ما الذي تريده الحركة الإسلامية؟

نفهم انه ليس بوسع الحركة الاسلامية التفاهم مع اية حكومة اردنية او المشاركة فيها حتى لو جاءت جديدة بالكامل ولم تخضع للتقييم، او قديمة ومجربة وخرجت لاحد او لمجموعة الاسباب التقليدية المعروفة لاقالة الحكومات، ونفهم ايضا ان استراتيجية رفض حكومة البخيت من حيث المبدأ مصدرها ليس شخص الرئيس - كما قال بيان حزب الجبهة - ولا الخلاف مع كافة مؤسسات الدولة حول قانون الانتخاب المؤقت، ولا تجاهل الحكومة السابقة الحوار معهم، وبالرغم من اعلان الحركة انها ستبدأ ما اسمتها ( المعارضة الخشنة) بعد اسبوعين فقط من الانتخابات، الا ان ثمة ما يشير الى وضع هذا النهج الجديد – على الاقل في الاردن – موضع التنفيذ قبل ذلك الوقت بكثير, وتحديدا منذ تدني شعبية الحزب والجماعة المرتبط اساسا بالعلاقة مع حركة حماس وما آلت اليه احوال الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بعد ان اصبحت حماس طرفا في المشكلة لا جزءا من الحل,وما هي الا محض صدفة ان حماس دخلت بيت الحكم والسلطة بعد عدة شهور فقط على تشكيل حكومة البخيت الاولى عام 2005 .

واضح ان الحركة الاسلامية امام خيارين لا ثالث لهما، فاما العلاقة السلمية مع النظام والحكومات في مقابل تدني الشعبية بين اوساط الناس، واما الاعتراض ورفع سقف تحدي السلطة الى مستوى ( المعارضة الخشنة) لكسب الشارع,وهذه ايضا لم تعد مضمونة العواقب، ومن غير الواضح ما هي حدود هذا النوع من المعارضة ولكنها – حسب قيادي في الحركة – لن تتجاوز حدود الخروج الى الشارع وممارسة شتى فنون الرفض لكل ما هو حكومي ورسمي وتوافقي يمهد الطريق امام الحكومة الجديدة لتنفيذ برنامج الاصلاح، وتعلم الحركة الاسلامية تماما ان هذا هو زمن المعارضة والخروج الى الشارع نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها المجتمعات العربية، ولذلك تتمسك الحركة الاسلامية بطلبات تعجيزية تحرص من خلال طرحها في قائمة اشتراطات على التمسك بمبررات البقاء في حالة توتر مع الحكومات، وتجد لنفسها ولمن يؤازرها في هذا الظرف الصعب مبررا للتظاهر والاعتصام مرة كل اسبوع على الأقل بعد صلاة الجمعة، ليس بهدف اسقاط الحكومات وانما بهدف اثبات الذات وتجميع الشمل وترتيب البيت الاخواني على اسس تضمن نتيجة حاسمة في الانتخابات القادمة التي تعرف الحركة – بحكم علاقاتها الوثيقة في الداخل والخارج - انها ستجرى بموجب قانون جديد يعيد الى المشهد السياسي الاردني ما جرى عام 1989، ولكن النجاح حتى في مثل هذه الظروف ووفق القانون الجديد المتوقع اقراره قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية, يحتاج الى اصوات انتخابية وشعبية مصدرها دغدغة عواطف الناس واستخدام سياسي واسع النطاق للدين وللشعارات المباشرة وتجاوز شعار (الإسلام هو الحل) الى شعارات تفصيلية.

لذلك كله ترفض الحركة الاسلامية الخوض في اي حوار مع الحكومة، او مع مجلس النواب، وقد رفضت بالفعل اهم دعوة وجهت لها حتى الآن من اللجنة القانونية للمشاركة في مناقشة قانون الانتخاب الجديد الموضوع حاليا على طاولة البحث والنقاش ويأخذ صفة الاستعجال بطلب مباشر من الملك, وسبب هذا ( الحرد) الحرص على ابقاء الحركة الاسلامية خارج اي وفاق داخلي يلزمها بالانسجام مع مصالح الوطن والناس، ولذلك ترفض الحركة الاسلامية المشاركة في هذا الحوار المهم والمنتج لو تلاقحت الافكار والاراء حول قانون انتخاب عصري, وما تسعى اليه الحركة الحفاظ على ثغرة الاجماع مفتوحة، فاذا دخلت الحوار حول القانون عليها ان تقبل النتائج، وليس في بيتها ان تفعل، بل تصر – كما تشير الى ذلك التصريحات والبيانات - على استمرار نهج الاعتراض الخشن بتنظيم التظاهرات والاعتصامات وتحريض الناس على رفض القرارات والاجراءات والمستجدات التي حدثت في البلد منذ شهر والى الآن مشترطة حل البرلمان وانتخاب رئيس الوزراء في اشتراط تعجيزي بالنظر الى ما يتطلبه الشرطان من قرارات وتشريعات وعمل ووقت، واولا وقبل كل شيء الى حكومة وبرلمان قائمان لانجاز المهمة، ومع ذلك افصحت الحركة عن نواياها الحقيقية برفضها الصريح للحكومة الجديدة حتى قبل تشكلها في مفاجأة صارخة سيكون لها صداها بين اوساط الاردنيين الذين بدأوا يتساءلون عما تريده الحركة الاسلامية بالضبط، فاذا كانت رفضت الحوار مع النواب لتغيير ونسف قانون الانتخاب المؤقت ووضع قانون آخر يجمع الاتجاهات السياسية كلها، ورفضت الحوار مع الحكومة السابقة فازيحت من طريقها في استجابة ملكية عززت انحياز القيادة في هذا البلد للشعب ولخياراته، واذا كانت الآن ترفض القبول بالحكومة الجديدة,الا يطرح كل ذلك السؤال الكبير والمهم وربما الخطير في هذه المرحلة الحرجة بالنسبة لنا جميعا، ما تريد الحركة الاسلامية، او بصيغة اكثر وضوحا، ما الذي يشجع الحركة الاسلامية على رفع درجة الانذار الى اللون البرتقالي؟