستريت..
ما علينا..
للسؤال اعلاه ما يبرره, وليس بالضرورة أن «يبادر» سيادة الشيخ بتقديم استقالته, بل على الارجح سيُقال أو يُستقال, لأن المرحلة الجديدة التي تستعد المعارضات السورية عبورها تستدعي ذلك, بعد أن اختار الجربا «اقرأ مشغلوه» أن يقاطع جنيف 2, وان يكرر «لاءاته» من على منبر جامعة نبيل العربي, رغم أن المجلس الوزاري «العربي» كان قد اعلن تأييده عقد جنيف 2 (دع عنك استطراداته وصياغته الخشبية, التي لا تعني احداً في موسكو أو واشنطن).
نحن إذاً امام مشهد متناقض (في الشكل ربما وليس بالضرورة في المضمون, اللهم إلاّ إذا كان من يقف خلف الجربا قد قرر الذهاب الى نهاية الشوط).
لكن ما يلفت الانتباه هو خروج برهان غليون (ما غيره) على وسائل الاعلام مباشرة وفي القاهرة, بعد ان كرر الجربا لاءاته واعلن رفض «الإئتلاف» الذهاب الى جنيف2 ليقول (غليون) ان هذا القرار ليس قرار الائتلاف وان رئيس الائتلاف ليس من حقه اتخاذ قرار كهذا, بل ان المجلس التنفيذي للائتلاف هو صاحب القرار في ما اذا كان الائتلاف سيذهب الى جنيف2 ام يقاطعه.
غليون.. كما اثبتت الايام ووقائع الاحداث وسيرة ومسيرة المعارضات السورية, بدءاً بمجلس اسطنبول (المغدور) وليس انتهاء بالائتلاف مرورا بكل المجالس والهيئات والجبهات والتنظيمات والكتائب التي تعجّ بها الساحة السورية داخليا وفي الخارج وخصوصا في مآلات «الجيش الحر» الذي جرى تضخيمه والنفخ فيه على نحو بدا وكأنه جيش حقيقي خاض كل معارك تحرير سوريا ولم يبق عليه سوى الاجهاز على العاصمة دمشق (بعد ان احكم الطوق حولها وأعلن معركة تحريرها اكثر من مرة) كي يدخل الثوار عاصمة الأمويين بقيادة ديغول سوريا اللواء سليم ادريس وبمعونة هيئة اركانه العرمرمية وعلى رأسها الجنرال عبدالجبار العكيدي (الذي استقال يوم اول من امس) وليس العقيد المؤسس رياض الاسعد.
نقول: غليون لا ينطق عن الهوى، بل هي شيفرات ورسائل نصّية عاجلة وصلت هاتفه النقال او كان تلقى «توجيهات» مسبقة قبل دخوله وفخامة الرئيس الجربا قاعة جامعة الدول العربية للالتقاء بوزراء الاجتماع «الطارئ» الذين جاؤوا من بلاد العرب كي «يحسموا» موقفهم من جنيف2 وكأن العالم ينتظر قرارهم أو كأنهم سيقلبون الطاولة اذا ما قالوا «لا» لجنيف2 وعندها سيهرع اليهم الثنائي الدبلوماسي الاشهر عالمياً لافروف-كيري.
رفع برهان غليون الكارت الاحمر في وجه الجربا, وربما يشي ذلك بجلسة ساخنة او مصيرية (اذا شئنا المبالغة) بالنسبة لمستقبل الائتلاف لأن هناك من بدأ يغير موقفه من جنيف 2 بعد التطورات الميدانية على الساحة السورية وبعد الهزائم التي لحقت بالمتمردين في دمشق وحلب, ناهيك عن تذبذب موقف كتلة مجلس اسطنبول التي يرأسها جورج صبرا وكان الاخير قد هدد بالانسحاب من الائتلاف اذا ما وافق على الذهاب الى جنيف 2 ويبدو انه متعلثم الآن ومرتبك بعد ان تلقى اشارات من الرعاة بأن «يتريث».. وبخاصة ان تركيا اردوغان قد بدأت عملية استدارة تبدو بطيئة لكنها مؤكدة.
الشيخ احمد الجربا قد ينتهي الى ما انتهى اليه «الشيخ» الذي سبقه, اقصد احمد معاذ الخطيب، لكن السؤال الأهم هو ما المصير الذي ينتظر الائتلاف؟..
.. تجاهلوا الجامعة العربية.. اذا ما بحثتم اجابة مقنعة..