التاريخ بين مهيار والمجالي

خلال الشهر الفارط فقدنا اللواء حكمت مهيار الذي عاصر وطنه من المملكة الأولى إلى المملكة الرابعة ... من الشرطة في عمان الصغيرة إلى قاطع الخليل يشارك عبداللة التل الحيلة على كلوب باشا لتنظيف أربعة مستعمرات صهيونيّة بين القدس والخليل والقدس وتل أبيب ... كان كلوب يريد فتح الطريق فقط ولكن حكمت مهيار أخبره أن إحدى قوافله تتعرض لنيران المستعمرة فسمح الباشا أبو حنيك بالاشتباك ... تحرك حكمت مهيار بسرية مشاة ومفرزة مصفحات ومئات المناضلين الفلسطينيين وجاء عبدالله التل ببقية رجال الكتيبة السادسة وكانت النتيجة تدمير مستعمرات كفر عصيون ومسوث ورفيديم وعين تسوريم ... وأخذ الأحياء من مقاتليها ( 300 ) أسرى إلى أم الجمال .

تواضع الباشا حكمت مهيار في رواية دورة في تلك المعركة عندما أورد أحداثها في مذكراته . ولكن الباحثين لاري كولينز ودومينيك لابيير أبرزا جهوده بالتفصيل في كتاب يا قدس الذي جمعا مادته في ثلاثة أعوام وكتباه في العام الرابع بعد مقابلة 497 شخصية من العرب واليهود والإنجليز ورجال الأمم المتحدة ... نشر الدكتور بكر خازر ألمجالي في عمون الالكترونيّة بتاريخ 31/ 10/ 2013 مقالا روى فيه على لسان أبي مطيع رواية صعبة التصديق على الباحث والمتابع ... ملخصها أن الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين كلف الرئيس ( نقيب حاليا ) حكمت مهيار عام 1944 تقريبا باختيار 30 جنديا بطول حكمت 190 سم وبقيافته للمشاركة في احتفالات عيد جلاء الفرنسيين عن سوريا ... وجدوا أنفسهم معزولين في دمشق ورتبت مسيرتهم دون رفع العلم الأردني كما هو حال بقية الوفود العربيّة المشاركة ... إلاّ أن الجمهور انضم لمسيرتهم وبرزت الأعلام الأردنيّة بترتيب من الطالب هزاع ألمجالي والطلبة الأردنيين في جامعة دمشق الذين كانوا على علم بما خططت له القيادة السوريّة التي اعتذرت عن استقبال كتيبة لمشاركة الأردن خوفا أن تكون طليعة لقوات أردنيّة تغزو دمشق لتحقيق سوريا الكبرى ( انتهى نقل الدكتور بكر خازر ألمجالي عن الباشا حكمت مهيار الذي نشك كثيرا انه رواها ) ... ففي مذكراته التي حررها الباحث عمر نزال العرموطي تفاصيل دقيقة مطابقة تماماً لمذكرات من كتبوا عن سنوات التأسيس . عبدالله الأول بن الحسين . علي أبو نوار . هاني الدحله . نجميه حكمت . صادق الشرع . زيد حمزة . عبد السلام ألمجالي . نبيه أرشيدات . مثقال الفايز وغيرهم ... لم يذكر الباشا حكمت مهيار قصة مشاركة الأردن في احتفالات عيد الجلاء عن سوريا وهو صاحب الذاكرة المتميزة التي رصدت عين ماء مكان البنك العربي وسط البلد وذهاب الوزراء وكبار ضباط الجيش إلى عملهم سيرا على الأقدام الخ ... من المفيد أن نذكر أن آخر جندي فرنسي غادر سوريا في السابع عشر من نيسان عام 1946 وأن هزاع ألمجالي تخرج من كلية الحقوق بدمشق في حزيران عام 1946 أي بعد شهرين من الجلاء ... حينما احتفلت سوريا بأول عيد للجلاء كان هزاع محاميا في الكرك وعمان وإربد والطفيله . ثم موظفا في تشريفات الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين بينما في عام 1944 كان حكمت مهيار في الحامية الأولى في حيفا ثم في الحامية الثانية ببغداد ثم إلى الحامية الأولى بفلسطين . عام 1945 مساعد قائد شرطة العاصمة وعام 1946 قائدا لدرك عجلون وعام 1947 كان على مفترق طرق غزة ... يافا ... القدس ثم قائدا لقطاع الخليل وعام 1948 كان قائدا لمعسكر الأسرى في أم الجمال .... بما أننا أمام جيل ممسوح الذاكرة تاريخيا . فقد اقتضى التصحيح حفاظا على ما تبقى من الحقائق